بيعت كل لوحات معرضه الأول، فاعتبرها خطوة فاشلة لا ترقى إلى مستوى الطموح، فحاور اللوحة على طريقته المتفردة، مسابقاً العين في رؤيتها للأشياء قبل أن توضح في العقل بمعزل عما يراه الناس، فاكتسب شهرة واسعة ما زالت لا ترضيه.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان السوري العائد من ترحاله "فرزان شرف" يوم الأربعاء الواقع في 24 أيلول 2014، في منزله بمدينة "شهبا"، وكان اللقاء التالي:

يمتلك الفنان "فرزان شرف" قدرة جميلة على تبسيط اللون والمساحات، وكذلك تبسيط الأشكال مع الحفاظ على هويتها ودلالاتها، ونلمس في أسلوبه حس الزخرفة (مساحة لونية مبسطة مع خطوط قوية في الألوان)، ولديه ميزة الهدوء في ألوانه بحس رومانسي راقٍ، وبهذه السمات في لوحته يستطيع أن يبحر أكثر في تجربته التي لا بد له أن يشبعها أكثر، فلديه مخزون غني وواسع، وهذا باستطاعته أن يعمق تجربته ويغنيها

  • أنت في حالة غربة دائمة، ما الذي أصابك لتقرر الرحيل بعد انطلاقة مدوية في معرضك الأول؟
  • من تجربته الأولى في فلش الأسود على كامل اللوحة.

    ** كثيرون من الأصدقاء ظنوا أنني مجنون، والحقيقة، إن معرضي الأول الذي اعتبره المهتمون بالفن نقلة مهمة في حياتي الفنية لم يرضني، واعتبرته فاشلاً على الرغم من أن جميع اللوحات قد تم حجزها للبيع (وهو ما يسعد كل فنان)، وقد جاء فشله لأن اللوحات لم تصل إلى المتلقي كما أرغب، لقد أحسست بأنها من الرفاهية الفكرية البعيدة عن الناس البسطاء.

  • إلى ماذا استندت فكرته بالتحديد؟
  • تجربته الثانية في بيروت.

    ** استندت في معرضي الأول على فكرة انبثقت فجأة في رأسي من خلال مراقبتي للحيوانات والطيور، فالبومة مثلاً ترى فريستها على شكل ومضات وحرارة، ومن هنا كنت أسبق السيالة العصبية لألتقط صورة الإنسان أو المخلوق البكر قبل تشكل الصورة النهائية التي نراه فيها، وانطلقت من سؤال محدد من مِن المخلوقات يرى حقيقة الشكل؟ فالدماغ هو المسؤول، والعين هي المرآة التي فيها الثقب الأسود الضيق الذي يرى من خلاله الكون الكبير، ودوري يأتي من خلال سبق السيالة العصبية قبل وصولها إلى العقل المسؤول عن تشوهات السلوك الإنساني ورؤيته للأشخاص والأشياء والأشكال، وهو ما أطلقت عليه (التحوير المفتعل).

  • لقد طرأ على اللوحة من حيث اللون تغييرات كبيرة كانت بالنسبة للمتلقي العارف بالفن نقلة مهمة، فكيف كان اللون في لوحاتك؟
  • يحاول التجريب بشكل يومي للوصول إلى ما يريد.

    ** لقد قمت بعكس المتعارف عليه عندما (فلشت) اللون الأسود الجاف على سطح اللوحة، بعد ذلك أضيف اللون الذي لم يدخله أي عنصر ليغير من لمعانه الخام (أي اللون الخارج من العصارة)، حيث نرى الكائنات مستمدة الإضاءة من ذاتها، فتراها على حقيقتها، والمتعارف عليه هو (فلش) اللون الأبيض على كامل اللوحة، وذلك جعلني أستغني عن الأدوات المتعارف عليها من ريشة وسكين.

  • في هذا المعرض غاب الخط ليحضر اللون، فكانت نهايات اللون هي التي تحدد نهاية شكله، فكيف كانت المرحلة الثانية؟
  • ** كانت المرحلة الثانية محاولات متذبذبة ليعود الخط لأخذ مكانه في اللوحة، ومحاولة التخلص من الفكرة الأولى ومقاومتها لرؤية الجديد في الفن، كانت هذه المرحلة مستمدة من طقس جديد، ومكان جديد، وهي عبارة عن لوحات من الكرتون بيعت كلها في "بيروت".

  • بعد أن انتقلت للنحت في محاولة للبحث عن ماهية الحجر البازلتي، وبعد عودتك إلى الوطن بشكل دائم، أين اللوحة في عالمك؟
  • ** لم أخرج من نطاق التجربة، وما زلت أبحث في محاولة لكشف الجمال وتطوير الذات والبحث المطلق عن الإجابات.

    الفنان التشكيلي "طلعت كيوان" وجد في لوحات زميله بعض الزوايا التي لا يراها المتلقي كما هي العين الفاحصة المتمرسة لدى المختص، وأضاف: «يمتلك الفنان "فرزان شرف" قدرة جميلة على تبسيط اللون والمساحات، وكذلك تبسيط الأشكال مع الحفاظ على هويتها ودلالاتها، ونلمس في أسلوبه حس الزخرفة (مساحة لونية مبسطة مع خطوط قوية في الألوان)، ولديه ميزة الهدوء في ألوانه بحس رومانسي راقٍ، وبهذه السمات في لوحته يستطيع أن يبحر أكثر في تجربته التي لا بد له أن يشبعها أكثر، فلديه مخزون غني وواسع، وهذا باستطاعته أن يعمق تجربته ويغنيها».