دقيق القمح الكامل والملح والخميرة والماء إضافة إلى الصاج؛ أهم ما يرافق السيدة "حنان زريفة" أثناء عملها في صناعة الخبز العربي "الصاج"، كحرفة تقليدية تبدأ منذ الصباح الباكر في بلدة "قنوات" وتدرّ عليها دخلاً جيداً.

مدونة وطن "eSyria" قامت بزيارة البلدة بتاريخ 25 كانون الثاني 2015، والتقت السيدة "زريفة"، وهي إحدى النسوة اللواتي أقمن مشروعاً لهذه الصناعة ونجحن فيه، فتحدثت عن صناعة خبز الصاج وعن مشروعها بالقول: «تحظى هذه الصناعة في بلدة "قنوات"، بمكانة متميزة لكونها تعد من صناعات الموروث الشعبي، وإحدى أهم الصناعات التراثية القديمة التي حافظت على نفسها رغم ظهور الأفران والمطاحن الحديثة وازدياد الاعتماد على المخابز في الوقت الراهن، وأنا قد بدأت العمل في هذا المجال منذ حوالي ثلاثة أعوام، وانطلقت بالعمل في هذا المشروع الذي كان يستهويني منذ الصغر ألا وهو خبز الصاج، وتفرغت له بالكامل بمساعدة زوجي وأولادي، وقد حققنا نجاحاً كبيراً، فبعد أن كنا ننتج في البداية نحو 20 ربطة خبز يومياً، ارتفع إنتاجنا اليومي ليصل إلى أكثر من 100 ربطة، لأنني قمت بتوسيع العمل، وذلك لوجود إقبال على ما ننتجه من خبز الصاج، خاصة أن هذا النوع من الخبز يعد مرغوباً لدى عدد كبير من الناس، كما أن هذا المشروع لا يحتاج إلى رأس مال كبير».

لا توجد أي مشكلة في عملية تسويق الإنتاج التي تتم في البلدة وفي مدينة "السويداء"، والتسويق يتم بطريقة فردية، فبعد عملية الخبز والتنشيف نقوم بعملية التغليف ونضع في كل كيس خمسة أرغفة، أو حسب الطلب، ونقوم بالتوزيع على عدد من محال بيع السمانة والمواد الغذائية، وهذه المهنة توفر لي وللكثيرين ممن يعملون فيها دخلاً شهرياً مقبولاً، والعمل بهذا المشروع حسّن كثيراً من أوضاعي المعيشية، ومكنني من تأمين مصروف أولادي

وعن عملية التسويق والدخل الذي توفره هذه الصناعة تتابع "زريفة": «لا توجد أي مشكلة في عملية تسويق الإنتاج التي تتم في البلدة وفي مدينة "السويداء"، والتسويق يتم بطريقة فردية، فبعد عملية الخبز والتنشيف نقوم بعملية التغليف ونضع في كل كيس خمسة أرغفة، أو حسب الطلب، ونقوم بالتوزيع على عدد من محال بيع السمانة والمواد الغذائية، وهذه المهنة توفر لي وللكثيرين ممن يعملون فيها دخلاً شهرياً مقبولاً، والعمل بهذا المشروع حسّن كثيراً من أوضاعي المعيشية، ومكنني من تأمين مصروف أولادي».

الأستاذ فريد القضماني

بدوره الأستاذ "فريد القضماني" المهتم بهذه الصناعة في بلدة "قنوات"، تحدث عن صناعة خبز الصاج تاريخياً وعن عدد المشاريع في البلدة بالقول: «صناعة خبز الصاج عرفت في "قنوات" منذ أن سكنت البلدة في العصر الحديث، حيث لم يكن هناك منزل يخلو من التنور، فهذا الخبز يعد سلعة تراثية لا تتميز بالطعم اللذيذ فقط، بل هو غني بالمواد الغذائية، وهذا ما أخرجه من احتكار العمل المنزلي، ليصبح له العديد من المشروعات المحلية الخاصة بصناعته، حتى باتت هذه المهنة اليوم حرفة متداولة في "بلدة قنوات"، ولم تختلف اليوم كثيراً بالنسبة للمواد الأولية أو الطريقة التي كان يعمل بها قديماً، باستثناء قطر الصاج الذي كان في السابق لا يتجاوز 50سم، وأصبح اليوم يصل قطره إلى نصف المتر، وفي السابق كان الخبز يصنع من طحين القمح والشعير ويتم خلط طحين الشعير بطحين القمح لكي يشتد العجين ويتماسك أثناء عملية الخبز، أما اليوم فقد أصبحت الخميرة الحديثة تعوض عن ذلك، كما أن الوقود في السابق كان من "قصل" القمح أو أوراق شجر السنديان "البرباص"، أما اليوم فقد تحولت النسوة إلى استخدام الغاز المنزلي، وفي قنوات 22 مشغلاً للخبز العربي؛ حيث إن تكاليف تأسيس هذه المشاغل بسيطة، أي إنها ليست بحاجة إلى رأس مال كبير، كما أنها توفر أكثر من 50 فرصة عمل، والذين حصلوا على قروض بطالة هم ثلاث سيدات فقط، وهن: "ندى القضماني، صالحة هلال، وكفاح الفارس"».

السيدة "ندى القضماني"، صاحبة مشروع خبز "العفير" تحدثت عن توسع هذه الصناعة وتحسنها بالبلدة بالقول: «هذه الصناعة لم تتوسع فحسب، بل تحسنت، فبالنسبة لي بعد أن كان مشروعي مقاماً في إحدى غرف بيتي، وكان يضم فقط ثلاثة صاجات، تمكنت من الحصول على قرض بقيمة 500 ألف ليرة سورية من هيئة مكافحة البطالة في عام 2007، الأمر الذي مكنني من إشادة بناء خاص أمام بيتي لأضيف أربعة صاجات أخرى إلى الثلاثة السابقة لصناعة للخبز، كما اشتريت مطحنة وعجانة وخط إنتاج كامل لفرز القمح، وتوسعت في عملية التسويق، حيث تعاقدت مع بعض المحال التجارية في "دمشق" لتوريد هذا النوع من الخبز إليها، إضافة إلى عدد من المحال التجارية في "السويداء"، كما أن عدد العاملات في هذه المهنة قد زاد عندي؛ حيث أصبح لدي عشر نساء بعد أن كن أربع نسوة فقط».

أثناء عملية التغليف

يذكر أن خبز الصاج يعد من أشهر أنواع الخبز العربي، ويصنع على شكل دائري يصل قطره إلى حوالي نصف المتر، وتعد بلدة "قنوات" من أكثر البلدات المشهورة بهذه الصناعة، حيث إن مشاريع صناعة خبز الصاج قد شهدت فيها تطوراً ملحوظاً وإقبالاً متنامياً عبر إقامة مشروعات محلية صغيرة لتنمية هذه الصناعة.

صور قديمة للخبز في قنوات