فكرة اللوحة والخطوط المنحنية من أهم السمات التي تميز لوحاتها، حيث تعدّ الفنانة "إقبال الصفدي" أن الفكرة هي التي تمكن المبصر من إمساك التكوين في اللوحة، وأن الإنسان خلق بخطوط منحنية وليست مستقيمة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "إقبال الصفدي" في 26 أيار 2016، فتحدثت عن سبب اعتمادها الفكرة والخطوط المنحنية في طرح الموضوع المرسوم، وتقول: «أعتمد الفكرة والخطوط المنحنية، لأن الأساس في اللوحة هو فكرة التكوين، فعندما يمسك الفنان بالفكرة بطريقة صحيحة يتمكن من تحقيق التوازن بين القيم اللونية، ويحقق الانسجام بين الأبعاد وعلاقة النقطة مع الخط والمساحة، والربط بين هذه العناصر يجعل المشاهد أو المبصر للعمل الفني يمسك بما يريده الفنان من عمله الفني، وأنا أعتمد الفكرة لأن أغلب مواضيع لوحاتي مستمدة من الواقع والمعاناة التي تحدث فيه، لذلك ترى الأغلب فيها موضوع الحياة والموت، وحملت العناوين التالية: "صرخة الولادة"، "آلام السيد المسيح"، "الحلم"، "الاغتصاب"، و"ولادة من الخاصرة".

الفن هو رسالة وليس عملاً تزيينياً، بل هو رمز للهوية التي تنقل التاريخ بما يحتويه في فترة معينة من اتجاهات مجتمعية وفكرية، فالكثيرون من الفنانين نقلوا لنا ما هو صادق وحقيقي، وقد تم تصحيح التاريخ بناءً على لوحاتهم الصادقة، فالفن الحقيقي لا يحتمل الكذب والتزييف مع أنه يحتمل التحوير والرمزية في التعبير

وقد اخترت الخطوط المنحنية في اللوحات لأنها تقدم إحساساً وراحة للوحة، ولأن فكرة الولادة بدأت بنقطة وخط مائل والإنسان خلق كمنحنيات، لذلك كان الأساس لدي هو الخط المنحني، وهذا سبب وجود علاقات قوية في أعمالي بين الخطوط لأنها تمثّل حالة نفسية معينة، حسب عرض وطول الخط».

الفنان ناصر عبيد

وعن اللونين الأبيض والأسود الأساسيين في لوحاتها تقول: «لأن كل شيء في الحياة قائم على الأبيض والأسود، فاللون الأبيض يعطي اتصالاً بصرياً بين التكوين المراد رسمه والتكوين المرسوم، واللون الأسود هو لون التحديد، فأرى أن الأبيض والأسود يرسمان البداية والنهاية، لذلك فاللوحة التي تمتلك موضوعاً قوياً وتستطيع أن تخرج بصيغة لونية قوية، هي لوحة يظهر فيها هذان اللونان، ولذلك حتى في اللوحات التي أستخدم فيها عدة ألوان أخرى كالأحمر والأصفر والأزرق، ترى أن الأبيض والأسود يوجدان تلقائياً».

وعن تجاربها الفنية مع بقية الألوان تقول: «مع أن الأبيض والأسود هما اللونان الأساسيان، إلا أن لدي تجارب مع بقية الألوان، وذلك لأن الفنان يجب أن يكون لديه قدرة على استملاك الفن بالكامل، وعليه أن يخوض في أي تجربة فنية، لكن يجب أن يبدع باختصاص معين، فأنا لدي لوحات دراسات إنسانية بالألوان المائية، ولدي لوحتان زيتيتان إحداهما طبيعية صامتة، والثانية وجه "بورتريه" لامرأة، وهي أول تجربة لمزج الألوان بالزيتي، وهذا مهم لأن الفنان هنا يؤسس لمعرفة كل الاتجاهات الفنية، لذلك أيضاً قمت بالولوج إلى كل المدارس الفنية وعملت على دراستها؛ فكانت لدي لوحات من المدرسة الواقعية والسريالية والتجريدية والتكعيبية، وحالياً أقوم بدراسة الماجستير عن اللوحات ذات الطابع التعبيري ضمن اللوحات الواقعية».

لوحة السيد المسيح

تتابع: «استطعت أن أقدم أكثر من مدرسة في لوحة واحدة، وذلك بتقنية الحفر على المعدن من نحاس أو زنك، إضافة إلى الحفر على الخشب و"ليتيلوم"؛ وهي مادة من الجلد، حيث أقوم بإحضار تكوين معين وأقوم برسمها بكامل قيم الظل والنور بقلم الرصاص أو بقلم الحبر، وبعد الانتهاء منها والتأكد من جميع الدرجات اللونية أقوم بإسقاط هذا العمل وطباعته على قطعة الخشب أو المعدن عن طريق ورق الكربون، فيما بعد أقوم بوضع كليشة المعدن بمغطس من الأسيد بعد قشطها عن طريق الإبرة التي تخدش سطح المعدن وتزيل طبقة الورنيش مشكلة خطوطاً تتداخل بعضها ببعض لتعطي قيماً لونية، حيث يقوم الأسيد بحفر هذه الخطوط، ويمكن استخدام أكثر من مغطس من خمس ثوانٍ حتى خمس وعشرين دقيقة، وهو لتحديد عمق الخط وتحديد قيمة المساحات المحفورة».

وعن جوهر الفن والرسالة التي يجب أن يقدمها تقول: «الفن هو رسالة وليس عملاً تزيينياً، بل هو رمز للهوية التي تنقل التاريخ بما يحتويه في فترة معينة من اتجاهات مجتمعية وفكرية، فالكثيرون من الفنانين نقلوا لنا ما هو صادق وحقيقي، وقد تم تصحيح التاريخ بناءً على لوحاتهم الصادقة، فالفن الحقيقي لا يحتمل الكذب والتزييف مع أنه يحتمل التحوير والرمزية في التعبير».

لوحة صرخة الولادة

الفنان "ناصر عبيد" تحدث عن أعمالها بالقول: «أعمال الفنانة "إقبال"، لها طابع خاص، خاصة فيما يتعلق في طرح الأفكار الفنية الجديدة، ويلاحظ في أعمالها الخطوط التي تحكي موضوع لوحاتها ببراعة، كما أن في أعمالها بين الأبيض والأسود، ما يدّلك كمشاهد إلى معانٍ هي أقرب إلى الحوار الأزلي، من خلال تناول قضايا كونية، كلوحة "السيد المسيح" مثلاً، وفي أعمالها نرى تشابك الخطوط اللينة مع قسوة المكشط، وهذا ما يخرج من رحم الورق والحبر الأسود مواضيع فنية قوية، وأنا قد عرفتها طالبة لا تكلّ من العمل، وعرفتها زميلة في الدراسات العليا لا تمل من البحث في الأفق الذي لا ينته عن فكر جديدة لم تطرح سابقاً، كما أنني لمست فيها الصبر والإصرار في العمل؛ وهذا ما يجعل لوحتها مميزة بتكوينها وموضوعها وخامتها».

يذكر أن الفنانة "إقبال الصفدي" من مواليد بلدة "القريا" عام 1988، خريجة كلية الفنون الجميلة جامعة دمشق عام 2012، قسم الحفر والطباعة، وهي معيدة في كلية الفنون، وتدرس الماجستير، وأقامت أربعة معارض مشتركة، كما أن لديها 75 لوحة، ولديها مقتنيات في كلية الفنون الجميلة.