حافظ "الجبليون" على عدّة الفلاحة التقليدية من أجل زراعة كرومهم وحواكيرهم، ومع اشتداد الوضع الاقتصادي وقلة المحروقات؛ عاد هذا النوع من الفلاحة إلى الواجهة كأمر واقع، جلب معه الخير لأصحاب الكروم والعاملين فيه على حد سواء.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 19 حزيران 2015، الشاب "خيرات الغوطاني" المولود في قرية "طربا"؛ الذي تحدث عن مهنته الجديدة بالقول: «هذه المهنة لم تنقطع بصورة نهائية في مناطق الجبل، وخاصة تلك التي تتسم بالوعورة والعلو الشاهق، فليس للآلة الزراعية فوائد تذكر في هذه الأماكن، إن لم يكن وجودها مؤذياً ومضراً للأرض والمحصول إن كانت أشجاراً مثمرة أو محاصيل حقلية، ويعتمد الفلاحون على حراثة المواشي على مدار العام ضمن أوقات معروفة تكون فيها ذروة العمل في الحقول، فبعد أن ينتهي الموسم يجب فلاحة الأرض لقلبها وتحضيرها من أجل موسم جديد وهي السكة الأولى التي تريح الأرض وموعدها بين التشرينين، أما الثانية فتأتي في إحدى الكانونين في حال كانت الأرض قابلة للفلاحة، ومنهم من يتركها إلى شباط، والثالثة في نيسان، أما الرابعة فهي تخضع للفلاح، ولا يمكن الجزم فيها بسبب غلاء الفلاحة، وأعتقد أن ما أثر بمهنة الفلاحة على المواشي في السابق هو الوقت فقط، لأن الفلاح كان يقضي أغلب أشهر السنة في العمل من دون راحة إلا في أوقات الشتاء، ومنذ البداية اكتشف ضررها على الأرض والأشجار والمحاصيل على الرغم من معالجة ذلك من خلال التقليل من وزن الجرارات الزراعية، وتطوير "دسك الفلاحة"».

كان المزارعون يعتمدون على البهائم اعتماداً كلياً حتى وقت قريب، وهذه الحالة كانت تتم لأشهر طويلة حيث اتفق الناس على ترك تلك البهائم تسرح وحيدة بعد انتهاء عملها طمعاً بتوفير طعامها في الشتاء، وعندما اشتدت الأزمة الأخيرة ارتفعت أسعار المواشي ارتفاعاً جنونياً، وانقطع المازوت فجأة فوجدنا بهائمنا ثروة كبيرة بين أيدينا لكوننا احتفظنا بها وتوالدت مع الزمن، ومع حاجتنا إلى العمل وغلاء المعيشة جاءت تلك المخلوقات لتنقذنا من البطالة، وعاد الفلاحون ليطلبون عملنا من جديد، ونحن نعمل من دون كلل حيث يبدأ نهارنا منذ الصباح الباكر حتى الساعة الثالثة عصراً موعد استراحة البهائم وسقايتها، ويعدّ ذلك عمل يوم كامل ننال عليه أجرة معقولة يعتقد بعضهم أنها كبيرة لكن مقارنة مع الجرارات فهي مناسبة

باتجاه الزريبة المقابلة لمنزله يخرج "خيرات" البهائمَ؛ متوجهاً بها نحو حقول القرية الغربية ليقوم مع صديقه "واثق الزرعوني" القادم للعمل من قرية "الطيبة" المجاورة لفلاحة أحد الحقول بعد طلوع الشمس بقليل، ليكسبا رزقاً معقولاً ويعيلا أهلهما ويعيشا حياة كريمة، يقول "واثق" عن سبب العودة الكبيرة للحراثة بواسطة البهائم: «كان المزارعون يعتمدون على البهائم اعتماداً كلياً حتى وقت قريب، وهذه الحالة كانت تتم لأشهر طويلة حيث اتفق الناس على ترك تلك البهائم تسرح وحيدة بعد انتهاء عملها طمعاً بتوفير طعامها في الشتاء، وعندما اشتدت الأزمة الأخيرة ارتفعت أسعار المواشي ارتفاعاً جنونياً، وانقطع المازوت فجأة فوجدنا بهائمنا ثروة كبيرة بين أيدينا لكوننا احتفظنا بها وتوالدت مع الزمن، ومع حاجتنا إلى العمل وغلاء المعيشة جاءت تلك المخلوقات لتنقذنا من البطالة، وعاد الفلاحون ليطلبون عملنا من جديد، ونحن نعمل من دون كلل حيث يبدأ نهارنا منذ الصباح الباكر حتى الساعة الثالثة عصراً موعد استراحة البهائم وسقايتها، ويعدّ ذلك عمل يوم كامل ننال عليه أجرة معقولة يعتقد بعضهم أنها كبيرة لكن مقارنة مع الجرارات فهي مناسبة».

الفلاحة في أرض صعبة

المزارع "ماجد الخطيب" من أهالي قرية "طربا" تحدث عن الفارق بين حراثة الأرض عن طريق البهائم، وبين الآلات الحديثة، وميزات كل واحدة منها، فقال: «لا شك أن الآلات الحديثة قد صنعت الكثير للفلاحين، وخاصة أولائك الذين لديهم مساحات واسعة، وأرض بعيدة، وما وفرته من وقت كبير كنا نقضيه في الفلاحة من الصباح حتى المساء، لكن الجرارات الزراعية لها سلبيات كثيرة مثل وزنها الكبير الذي يأخذ جزءاً من الأرض من أجل حركة الجرار في الذهاب والإياب، وكذلك خطرها على الشجر المثمر في الربيع، وعدم التخلص من الأعشاب الضارة لكبر السكة، وجاءت أزمة المحروقات لتضيف عبئاً جديداً على الفلاحين، حيث بتنا نشتغل لكيلا نترك الأرض بوراً، غير أن تلك البهائم لا تحتاج سوى الماء والطعام المتوافر في الحقول، وكانت أسعارها قليلة ويمكن أن تجدها في البرية، وهي تفلح البساتين بسلاسة، ولا تترك أي أثر للأعشاب، وحنونة على الأشجار والكرمة، لكن تبقى أجورها عالية لأنها لا تستطيع الإنجاز بكميات كبيرة وتتعب في النهاية، إلا أن وجودها سهّل علينا الكثير وبإمكان أي شاب أو فلاح العمل عليها في حال توافرت أدوات الفلاحة».

استراحة المواشي عند نبع "السكر"
خيرات الغوطاني