يعدّ غناء "الهجيني" من الغناء الشعبي البدوي الحامل لأغراض متعددة، وأوزان وألحان مختلفة تتوافق وفق البيئة الاجتماعية والواقع والحدث، ويمثّل أحد أعمدة التراث اللا مادي في محافظة "السويداء".

حول أوزان "الهجيني"، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 26 نيسان 2016، التقت الباحث التراثي "محمد جابر"؛ الذي بيّن قائلاً: «يشير العديد من الباحثين إلى أن أوزان وبحور "الهجيني" ثلاثة ارتبطت بقالبها، وهي من "البحر المديد"، ويأتي عروضه على (فعلان) وهو شاذ، وكذلك الضرب مجزوء أبتر (فعلن.. فاعلاتن فاعلن فعلن)، و"بحرالرمل" (فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن)، وتأتي الأخيرة على (فاعلات أو فاعلن)، والثالث وهو "البحر البسيط" (مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن)، وآخرون يعدّون أنه يقابل "الهجيني" الطويل في بحور الشعر العربي "بحر البسيط" وتفعيلاته المعروفة (مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن)، (مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلن)، وهناك أصوات نسائية مهمة في "جبل العرب" قدمت لنا في غناء "الهجيني"؛ فها هي الشاعرة "تركية غبرة" المولودة في قرية "ذيبين" تقول على بحر المديد في وجدانياتها:

عادة يترافق غناء الهجيني بألحان متعددة، منها الطويل الذي يحتاج إلى المد الصوتي، وآخر قصير، وله ألحان شتى تتوافق مع توافق الأغراض الشعرية للهجيني، وللهجيني الطويل إيقاع ثلاثي أخذ عنه إيقاع "الفالس" الغربي، ذلك لأن ولادة الهجيني أقدم من إبداع إيقاع "الفالس"، وميزة الهجيني أنها تغنى من أصوات قوية ورخيمة ولا تقبل الأصوات الضعيفة أو النشاز، وألحانها تعزف على آلات موسيقية متنوعة، وعادةً على آلة "الربابة"، لكن لدبكاتها ميزة خاصة؛ فهي تغنى مع ترافق خطوات خفيفة؛ إما دائرية أو من الأمام إلى الخلف

"طيري غدا والقلب مكمودْ... يا علتي من يداويها

الباحث محمد جابر

الطير المربى غلاته زود... يا عالم العلّه تشفيها"

ولأن الهجيني يتميز بخاصية العشق وسرعة التقاط اللحظة، وفي خضم لقاء الحبيب بعد طول الفراق، قدم الشاعر "حسن أبو غازي" الوجد قائلاً:

الشاعر عدنان علم الدين

"يا عل أني مع عديل الروح... بي ليلةٍ والخلق نومه

نسهر لياما الصباح يضوح... يا سهرةٍ ما بها لومه

يا صحَيبي بسرّنا لا تبوح... خلّه عن الناس مكتومه"».

ويتابع "جابر" وضع الشواهد لبحور هذا اللون فيقول: «في الحنين والشوق عن الأرض والوطن يقول الشاعر "محمد أبو خير" على مجزوء بحر المديد أيضاً:

"يا عيال يا معتلين الخور... يا موافقيني على الطيب

يا عيال ريضوا خذولي سطور... ولَّم على الكور يا غريب"

وهناك بحور مستخدمة مثل بحر "المديد ومجزوئه" وعليه شواهد كثر، أما على بحر "الرمل" فيقول الشاعر "نعمة العاقل" بوصف فتاة فاتنة الجمال:

"لدِّ هيفا في تشابيب الشروخِ... بالعمر ما جاوزت تعشر ربيعة

كنٌها اليعفور تندس ما تدوخ... نافره من طور حوَّاف مريعة

ايطل ادما وجيدها لونه كفوخ... قاطر الربراب توري وتريعه

لو همت للسير قبتها جفوخ... خطو طلخم في فدافد مستريعه"».

وأشار الشاعر الشعبي "عدنان علم الدين" إلى أن للهجيني أغراضاً استخدمت في الوجدانيات بأنواع مختلفة بقوله: «للهجيني أغراض متعددة الأغراض، منها الوجداني والعاطفي والوطني والاجتماعي، واستخدام بحورها على بحر "الرمل"، إذ يرسل الشاعر "إسماعيل العبد الله" حين كان سجيناً في "قلعة دمشق" بعهد الاستعمار التركي قصيدة هجينية، يقول فيها:

"هيه يلي راكبين على النجايب... ريضوا لاما كتابي تاخذونه

وانسفونا لدل من فوق الركايب... لازم ..لازم سلامي توصلونه"

نلاحظ من هنا الفرق في "المشد" وطريقة المناداة وقوة التركيب البنيوي في البناء الفني؛ إذ لا بد أن نعترف هنا أن الشاعر "إسماعيل العبد الله" من الشعراء الأوائل الذين قرعوا الشعر العامي في "جبل العرب"، إذ يقول:

"يا ضنا الجودات يا وجوه القرايب... بالسجن يا لابتي لا تتركونه

ما عمر دامت على الدنيا مصايب... من ثقل حمله ربوعه ينقلونه

كان دار الريح مع خطو الهبايب... بي حدا الردات لازم تذكرونه

العذر مقبول للي كان غايب... من حــضر يا لابتي لا تعـذرونــه"

أيضاً هناك حنايا شعرية قدمتها أصوات مختلفة من المجتمع؛ وهي تنبئ أن لأوزان الهجيني علاقة وطيدة مع مشاعر الحياة وأغراضها المختلفة».

وتابع الشاعر "عدنان علم الدين" بالقول: «ومن الأصوات النسائية أيضاً الشاعرة "ربيعة غانم" التي قدمت على "بحر الرمل" هجينة تقول فيها:

"يا وديدي إن طابلك بُوحِ وهيامي... هاك زفرات الحنين بضوع فله

اشقد هويتك وأنت تدري من كلامي... والقلب مشروح يرهجلك بظله

شوق زهرة من بنات الدوح كامي... بالعبير إللي بدالك ما تمله

ما هقيتك تركن الحسرى بعظامي... من العذول إللي زهالك فيه زله

خل عقلك من وحى الزينات سامي... فوق عثرات الكسيح الذاب عله

يا وديدي اليوم سرك عالدوامي... ضافي الشومات من شافه يجله

ضاق صدري من الهجر والدم حامي... بالخفوق الي خذيته من محلة"

أما على بحر البسيط، الشاعر" يونس أبو خير" ينشد بقصيدة حملت عنوان تفاحة آدم، يقول فيها:

"يا ونتي ونة المقصوم من رجله... على عشير خفيف الدم مربوعي

راعي الثويب الحمر باللبس لا يجله... يشبه لظبي يجوب القاع بارتوعي

الروح فديتها ومن الغلا لاجله... يا الله عسى الشر عن الزين مدفوعي

أبو ثنايا برد وبروق تلعجله... من مبسمٍ واحلو مصه على الجوعي

والوجه دورة قمر والعين مدعجله... ونهود فقع الكما واللمس ممنوعي"».

حول الغناء وأنواع الدبكات بينت الشاعرة "ربيعة غانم" مسؤولة التراث في مديرية الثقافة بـ"السويداء" قائلة: «عادة يترافق غناء الهجيني بألحان متعددة، منها الطويل الذي يحتاج إلى المد الصوتي، وآخر قصير، وله ألحان شتى تتوافق مع توافق الأغراض الشعرية للهجيني، وللهجيني الطويل إيقاع ثلاثي أخذ عنه إيقاع "الفالس" الغربي، ذلك لأن ولادة الهجيني أقدم من إبداع إيقاع "الفالس"، وميزة الهجيني أنها تغنى من أصوات قوية ورخيمة ولا تقبل الأصوات الضعيفة أو النشاز، وألحانها تعزف على آلات موسيقية متنوعة، وعادةً على آلة "الربابة"، لكن لدبكاتها ميزة خاصة؛ فهي تغنى مع ترافق خطوات خفيفة؛ إما دائرية أو من الأمام إلى الخلف».