تُعرف بمؤازرتها للأعمال التطوعية، بعد أن تغلبت على ظروفها بفضل الإرادة، وكانت آخر ابتكاراتها الحرام الصوفي الثمين.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "مي مكارم" في منزلها بمدينة "شهبا" يوم الجمعة الواقع في 13 شباط 2015، التي تحدثت عن بدايات عملها، إذ أخذتها قدميها إلى معمل للخياطة عندما ألمّ بزوجها المرض وأقعده طريح الفراش زمناً طويلاً، فاكتسبت معارف جديدة بسرعة قياسية، وقالت: «تعلمت تصميم الإكسسوارات لفساتين العرائس والسهرة، وأتقنت العمل على ماكينة الخياطة من خلال الحبكة والأزرار، وتصميم وقص الموديلات النسائية المعقدة، ولكن المرض تملكني في القلب فعدت إلى منزلي مكسورة الجناح بسبب الوضع المادي والفقر وثلاث بنات صغيرات يحتجن إلى الرعاية، ولكني بدأت العمل في المنزل للجيران الذين خبروا عملي في الخياطة والتصميم ولمدة أربع سنوات كاملة؛ حيث عدنا إلى الوطن لتبدأ مرحلة جديدة من المعاناة؛ أنجبت بعدها توأماً اكتشف الأطباء أن أحدهما مريض باللوكيميا، كنت أحصل على عقود شهرية في مؤسسات الدولة وأعمل في شركة خاصة لتعليب اللحوم وأشتغل على الصنارة في الليل بمساعدة ابنتي الكبرى التي بدأت تلمس معاناتي، وبتنا نصنع الصوف بالأجرة ونقسّم الأرباح مناصفة بين المصروف وخلق رأس مال لشراء الصوف والعمل لحسابنا الخاص، وهكذا بت أشارك في المعارض والأسواق التجارية التي تهتم بالحرف اليدوية؛ وخاصة تلك التي تقيمها الجمعيات الخيرية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وأعمل من جهة أخرى على التواصي حتى كبرت عائلتي، لكن بناتي بدأن المساعدة على الرغم من دراستهن التي حرصت أن يكنّ فيها من المتفوقات».

هذه السيدة تعمل منذ سنوات طويلة لتربية عائلةمكونة من ثلاثة صبايا وشابان،وهم جميعاً مجتهدون بالدراسة،وقد اتضح عملها المتقن في صنع الفساتين والتايورات للنساء في المعارض التي أقيمت بمدينة "شهبا"، أما عملها الجديد الذي يتطلب رأسمال كبير فهوخطوة جريئة جداً فاجأت الجميع بها،والحرام الصوفي يتمتع بمواصفات لا توجد في أي مصدر آخر،،ولذلك وجود"مي مكارم" في أي معرض أو فعالية اقتصادية يزيدها رونقاً لشخصيتها الجديرة بالاحتراموروحها المرحة التي تضفي على الجو البهجة والسرور حتى لو كانت حركة البيع والشراء خفيفة

كان ذلك قبل الأزمة التي مرت بها البلاد، وبعد أن وصلت ارتداداتها إلى منزلها المستأجر بمبلغ كبير وجدت الحل في صنع "الحرام" الصوفي الكبير وتسويقه في المعارض الداخلية، حيث تابعت حديثها عن واقعها الجديد مع الغلاء والأزمة: «منحني الله أولاداً متفوقين بالدراسة وذوي طموحات فنية عالية، ومنذ صغرهم وهم يعرفون الواقع جيداً؛ فكانوا يساعدونني في مشاريعي ويتكيفون مع الوقت والفقر والدراسة بصورة تدعو للفخر على الرغم من الوجع الذي يتملكني، فالغلاء لا يرحم، والبيت الذي أقطنه أجرته عالية، والمتطلبات كبيرة، فاكتشفت أن الصنارة يمكن أن تعبئ الفراغ وتسند الجرة المائلة، وذهبت إلى أحد الحدادين طالبة منه صناعة صنارتين من الحديد؛ يتجاوز طول الواحدة منهما المتر وسط دهشته وحيرته، ولكني كنت مصممة على ابتكار شيء جديد في السوق بعيداً عن التقليد».

الحرام الصوفي الجاهز للبيع.

وتابعت تصف طريقة العمل: «بداية يجب أخذ العلم أن صنارة الحديد الهدف منها قدرتها على حمل الصوف، وغيرها من المعدن يمكن أن يطوى بسهولة، لا تختلف آلية العمل في هذه الصنارة عن غيرها إلا في طريقة الحبكة، فالحرام الصوفي أولاً يحتاج إلى جهد كبير وأصواف غالية الثمن ومتينة جداً، وعند (البدوة) أو بداية الشغل كنت أعمل بطريقة (السنبلة) أي الحبكة الخلفية تظهر كأنها سنابل، وبعد ذلك نقوم بالحياكة العادية أو (التنصيب) كما نطلق عليه، أي تراكم الخيطان، وفي المساء كنت أتسابق مع بناتي من التي تنهي الدور أولاً، كانت الألوان التي جلبتها زاهية ومفرحة، ولكنها غالية والحرام الصوفي يحتاج إلى وقت طويل، وهكذا بالتعاون والإصرار كنا ننجز العمل بسرعة عجيبة، وبعد أن أنهينا المرحلة الأولى جاء دور (الكنار) أو الزنار الذي يكون على كامل الحرام بلون واحد، ويسمى أيضاً (السجق)، وطريقة عمله تختلف قليلاً عن الشغل السابق وأسهل كثيراً وممتع بنفس الوقت، وبعد انتهائه نضع حراماً جاهزاً خفيفاً أو ما تحب ربة المنزل أن تضعه كخلفية له ليصبح جاهزاً».

وعن استثمار عملها وتسويقه، أضافت: «كنت بحكم العادة أشترك بكل المعارض والأسواق الشعبية والحرف اليدوية التي تقام على ساحة المحافظة، وخاصة مع الجمعيات الخيرية في معارضهم الكثيرة وفي سوق الصاغة القديم بمدينة "شهبا"، ولي معارف لا بأس بها وأصدقاء كثر يدعمون عملي، وكثيرون من الناس ذهلوا للمنظر الجميل للحرام، وعلى الرغم من تكلفته العالية والتعب وسهر الليالي، فإن هناك من يقدر قيمته الحقيقية، فهو بالأرقام يحتاج إلى خمسة عشر ألف ليرة سورية تكلفة مواد من الصوف الممتاز، وإلى شهر كامل من العمل المسائي، والأجر يتمّ تحديده مع الزبون، والوضع جيد عندما اكتملت مجموعتي من الحرامات الشتوية، فالمال الذي يأتيني منهم يسد زوايا كثيرة، ولكننا نترك رأسمالنا لنطور عملنا أكثر، ومع المجموعة الكبيرة من الأشغال اليدوية التقليدية أطمح أن يكون لي زاوية مهمة في أحد الأسواق الشعبية في مدينة "السويداء" أو مدينة "شهبا"، وهو ما أسعى إليه في المستقبل».

حرام غير مكتمل مع الصنارتين الحديديتين.

السيدة"قفطانية الصحناوي"صاحبة المبادرات الخلاقة في خلق فرص عمل لأكثر من أربعين سيدة في مدينة "شهبا" عن معرفتها وتعاونها مع "مي مكارم" بالقول: «هذه السيدة تعمل منذ سنوات طويلة لتربية عائلةمكونة من ثلاثة صبايا وشابان،وهم جميعاً مجتهدون بالدراسة،وقد اتضح عملها المتقن في صنع الفساتين والتايورات للنساء في المعارض التي أقيمت بمدينة "شهبا"، أما عملها الجديد الذي يتطلب رأسمال كبير فهوخطوة جريئة جداً فاجأت الجميع بها،والحرام الصوفي يتمتع بمواصفات لا توجد في أي مصدر آخر،،ولذلك وجود"مي مكارم" في أي معرض أو فعالية اقتصادية يزيدها رونقاً لشخصيتها الجديرة بالاحتراموروحها المرحة التي تضفي على الجو البهجة والسرور حتى لو كانت حركة البيع والشراء خفيفة».

من أعمال السيدة مي القديمة.