تخصّص الفنان "بسام الدبس" بالتصميم، وبرع في ترك بصمات على مناطق عدة من "دمشق"، وبقي القريب من الفنون التشكيلية متخذاً من الفن العمراني حاضنة لأفكاره؛ لقناعته بأن العمارة أصل الهوية ووعاء الثقافة الإنساني.

عن هذه الفكرة وغيرها تحدث الفنان "بسام الدبس" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 10 حزيران 2019، وقال: «لا يمكن لعاقل أن ينكر أثر العمارة في الهوية ودورها كحاضنة للثقافة الإنسانية، واهتمامي بالعمارة والاستفادة من تكويناتها السابقة في خلق تصاميم جديدة عنوان أعمل على تطبيقه للمحافظة على استمرارية الفكرة وتواصل الماضي بالحاضر، سواءً بالأعمال التصويرية بالرسم الزيتي، أو تصاميم المناطق التي أنجزتها في مدينة "دمشق".

في مرحلة جديدة وفي مدينتي "السويداء" حاولت التأسيس لنواة مشروع فني عبارة عن تجمع لعدة فعاليات، أهمها صالة فنية تحتضن أعمال فناني المحافظة، وانطلقت بعدة معارض ضمن نمط جديد ليترافق مع عملية تدريب الأطفال على الرسم والموسيقا والخط، هذا المشروع فسحة بعد عمل طويل أسميته "كروكي"، التي أطلت بأحد الجوانب المرتبطة بذاتي، بالنسبة لي أقدم هذا العمل مثل مزارع يبذر (الحنطة) بشقوق كتل صخرية متأملاً حصاداً وفيراً، ليبقى للأجيال القادمة عبارة عن بذرة سوف تتبرعم بأياديهم، أطلب من كل مهتم بالفن السقاية والعناية به لنتابع الطريق الذي طالما حلمت به. ومن خلال هذا المشروع وجدت فرصة للعودة إلى الرسم وتصوير الحالة العمرانية في مدينتي من خلال عدة تفاصيل أعدّها بداية لمجموعات جديدة تلاقي ما قدمته في مراحل سابقة؛ وهذا مكمل لعلاقتي السابقة مع فنون العمارة والتصاميم الداخلية

برأيي، قد يكون الفنان أكثر ارتباطاً ببيئته وباحثاً بمكان عن شيء يربطه بجذوره وذكرياته. وأغلب الأحيان ننظر إلى المباني المحيطة بنا عندما نتخلى قسراً عن مكان نشأتنا ونعود إلى مخازن الذاكرة، نتفحص الملامح المجاورة لنهتدي إلى ضالتنا، وهي طريقة نسلكها تلقائياً لتشكيل فكرة ما عن هذا المكان الذي وجدنا فيه مدة من الزمن.

من أعمال الفنان بسام الدبس

فالعمارة واحدة من أهم أوعية الحضارة، ومرآة تعكس أصدق أنباء التاريخ، وقوة خازنة للخيال؛ يوصف ذلك بالإحساس الجمالي بالطابع المعماري أو الهوية الثقافية. فالمكان ترك لدي تأثيراً كبيراً في ذاتي كفنان، وبحقيقته كفضاء ثري غني لا متناهٍ، لأنه يعدّ بمفرداته الهائلة وخصوصيته الفردية محرك أي عمل فني باشرت به، وحملته من المشاعر والرؤى وتجليات الذاكرة القريبة والبعيدة.

بالنتيجة، لا يمكن بل من المستحيل أن تنفصل حالتي البصرية عن ذاكرة المكان، من طفولة الريف إلى حياة الشباب في المدينة إلى كل مكان حللت به وبقي حياً في داخلي مهما تقدم العمر. وتلك الذاكرة أشبه بالجذور التي تمد الشجرة بالغذاء».

من أعماله الحديثة

عن مسيرة فنية توزعت بين التصميم والتصوير يخبرنا ويقول: «درست الفنون الجميلة طالباً لحالة أكاديمية تدعم هوايتي في الرسم والتعبير باللون، بطريقة أضاءت على مستقبلي وبعدها اتجهت إلى التصميم والتصوير تبعاً لعلاقتي بالمكان وطرائق تجميل المكان بتصاميم عريقة تجمع الماضي والحاضر، وكانت دراستي في "بيروت" لأنطلق بعد التخرّج لعمل فني كان التصميم عنوانه.

عملت منفذاً لما أصمّمه؛ فقد قمت بتصميم وتنفيذ مراكز مهمة في مدينة "دمشق" مثل مستشفى "أمية"، والخيمة الرمضانية السنوية في صالة "المتنبي" بفندق "الميرديان" وبعض التصاميم الداخلية بفندق "شيراتون دمشق" والكرة الأرضية في مجمع نادي "بردى"، وعشرات المناطق في "دمشق" وريفها.

الفنان محمد عبد السلام

الفكرة المشتركة لهذه الأعمال كانت البحث عن جمالية وتنوع يعكس روح المكان وخلق رابط بين الفندق أو الساحة أو الخيمة مع المدينة وروحها، فلدى الفنان رسالة واضحة تتعلق بنقل رسالة تعرف عنه وتخبر المتفاعل مع أعماله بصرياً بأفكاره وما أراد التعريف به في بعض تفاصيل، مستفيداً من تطورات فنية عالمية ومحلية يراعي فيها انسجام ما يقدمه مع عمارة هذه المدينة، وروحها النابضة بالحياة من خلال أبنيتها العريقة وخلق نقاط تلاقٍ، لأننا سنبقى باحثين عن روح الأمكنة، ونحاول التأقلم بتوثيق ماضينا وذكرياتنا وجذورنا، وقد يكون هذا نوعاً من إرضاء ذاتنا، لكن الحالة تبقى ضمن هامش نسبية الوجود وحقيقة الواقع لنلجأ حينئذٍ إلى ذكرى المكان فيما ننجز صياغة، أو كتابة، أو شعراً، أو موسيقا، أو ألواناً نجسدها بلوحة لتبقى أرواحنا مرتبطة بجذور نستمد منها الحياة».

عاد إلى مدينته ليؤسس لمشروع فني وجد له القاعدة المناسبة للانطلاق، ويتابع من خلاله عمله الفني، ويقول: «في مرحلة جديدة وفي مدينتي "السويداء" حاولت التأسيس لنواة مشروع فني عبارة عن تجمع لعدة فعاليات، أهمها صالة فنية تحتضن أعمال فناني المحافظة، وانطلقت بعدة معارض ضمن نمط جديد ليترافق مع عملية تدريب الأطفال على الرسم والموسيقا والخط، هذا المشروع فسحة بعد عمل طويل أسميته "كروكي"، التي أطلت بأحد الجوانب المرتبطة بذاتي، بالنسبة لي أقدم هذا العمل مثل مزارع يبذر (الحنطة) بشقوق كتل صخرية متأملاً حصاداً وفيراً، ليبقى للأجيال القادمة عبارة عن بذرة سوف تتبرعم بأياديهم، أطلب من كل مهتم بالفن السقاية والعناية به لنتابع الطريق الذي طالما حلمت به.

ومن خلال هذا المشروع وجدت فرصة للعودة إلى الرسم وتصوير الحالة العمرانية في مدينتي من خلال عدة تفاصيل أعدّها بداية لمجموعات جديدة تلاقي ما قدمته في مراحل سابقة؛ وهذا مكمل لعلاقتي السابقة مع فنون العمارة والتصاميم الداخلية».

خبرة واسعة بمجالات الفنون التشكيلة وفق حديث الفنان "محمد عبد السلام"، وقال: «أضاف الفنان "بسام" إلى هندسة الديكور الكثير من الميزات والتجدد في هذا الفن، وأكثر ما لفتني بهذا الفنان أنه كان مصمّماً ومنفذاً بآن واحد، معظم تصاميمه كبصمة اليد لا تتكرر، يبدع بالتصاميم الحضارية، التي يصعب على العديد من الفنانين تنفيذها، حيث كان يدمج الديكور مع الفن التشكيلي، ويقوم أيضاً بتصميم الأثاث المنزلي أو المكتبي بأشكال مذهلة، يختار ألوانه بدراسة من حيث انعكاسها الفني والنفسي لدى المتلقي، هذا بما يخص الديكور والتصميم. أما فيما يخص الفن التشكيلي، فكانت تجربته ومواضيعه مختلفة ومتنوعة، ولم يكن يتجه نحو مدرسة معينة بالفن، وإنما خاض في جميع المجالات.

أكثر ما لفتني وأعجبني حين رسم لوحات يجسد فيها مدينة "السويداء" القديمة الأثرية؛ حيث رسمها وكأنه كان موجوداً عند بنائها، فكان من خلال هذه اللوحات التي رسمها مهندساً معمارياً وإنشائياً، ووضع فيها شيئاً من هندسة الديكور».

ما يجدر ذكره، أن الفنان "بسام الدبس" من مواليد بلدة "القريا" عام 1964، خريج كلية الفنون الجميلة بـ"دمشق" عام 1986، وتخرّج في "بيروت" (ديزاين) وتصميم إعلاني عام 1993. عضو اتحاد الفنانين التشكيليين، له مشاركات بمعارض جماعية داخل القطر، قام بتصميم وتنفيذ مراكز متميزة بمدينة "دمشق"، وقدم عدداً من التصاميم الداخلية لفنادق كبرى في "دمشق"، لديه مشاركات خارجية بعدة ملتقيات، أعماله مقتناة في "الرياض" و"جدة" و"الدمام" و"عمان" و"بيروت" و"طرابلس" في "ليبيا"، ومؤسس ومدير مجمع "كروكي".