تمت زراعة الصبار في "السويداء" بشكل متفرق في القرى الغربية والشمالية، لكن انتشاره الحقيقي كان في منتصف التسعينيات ضمن حدائق المنازل طلباً لثمرة لذيذة وألواح فيها الشفاء.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 أيار 2015، رصدت واقع انتشاره بين القرى والمدينة، وأضاءت على طرائق استثماره والاستفادة منه كثمار وألواح، فكانت البداية مع المزارع "محمد شرف الدين" من قرية "المزرعة"، الذي قرر العمل بطريقة غير تقليدية للتعامل مع الصبار كنبات وحيد في مزرعة تصل مساحتها إلى دونمين ونصف الدونم، رغبة منه بالاستثمار الزراعي، وفق حديثه الذي ضمنه مبررات الزراعة وفائدتها التي جعلته متابعاً لهذا العمل المربح، يقول "شرف الدين": «نبتة الصبار محببة لدى أهالي "السويداء"، وقد لا تخلو حديقة منزلية قديمة أو حديثة منها، تشغل في الأغلب نهايات الحقول وتجاور الأسوار، وقد استفاد منها بعضهم كبديل من الأسوار لحماية الكروم والبساتين، وبالنسبة لي فقد سورت بها كرم زيتون في محيط قريتي "المزرعة"، وكنت في مرحلة سابقة قد زرعت ما يزيد على مئة وخمسين غرسة منها في قطعة أرض وسط القرية بغية استثمارها، وكانت خياراً مناسباً أظهرت نتائجه أهمية هذا النبات وفائدته، والأهم من ذلك سهولة رعايته ومروده الاقتصادي العالي الذي كان له أثر كبير في حياتي.

إلى جانب الثمار المغذية للإنسان؛ فإن ألواح الصبار تجفف وتستخدم كعلف للماشية، ويصل وزن اللوح إلى 2كغ، وهذا يؤخذ من التقليم ويصنع منه مكعبات العلف، كما تستخدم قشور الثمار في العلف أيضاً، حيث تجفف الألواح والقشور وتطحن وتستخدم حين الحاجة علفاً أخضر بمعدل 2كغ إلى 8 "تبن"، ويبلغ إنتاج الدونم من العلف الأخضر في السنوات جيدة الأمطار من 2 إلى 3 طن

هذا الكرم منذ ثماني سنوات ولغاية الموسم الفائت أثمر جيداً، حيث يبدأ التسويق بداية الشهر الثامن، وفي الأغلب لا أسوق إلا القطفة الأولى، والصبار يستمر لغاية الشهر التاسع، لكن الثمار المميزة تكون بالقطفة الأولى، وقد تعودت تسويق هذه الثمار في "دمشق"، إذ أنقلها بما يعادل 23 صندوقاً يومياً، وكل عام نحصل على أسعار متميزة لكون الثمرة مطلوبة، وخلال الأيام الأولى يرتفع السعر ولذلك مردود جيد، وبالنسبة للعامين الفائتين فقد سوقت المنتج ضمن محافظة "السويداء" وكانت النتائج مرضية أيضاً، وبالنسبة لي فهو مشروع ناجح ومربح وصل إنتاجه في عدة أعوام إلى ستة أطنان».

المزارع محمد شرف الدين

عن طريقة الرعاية وتكاليفها يضيف بالقول: «زراعة الصبار ميسرة وغير معقدة، فهي بالبداية لا تحتاج إلى كثير من المعرفة، ويكفي أن نقدم لها الماء ما بين شهري حزيران وتموز لنحصل على موسم جيد وثمار حلوة المذاق وكبيرة الحجم، ولا تحتاج إلى أي نوع من المبيدات، بالتالي التكاليف محدودة، لكن عملية القطاف تمتاز بالصعوبة بفعل الأشواك؛ لكن مع الزمن بتنا نتعامل بطرائق وجدتها الأنسب والأسرع؛ فأستخدم الأكياس مثل أكياس الشيبس والقهوة السميكة وأضعها في يدي لأقطف قرابة 400 كيلوغرام خلال ساعة واحدة، وفي الأغلب أقطف من دون مساعدة؛ لأنني تعودت هذا العمل الذي عاد علي بالخير والفائدة».

يتحمل العطش والجفاف لكنه غير مقاوم لدراجات الحرارة المنخفضة، وهذا ما حدّد انتشاره في المناطق الغربية في المحافظة؛ وفق حديث المهندس الزراعي الخبير "كمال العيسمي" الذي قال: «الصبار موجود في المنطقة منذ القدم، لكن انتشاره الواسع كان منتصف التسعينيات، وأشهر مواقع زراعته في مدينة "السويداء" وقرى "ولغا، الثعلة، المزرعة"، فهو يتحمل الجفاف والعطش والبرودة، ويعيش على 200مم أمطار، والجدوى الاقتصادية جيدة، يلائمه الارتفاع من 200 لغاية 500 متر عن سطح البحر، ولا يناسبه الارتفاع أكثر من 1200 متر، وهذا ما جعله ينتشر في المناطق المذكورة، لكونه لا يتحمل الصقيع أو تراكم الثلوج لأكثر من يومين، كما حدث في "السويداء" هذا العام حيث جفت كل أشجار الصبار من الصقيع.

مزرعة محمد شرف الدين

عملية زراعة الصبار سهلة، ويكفي أخذ لوح أو اثنين ووضع نصفه ضمن التراب بشكل مائل، والزمن المفضل للزراعة الشتاء والربيع، ويزهر ويثمر في حزيران وحتى نهاية آب وأيلول، ثمرته غنية بالفيتامينات والأملاح المعدنية ويستخدم في صناعة الجل والمربيات، وثماره مطلوبة في أوروبا والخليج العربي خاصة الأنواع البلدية، ومن أنواعه المنتشرة على المستوى المحلي "الحضاري"؛ لونه أخضر وثمرته حلوة مكتنزة وأشواكه قصيرة، و"الشوكي" ولونه أحمر ووردي وثمرته متطاولة وأشواكه طويلة،

وأهم ما يميزه عدم حاجته إلى العناية، وهو قليل الإصابة بالأمراض والحشرات، وفي بلادنا لم تشاهد عليه آفات فطرية أو حشرية.

المهندس كمال العيسمي

ينحصر تقليمه في آذار بإزالة الألواح المنكسرة والتالفة والمتدلية نحو الأرض، والصبار يحمل على ألواح تكونت في العام الماضي، وفي منطقتنا يسمده المزارعون برماد المواقد لحاجته إلى العناصر المعدنية، ويفضل تسميده في شهر حزيران بالبوتاس بمعدل 100غ للشجرة من أجل تكوين الثمار، ولا يحتاج الصبار إلى سماد عضوي لأن ألواحه المتفسخة تكفيه».

الصبار مطلوب لصناعة العلف، يضيف "العيسمي": «إلى جانب الثمار المغذية للإنسان؛ فإن ألواح الصبار تجفف وتستخدم كعلف للماشية، ويصل وزن اللوح إلى 2كغ، وهذا يؤخذ من التقليم ويصنع منه مكعبات العلف، كما تستخدم قشور الثمار في العلف أيضاً، حيث تجفف الألواح والقشور وتطحن وتستخدم حين الحاجة علفاً أخضر بمعدل 2كغ إلى 8 "تبن"، ويبلغ إنتاج الدونم من العلف الأخضر في السنوات جيدة الأمطار من 2 إلى 3 طن».

استخدمه أطباء الأعشاب؛ حيث استخلصوا من ألواحه مستحضرات علاجية تحدث عنها "وليد حمزة" صاحب متجر ومتخصص بالطب الشعبي: «الثمار مغذية، لكننا في العلاج نستخدم الألواح؛ حيث نقشرها للتخلص من الشوك، ونقوم بهرسها أو عصرها للحصول على خلاصة غنية بعدة عناصر تفيد لعلاجات موضعية للأعصاب والمفاصل، والمادة الهلامية مطلوبة وتدخل في عدة مواد نصنعها لعلاجات الشعر والجلد، ويستفاد منها في صناعة الجل الطبيعي ولها احتياجات كثيرة لا يمكن حصرها، ومن الطب القديم استفدنا من أفكار كثيرة أهمها أن ألواح الصبار التي تقشر يمكن استخدامها كـ"لزقات" على مكان الألم في الظهر والمفاصل، وقد اتبعنا التجربة واستفاد كثر من هذه العملية، لذا فالألواح مطلوبة بكثرة.

واليوم وبعد إتقان النساء لصناعة الشامبو المنزلي لاحظنا الطلب الكبير على الألواح، حيث تعصر بعد التخلص من الشوك وتستخدم لصناعة الشامبو المعالج لضعف بصلة الشعر ومعالجة التساقط، بالتالي فإن الصبار شجرة يمكن الاستفادة منها بالكامل؛ وهذا ما شجع على زراعتها وانتشارها هذه الأعوام لأننا في مراحل سابقة كنا نبحث عنها في القرى، ولم يكن يتوافر إلا بكميات قليلة لا تفي بالغرض».

الجدير بالذكر، أن البذور في حبة الصبار -وفق الدراسات- لا تزيد كثيراً عن 40 بذرة، ولا يختلف عددها من حبة إلى أخرى إلا بفارق بسيط، ووفق تجربة المزارعين؛ هناك فرصة لإطالة أمد القطاف بقطف الأكواز -أي الحبات الصغيرة- وتسميد الشجرة بالسماد الآزوتي فتنتج فوج إزهار ينضج في الخريف، وكثيرون من الفلاحين يطبقون هذه العملية للحصول على ثمار أكثر.