تشمخ أشجار الصنوبر المثمر في قرية "الثعلة" لتظهر بصورة تختلف بالتفاصيل عن صنوبر الزينة من حيث طريقة التقليم والرعاية، وهي مرغوبة لما تعطيه من ثمار مغذية غالية الثمن؛ تضاف إلى الأكلات الشعبية والحلويات.

زرع صنوبر الزينة في القرية بداية الثمانينيات؛ لكن المثمر منه استحضر من خلال الوحدات الإرشادية والمشاتل الزراعية الحكومية التي نشرت الغرسة لتعميم الفائدة؛ كما تحدث "يوسف الظاهر" من أهالي القرية لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 آذار 2015، وهو طيار متقاعد، زرع الأشجار بناء على نصيحة الوحدة الإرشادية التي قدمت الغراس لأهالي القرية، يقول: «مساحة واسعة تحيط بمنزلي، كنت حريصاً على تنويع الأشجار فيها، لكننا لم نكن -وما زلنا حتى هذه الفترة- نعرف الكثير عن طرائق الرعاية التي تضمن إنتاجاً وافراً من هذه الأنواع حديثة الحضور في القرية، الغراس المنتشرة في حديقة المنزل تقارب الخمس غراس، وهي الباقي من عشر غراس، ربما لأننا أهملنا العناية بها في سنوات سابقة لأننا لم نثق بنجاح التجربة، لكونه صنفاً غير معروف في المنطقة، وكانت فكرة زراعته لغاية التجربة، وإضافة صنف من المكسرات إلى حاجة المنزل من ثمار فاخرة غنية ومفيدة.

تعد حبوب الصنوبر من ألذ المكسرات التي تضاف إلى الوصفات، وهي تتواجد بنوعين الإيطالي والصيني، وفي مرات عدة نعتمد الصنوبر البلدي المنتج في منطقتنا، لكنه يحتاج إلى العمل الشاق لحصاده وكسره لاستخراج الحبات الصغيرة، ولـ"البلدي" نكهة مميزة مع أن حبته صغيرة. يضفي الصنوبر نكهة لذيذة على الوصفات، وهو يتماشى مع لحم السمك والشوكولا، ويفيد التحميص بإعطاء نكهة مميزة كما يساعد في تليينها في حال كانت مجمدة، وفي الأغلب نستخدمه مع اللحم والدجاج والأرز بأنواعه و"الكبة المقلية، وشيخ المحشي، والصيادية، والبسبوسة"، ونعلم أن حبوب الصنوبر تحتوي على فيتامين A المعروف بفاعليته لتقوية النظر، وفيتامين D المقوي للعظام، وفيتامين C المعزز للجهاز المناعي، كما يعطي الصنوبر شعوراً أسرع بالشبع، وهو غني بالحديد المفيد للجهاز العصبي ومصدر جيد للطاقة لغناه بالبروتينات والمغنيزيوم

وبالنسبة لنا لم نجد في السنوات السابقة على أغصان هذه الأشجار العالية ثماراً كثيرة، ونقر بأن العناية بها كانت بسيطة حسب الدارج بين الأهالي، ووفق المراجع العلمية تحتاج الشجرة ما بين سبعة عشر إلى خمسة وعشرين عاماً لتعطي إنتاجاً جيداً، وهذا من وجهة نظري أدى إلى تأخر الإثمار؛ مع أن نسبة الإزهار كانت مرتفعة في سنوات ماضية، اليوم نحاول الاستعانة بخبرات زراعية لمراقبة هذه الأشجار وتقديم المطلوب والحصول على الثمار التي تفيد الأسرة».

يوسف الظاهر

قد يكون الصنوبر المثمر من بين مجموعة كبيرة من الأصناف الواردة إلى المنطقة، لكن نسب النجاح كانت متفاوتة وفق رؤية الخبير الزراعي "علي شاهين" في القرية؛ الذي تابع هذا الصنف وبحث عن معلومات لاستكمال مقومات التجربة بناء على الاستدلال والاختبار ليصل إلى نتائج حقيقية يوضحها بالقول: «زرع صنوبر الزينة في "الثعلة" منذ أكثر من ثلاثين عاماً ليدخل الصنوبر المثمر في مرحلة لاحقة، وبالنسبة لأهالي القرية لم يكن لديهم دراية بهذه الشجرة وقيمتها الاقتصادية العالية، عندما استقدمتها الجمعية الفلاحية والوحدة الإرشادية من خلال مشتل "العين" التابع لمديرية الزراعة، وزرعت بأعداد جيدة وكنا نتابعها على طريقة صنوبر الزينة، لكن على أرض الواقع وبعد الدراسة وجدت أن هذه الطريقة ينقصها التصويب والدقة.

لأقوم بمقارنة واقع زراعة هذه الشجرة في منطقتنا مع أشجار الساحل؛ حيث موطنها الأصلي؛ التي تبدأ من شكل الشجرة وحراشفها واستمراريتها لكونها لا تتعرض للثلوج التي تعرضها لكسر الأغصان والأذى في هذه المواسم، وطريقة النمو التي تجعلها أقل ارتفاعاً لكون وارد المياه والعناصر المغذية للشجرة تختلف بين منطقة وأخرى.

علي شاهين

ومنذ عدة سنوات قمت بتطبيق ما جمعته من معلومات تكفل حماية الشجرة ونموها السليم، لتكون قادرة على الإثمار، فالشكل المتعارف عليه لأغصان هذه الشجرة هو المظلة؛ فعملت على تكوين شكلها بواسطة التقليم لتكون مفرغة هرباً من اكتظاظ الأغصان، وهنا كانت الخطوة الأولى باتجاه تقليم سليم؛ وهذه معلومة أثبتها بالاختبار، وطريقة التقليم تعتمد على تفريغ الأغصان باتجاه الساق للتخلص من حالة الاكتظاظ بالأغصان في داخل الشجرة، لتكون رؤوس الأغصان محررة وباطن الشجرة أيضاً يسمح بالتهوية والتعرض لأشعة الشمس.

فلهذه الشجرة صفات كثيرة يجب أن نأخذها بعين الاعتبار؛ فهي قادمة من البيئة الساحلية وهي المكان المناسب لها، لذا قد تثمر في سنوات وتقيض في أخرى تكون فيها درجات الحرارة أكثر انخفاضاً، فالصنوبر المثمر يتحمل الرطوبة والبرودة لكن أغصانه لا تتحمل الثلوج، وقد تتأثر بصقيع نيسان لكونها غضة وطرية، كل هذه الملاحظات عملت على متابعتها لكن شعرت بأن التقليم الصحيح كانت له نتائج مفيدة وساعدت على الإثمار الجيد».

الشيف علاء رزق يعرض أكلة يضاف إليها الصنوبر

الصنوبر تجربة تضاف إلى تجارب سابقة لخلق حالة من الاكتفاء المنزلي الزراعي؛ كما تحدث المهندس الزراعي "نايف السنيح" وقال: «من فصيلة الصنوبريات أصناف كثيرة انتشرت في المنطقة الغربية في محافظة "السويداء"، ومنها قرية "الثعلة"، وقد كانت على سبيل التجربة، أي إنها تزرع وينتظر الفلاح مواسمها ويعتني بها على طريقة الأشجار المنتشرة في المنطقة وكما اعتاد، لكن التجربة على الأرض واقع جديد جعل الفلاح مهتماً بالبحث عن أسرار الشجرة، وما يمكن تطويره في مجال الرعاية خاصة مع العلم بارتفاع أسعار الثمار وفائدتها الغذائية، وهذا ما يبرر إنتاج شجيرات منها للثمار سنوياً، ونجد أشجاراً مرتفعة تجود بثمارها لتسقط وتجمع كمؤونة جيدة للمنزل، وهي غاية أولية كانت خلف زراعة هذا الصنف، ولا ننسى أن تجربة مزارعي القرية كررت في المدينة لكن على يد مجموعات شبابية؛ مع العلم بقيمة هذه الشجرة ووصفها كبديل عن صنوبر الزينة؛ وهو مشروع بدأ يتفاعل جدياً على أرض الواقع وتعلق عليه الآمال، ويكفي التعريف بقيمة هذا النوع من الثمار لتكون مرغوبة للزراعة والتجربة».

استثمار ثمار الصنوبر في المنطقة يقتصر على إضافته إلى شريحة فاخرة من المأكولات، كما بيّن الشيف "علاء رزق" من قرية "الثعلة"، وقال: «تعد حبوب الصنوبر من ألذ المكسرات التي تضاف إلى الوصفات، وهي تتواجد بنوعين الإيطالي والصيني، وفي مرات عدة نعتمد الصنوبر البلدي المنتج في منطقتنا، لكنه يحتاج إلى العمل الشاق لحصاده وكسره لاستخراج الحبات الصغيرة، ولـ"البلدي" نكهة مميزة مع أن حبته صغيرة.

يضفي الصنوبر نكهة لذيذة على الوصفات، وهو يتماشى مع لحم السمك والشوكولا، ويفيد التحميص بإعطاء نكهة مميزة كما يساعد في تليينها في حال كانت مجمدة، وفي الأغلب نستخدمه مع اللحم والدجاج والأرز بأنواعه و"الكبة المقلية، وشيخ المحشي، والصيادية، والبسبوسة"، ونعلم أن حبوب الصنوبر تحتوي على فيتامين A المعروف بفاعليته لتقوية النظر، وفيتامين D المقوي للعظام، وفيتامين C المعزز للجهاز المناعي، كما يعطي الصنوبر شعوراً أسرع بالشبع، وهو غني بالحديد المفيد للجهاز العصبي ومصدر جيد للطاقة لغناه بالبروتينات والمغنيزيوم».

تقدم الشجرة الواحدة ما يقارب 50 كيلو غراماً سنوياً في حال حصلت على الرعاية المطلوبة، لكن الأرقام في القرية بقيت متواضعة؛ حيث تمثل كفاية الأسرة الواحدة.