أسست لمشروع على مستوى قريتها، ولكن النجاح كان حليفها لينتشر على مستوى محافظة "السويداء" بأكملها، فهي اليوم صاحبة مشروع نوعي للعمل اليدوي المتميز؛ يقدم فرص عمل لأربعمئة وخمسين سيدة وفتاة متوزعات في معظم قرى المحافظة.

السيدة "سهام عامر" من قرية "أم الزيتون" في محافظة "السويداء"، سيدة متميزة استطاعت وبزمن قياسي إثبات نفسها في سوق العمل.

تربطني مع السيدة "سهام" علاقة صداقة قوية، فهي إنسانة مميزة تعشق العمل وتقدره، وقد تعلمنا منها الكثير فالمشروع الذي أسسته، ساهم بخلق فرص عمل لعدد كبير من السيدات والفتيات، فالعمل في منازلنا وهو سهل وممتع وبأجور جيدة

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 أيار 2015، التقت السيدة "سهام عامر" في قريتها "أم الزيتون"، في محاولة لتسليط الضوء على إبداعات المرأة السورية وتميزها، تقول عن شغفها بالعمل اليدوي وبداية تأسيس المشروع: «بدأ مشروعي عام 1991، فأنا أحب العمل اليدوي منذ الصغر وقد عملت في الحياكة وتطريز المفارش أسوة بفتيات محافظة "السويداء"، فالعمل اليدوي رائج في محافظتي، وبالمصادفة أثناء وجودي في العاصمة "دمشق"، سألت أحد التجار عن إمكانية العمل، فطلب مني أن أقوم بتطريز "جاكيت" صوف كنموذج عمل ليشاهد مستوى المهنية، وبالفعل نالت إعجابه، واتفقنا على البدء بالعمل، فكل مسطرة أقوم بتجهيزها نطرزها لعدد معين من القطع الصوفية، حسب الكميات التي يحددها صاحب العمل في "دمشق".

"سهام عامر"

بدأت بثلاث وعشرين قطعة طرزتها بمفردي بمساعدة إحدى فتيات القرية، وبدأت أجمع الفتيات وأعلمهم كيفية العمل، خصصت مكاناً في منزلي لأستقبل فيه الفتيات ليقمن بنقل رسوم التطريز ويأخذن الكمية التي يرغبن بشغلها ويعملن في منازلهن، كان العمل لمدة محدودة؛ لأنني كنت دقيقة في مواعيد تسليم العمل من أجل الاستمرار، وقد ازداد عدد الفتيات وازدادت كمية العمل تدريجياً».

مشروع التطريز لم يقتصر على قرية "أم الزيتون" بل اتسع ليشمل عدة قرى في محافظة "السويداء"، أما عن الترويج فأضافت السيدة "سهام": «أنا متزوجة في قرية "أم الزيتون" وأهلي في قرية "حزم" ساعدوني بالترويج لعملي، وعن طريق الأصدقاء والمعارف بدأت التوزيع لمدينة "شهبا" والقرى المحيطة بقريتنا مثل: "السويمرة، المتونة، الصورة، عمرة، مجادل، صميد، داما، لبين، عريقة، مردك، صلخد"، وغيرها، فكل يوم يزداد عدد الفتيات، فالأغلبية في محافظتي من الطبقة الفقيرة ويحبون العمل اليدوي ويقدرونه، فالترويج جاء من الفتيات وأهالي القرى، حتى وصلت كمية العمل إلى قرابة 5000 قطعة في الأسبوع الواحد، وذلك عام 2006.

من المطرزات من تصميم السيدة سهام

وكنا نضطر أنا وزوجي للسفر مرتين إلى "دمشق" لإيصال القطع المطرزة والجاهزة، فكنت أسافر صباحاً وزوجي مساءً، فقد قدم لي الدعم المادي والمعنوي وساندني كثيراً لنجاح مشروعي».

عدد كبير من القطع المطرزة يفرض شروطه بالتنوع والتجديد، حيث تحدثت السيدة "سهام" عن هذا الأمر قائلة: «دائماً كنت أقدم شيئاً جديداً، ولا يوجد لدي رسوم متكررة، فكل ما أقدمه مبتكر ويختلف عما قبله، فأنا أحتفظ بورقة وقلم في حقيبة يدي، وكنت ألتقط الرسوم وأقوم برسم خطوط أولية كي لا أنسى، فكل ما أصادفه أمامي قد يوحي لي برسم جديد، وهذا الأمر أثر في نجاحي، فما كنت لأنجح لو كان ما أقدمه روتينياً ومتكرراً، فأنا اكتسبت ثقة العملاء في "دمشق"، عندما أثبتت جدارة وكفاءة».

نموذج جاهز للقطع الصوفية بعد تجهيزها

ولدى سؤالنا السيدة "سهام" عن عملها في الوقت الحالي، وهل تأثر بالأحداث الأخيرة؟ أجابت: «ما زال العمل مستمراً، وقد وفرت علينا التقنيات الحديثة الجهد والسفر، ففي الوقت الحالي تصلني قطع الصوف عن طريق الشحن بين المحافظات، وأقوم بتطريز قطعة وأرسل صورتها عبر الإنترنت لأصحاب العمل في "دمشق"، وفي حال الموافقة على الرسوم المطرزة أقوم بطباعتها على القطع المتفق عليها، وأوزعها على الفتيات للتطريز، بعد تحضير "المساطر"؛ وهي القطع التي تعتمد عليها الفتيات لنقل رسوم التطريز عنها، وهذا المصطلح -أي المساطر- شائع في مهنتنا.

ففي السابق كانت الطباعة تتم في "دمشق"، أما حالياً فقد أحضرت طابعة إلى المنزل وأقوم بالطباعة بنفسي، وهذا ما اختصر الوقت بالنسبة لي، وكذلك الأمر بالنسبة لمستلزمات العمل، فأنا بين الحين والآخر، أقوم بسبر السوق والاطلاع على نوعية الخيط الموجود فيه والإكسسوار المتوافر، وبناء عليه أقوم بتشكيل الرسوم المطرزة، وقد اكتسبنا ثقة العملاء أيضاً بهذا الأمر وأصبحت تشحن المواد ومستلزمات العمل وبكميات كبيرة، عن طريق مكاتب الشحن وقبل دفع قيمتها للتاجر، فالثقة هي أساس العمل الناجح».

أما عن الجديد في العمل أضافت: «مؤخراً قمت بافتتاح محل تجاري لبيع الإكسسوارات ومستلزمات الخياطة في مدينة "شهبا"، فكي أوفر للفتيات اللواتي يعملن لدي المواد اللازمة للتطريز، أشتري كميات كبيرة منها، لذا لدي كمية كبيرة من الإكسسوارات والخيطان؛ وهي ضرورية لكل سيدة تهتم بالتطريز والحياكة وصنع المطرزات والمفارش، فتولدت فكرة المحل التجاري».

"إيناس كرباج" من أهالي القرية، تحدثت عن "سهام عامر" بالقول: «تربطني مع السيدة "سهام" علاقة صداقة قوية، فهي إنسانة مميزة تعشق العمل وتقدره، وقد تعلمنا منها الكثير فالمشروع الذي أسسته، ساهم بخلق فرص عمل لعدد كبير من السيدات والفتيات، فالعمل في منازلنا وهو سهل وممتع وبأجور جيدة».