تعود فكرة تسمين الخراف وبيعها في العيدين "الصغير والكبير" إلى قرون عديدة، وقد امتهنها الرجال لمعرفتهم مدى الفائدة المادية التي تدرها عليهم، غير أن غلاء الماشية أجبر الكثيرين على جعل هذه المهمنة ثانويةً؛ لا تشغلهم كثيراً وتحقق المراد.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيد "ذياب أبو رسلان" في قرية "بارك" يوم الجمعة 19 أيلول 2014، فتحدث لنا عن كيفية البدء بتسمين الخراف: «كل من يربي الأغنام يسمّن عدداً من الخراف بحكم الواقع، وتبدأ هذه العملية من اللحظة التي يقرر فيها شراء الأغنام لتنجب الخراف، فمن الضروري إطعامها العشب الأخضر من قمح وشعير وبقوليات، ومن كل الأنواع التي تنتجها الطبيعة خلال فصل الربيع، حين تكون الولادات جيدة وصحتها على خير ما يرام، وعندما تكون الأمطار جيدة، والمواسم مزدهرة تنجب الأغنام أكثر من خروف، وعندها تبدأ عملية التسمين؛ التي أصبحت مع الزمن مهنة عظيمة ومتوارثة، وتدر دخلاً معقولاً إذا كانت الأرض خيّرة».

لقد وجدت أن تسمين الخراف مجدٍ، وهو يساهم في زيادة الدخل والمساعدة على أعباء الحياة الكثيرة، وأنا أجد متعة كبيرة معهم، وخاصة في أيام العطل عندما أخرجهم إلى البرية، فالعيش مع الطبيعة وتنفس الهواء النقي والرياضة الصباحية التي نمارسها دون تخطيط، والطعام والشاي في تلك الأماكن المفتوحة تجعل أي شخص سعيداً وبصحة جيدة، وفي باقي الأيام تقوم زوجتي باللازم لإطعام الخراف وسقايتهم، ويتولى أخي الصغير رعايتهم

وتابع يصف هذه الفترة: «في المرحلة الأولى يعتمد الخراف على حليب أمهاتهم، ومن هنا يأتي الاهتمام بغذاء الأغنام، فمع العشب الأخضر المتوافر؛ هناك وجبة ليلية داعمة مؤلفة من التبن والشعير أو الخلطات المتعارف عليها (علف أو كسبة)، وعندما تبدأ المواليد بالنمو وبحكم الطبيعة تنتشر مع أمهاتها بالبحث عن الطعام والاجترار حتى تكون لحظة الفصل ما بين الذكور وأمهاتهم؛ من أجل اعتمادهم على أنفسهم والاستفادة من حليب الأغنام، حيث يقوم المربي بوضع الخراف المطلوب تسمينها في مكان منفصل، ويختار مكاناً آخر لوضع الغذاء والماء لكي يعتادوا الذهاب إليه من الصوت الأول، ومن المهم إكمال إطعام الخراف من الأعشاب حتى نهاية الربيع، والرعي أي (السراحة) بهم، وأخذهم إلى البرية بشكل يومي لعدة أسباب أهمها التنفيس عنهم من الحبس الإجباري، وإطعامهم مما تجود به الطبيعة على الرغم من نهاية الربيع لوجود أعشاب متيبسة مفيدة لهم، وكذلك اعتياد الخراف مواعيد الطعام والرعي والمبيت، وهنا يكون الخروف قد تجاوز وزنه العشرين كيلو غراماً، ويصبح جاهزاً تماماً للتسمين».

استراحة الظهيرة.

ويتابع السيد "محمود الصحناوي" القاطن في قرية "الجنينة"، وصف الخراف وأوزانها وموعد بيعها بالقول: «العملية تبدأ في شهر أيار، وتنتهي في شهر آب، وهناك من يستمر في التسمين إلى شهر أيلول، لكنها فترة طويلة تسبب الخسائر للمربي، ويكون وزن الخراف القابلة للتسمين عشرين كيلوغراماً لتنتهي بوزن ستين كيلو غراماً عندما يحين موعد بيعها، ولكن الفترة التي تنتهي فيها المروج الخضراء تتطلب عناية خاصة من المربي، إذ تحتاج الخراف إلى الغذاء الجيد المدروس حتى لا يؤثر في صحتها، ومن هنا يتضح أن لكل مربٍ دوراً في اختراع الخلطة المناسبة أو الاعتماد على مصانع العلف الجاهز، ومن هذه الخلطات التي يعتمدها المربي تتألف من الشعير والقمح والذرة، وإذا تعذر جلب هذه المواد يجب الاعتماد على التبن والخبز اليابس والشعير بكميات قليلة حتى لا يؤثر في الخراف سلباً، وبالتالي تصاب الخراف بعدم السمنة مهما أكلت أو عولجت، وهو ما يؤدي إلى خسائر فادحة، وعلى المربي أن يقوم ببيع الخراف فوراً لكي يوقف النزيف، وتصبح عادة التسمين آلية وسهلة وممتعة بنفس الوقت، ومربي الخراف ينتظر في العادة عيدي الفطر والأضحى؛ لأن البيع خلالهما يكون كبيراً والأسعار تكون جيدة».

وهنا في ريف المحافظة تجد العديد من الأشخاص الموظفين في الدولة، أو الذين لهم أعمال خاصة يربون الخراف في أماكن خاصة جانب منازلهم، إما بقصد المتاجرة بها وزيادة دخلهم، أو بقصد تسمينها من أجل المناسبات الخاصة كالأعراس، يقول الأستاذ "مطيع أبو رسلان" الموظف في القطاع العام: «لقد وجدت أن تسمين الخراف مجدٍ، وهو يساهم في زيادة الدخل والمساعدة على أعباء الحياة الكثيرة، وأنا أجد متعة كبيرة معهم، وخاصة في أيام العطل عندما أخرجهم إلى البرية، فالعيش مع الطبيعة وتنفس الهواء النقي والرياضة الصباحية التي نمارسها دون تخطيط، والطعام والشاي في تلك الأماكن المفتوحة تجعل أي شخص سعيداً وبصحة جيدة، وفي باقي الأيام تقوم زوجتي باللازم لإطعام الخراف وسقايتهم، ويتولى أخي الصغير رعايتهم».

الخروج إلى المراعي.

تجدر الإشارة إلى أن نسبة كبيرة من أهالي ريف "السويداء" تمتهن تربية الأغنام كمصدر دخل رئيس؛ فهم يعدونها عملاً وحيداً ومصدر رزق بالنسبة لهم؛ لذا تراهم على دراية تامة بمستجدات الأحوال التي تتعلق بهذه المهنة، من مصادر للعلف، وأماكن للرعي، وأسواق للتصريف.

المبيت في المغارة.