اكتشف أن لديه ثروة ورقية مرتبة في مخزن البيت يعود بعضها لأكثر من عشرين عاماً جمعها كهواية قديمة للأرشفة، ولم يستطع تأمين المحروقات لبيته فصنع من تلك الأوراق لفائف مخصصة للحرق بطريقة مبدعة وسهلة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الأستاذ "منير بو زين الدين" قبل رحيله المبكر عنا بثلاثة أيام، وذلك يوم الثلاثاء الواقع في 6 كانون الأول 2014؛ الذي تحدث عن تجربته الجديدة في التعامل مع الورق وتحويله كطاقة للتدفئة وقال: «مررت كغيري من الناس بأزمة تأمين المحروقات للتدفئة، فقمت بشراء الحطب، ولكن غلاءه فاق التصور، وأنا بالأساس أمتلك مكتبة لبيع كل اللوازم المدرسية والكتب والجرائد، ولدي هواية قديمة تعود لأيام الجامعة وهي الاحتفاظ بالجرائد ووضعها في كراتين كبيرة للعودة إليها وأرشفتها، واستمرت تلك الحالة حتى الآن، واكتشفت كمية كبيرة منها مخزنة في البيت والمكتبة ومنزل أهلي، فخطر لي أن تلك الأوراق قابلة للحرق، ولكنها تشتعل بسرعة إذا لم تعالج بطريقة مناسبة، فقمت بقص الجرائد إلى قطع صغيرة ووضعها في الماء، وأضفت إليها قليلاً من الغراء لكي تمسكها جيداً مع إضافة (نشارة الخشب) التي جلبتها من منشرة صديق لي، كانت الخلطة جاهزة في مراحلها البدائية دون أن أعلم هل تنجح أم لا، لأنها تحتاج للتنشيف من الماء في البداية وإعطائها الشكل المناسب، وقد اعتدت ألا أرمي أي شيء يمكن أن أستفيد منه طالما هناك مكان يتسع لتلك الأشياء حتى لو كانت بلا قيمة؛ كما هي القارورات البلاستيكية المخصصة للمشروبات الغازية، فجلبت واحدة منها وقمت بقصها من الأعلى وجلبت الورق وأدخلته فيها، وقمت بضغطه جيداً وإخراج الماء منه وتركه قليلاً حتى يتماسك ويأخذ شكله النهائي، بعد ذلك قمت بقص القارورة ووضع الورق المتماسك في مكان قريب من النار حتى يجف تماماً».

كانت النتيجة أكثر من رائعة، فالورق المضغوط بطريقة الربط مع نشارة الخشب والغراء أعطى ناراً كبيرة تتفوق على الحطب بكثير من المزايا أهمها النظافة والمخلفات القليلة وطريقة التعامل معها، أما بخصوص فرق الوقت بين الاثنين فالمفاجأة كانت بقدرة الورق على الصمود أثناء الحرق، صحيح أن المنتج لا يصل إلى قدرة الخشب على الصمود لوقت طويل إلا أنه يعطي شعلة كبيرة متوازنة ولا تحتاج للمعالجة مثل الحطب الذي يتعرض للانطفاء كثيراً، وهكذا وجدت ما كنت أختزنه منذ عمر ثروة كبيرة تبعث الدفء لأبنائي الصغار وتغنيني عن الحطب والمازوت

كان المنتج يأخذ شكل "سيخ الشاورما" التقليدي، ومنظره جميل لما يضمه من صور وكتابات وكلمات متقاطعة، وعند تجربته أول مرة كانت النتيجة مذهلة، ويتابع: «كانت النتيجة أكثر من رائعة، فالورق المضغوط بطريقة الربط مع نشارة الخشب والغراء أعطى ناراً كبيرة تتفوق على الحطب بكثير من المزايا أهمها النظافة والمخلفات القليلة وطريقة التعامل معها، أما بخصوص فرق الوقت بين الاثنين فالمفاجأة كانت بقدرة الورق على الصمود أثناء الحرق، صحيح أن المنتج لا يصل إلى قدرة الخشب على الصمود لوقت طويل إلا أنه يعطي شعلة كبيرة متوازنة ولا تحتاج للمعالجة مثل الحطب الذي يتعرض للانطفاء كثيراً، وهكذا وجدت ما كنت أختزنه منذ عمر ثروة كبيرة تبعث الدفء لأبنائي الصغار وتغنيني عن الحطب والمازوت».

سهلة الصنع في أي مكان

جعلت هذه الطريقة الأستاذ "سامي أبو عاصي" الموظف في المركز الثقافي العربي في "شهبا" يلتفت إلى ما يمتلكه في منزله الكائن في قرية "مردك" من ورق، وقام بنفس العملية، وبتجريب حاجيات أخرى من وحي الفكرة، وقال: «كان الأستاذ "منير" يتكلم كثيراً عن هذه الطريقة، ويحثنا على تجريبها بدلاً من البحث عن وسائل أخرى غالية الثمن وغير متوافرة، وبالفعل قمت بوضع الورق في الماء بعد قصه ومن دون أي إضافات لأنها كانت غير متوافرة في البيت، وقمت بتنشيفها فكانت كتلة واحدة متماسكة، وعند التجريب كانت نارها جيدة.

وهي نظيفة وسهلة التعامل ولا تأخذ حجماً، ولكن الطريقة الثانية التي أعطاني إياها الراحل؛ والمكونة من رول الورق المقسى الذي تستخدمه المصانع للف النايلون المخصص للتغليف، أو لأوراق "السلوفان" وغيرها، فقد كان الأستاذ "منير" يحتفظ به عند الانتهاء منه في المكتبة، كنت أقوم بحشو الورق بداخله وتقطيعه إلى قطعتين ووضعه في النار، وكانت نتائجه جيدة، وقد يقول بعضهم إنها طريقة مؤقتة وغير مجدية، ولكن توالف الورق والنايلون وقارورات البلاستيك كثيرة في كل بيت، وتغني عن البرد وتوفر المال وحرق الأعصاب في البحث عن مصادر أخرى حتى لو كانت الكمية قليلة».

ومن بابها الأمامي.
الراحل منير بو زين الدين.