عشق الخطاط "علاء نصر" الخط العربي، فتدرب على أيدي كبار الخطاطين مستعيناً بخبرة الأوائل منهم ليتميز بنمط خاص من العمل الفني من خلال إتقانه الخط وصناعة أحبار من ألوان وأدوات الطبيعة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الخطاط "نصر" بتاريخ 16 تموز 2014، وكان الحوار التالي:

"نصر" موهوب بالفطرة، وقد تعرفت عليه في مراحل مبكرة ووجدته عاشقاً للخط العربي، وما وجدته لديه لم أجده في أبناء جيله من حيث رغبته في البحث وحرصه على التجربة، وكانت له إلى جانب الأعمال على مستوى الخط العربي تلك المعرفة التجريبية، فهو ليس خطاطاً فحسب، إنما هو فنان بصناعة الأحبار، وقد استغربت حين أعطيته تفاصيل بسيطة عن هذا الموضوع بالاعتماد على الصمغ واستخدام الفحم، فوجدته قد صنع أحباراً مختلفة ثابتة وجميلة اللون.. هذه الروح تجعلني أتوقع منه عطاء جديداً في هذا المجال، وقد عبرت له عن رغبتي بقربه لنكتشف معا أسراراً وأفكاراً ترتقي بالخط العربي لإعادة الألق لهذا الفن الجميل

  • من بين فنون متعددة اتجهت إلى الخط وتبحرت به، فهل تحدثنا عن ذلك؟
  • الخطاط علاء نصر مع الأستاذ احمد المفتي والأستاذ نبيل أبو عسلي

    ** بدأ حبي لهذا الفن في المرحلة الثانوية عندما أهداني أخي الأكبر كراسة "هاشم البغدادي"، وأخذت أطلع على هذا الفن وأبحث عن كل ما يرتبط به، والبحث عن سر جماله ليتطور حبي للخط كالرسم والموسيقا والشعر، ومن حسن الحظ أنني التقيت الأستاذ "نبيل أبو عسلي" الذي أعتبره مرشدي الأول في هذا المجال، فقد شجعني للذهاب إلى "دمشق" للنهل من علوم كبار الخطاطين، فكانت ولادتي الثانية بلقاء الأستاذ والباحث والأديب والفنان "أحمد المفتي"، الذي كان ومازال مرجعي الرئيسي الذي يتابع أعمالي ويمدني بنصائحه التي كانت لها بصمات واضحة على نتاج أعمالي ومراحل تطور تجربتي.

  • الخط العربي فن واسع الطيف والمسير إلى الأمام محكوم بعمل وجهد كبيرين، حدثنا عن ذلك؟
  • من أعماله على طريقة الآبرو

    ** كان التدريب في بادئ الأمر على تجارب خطية لكبار الخطاطين، وقد استفدت من أستاذي في انتقاء أفضل المراجع، في مجال النسخ والثلث لـ"نظيف"، و"سامي" و"الديوان والرقعة" لـ"محمد عزت"، وعدد كبير من المراجع التي ذاكرتها لتعلم القاعدة في الخط والمرونة في عملية التركيب وترتيب الحروف وبعض الانطباعات التي تساعد على إنجاز اللوحة بحالة متميزة، فيها من الإبداع ما ينقلها لعين القارئ والمتمعن بجمالية الحرف واللون والتكوين، وبقيت وفياً لطريقة أستاذي وهي أن أتأمل الحرف ألف مرة قبل كتابته لأني تعلمت منه أن إتقان القاعدة لا يكفي.

  • كخطاط تدربت بشكل شبه فردي، فكيف نقدم هذا الفن للشباب لنشره؟
  • لقطة من مرسمه

    ** إن الطريقة التقليدية لتعليم الخط شاقة وقد لا يمتلك الشباب في هذا الزمن من الصبر ما يؤهل استمرارهم في تجربة تعلم الخط، ولن ننسى مشكلة الوقت وكثرة المشاغل وتنوع الاهتمامات، وبالتالي قد يكون من الصعب تطبيق الطرق القديمة ولا بد من ابتكار طرائق جديدة لتدريس الخط من ناحية، وإيجاد مراجع تقوم على فكرة الشرح الهندسي للحروف بطريقة علمية من ناحية ثانية، والاستفادة من الفعل الحضاري في تطوير هذا الفن والمحافظة عليه والتعريف به ونشره ضمن أوساط الطلبة في مراحل مبكرة.

  • عشقك للخط ورغبة التجريب دعتك لإنتاج أحبارك الخاصة من الطبيعة، فهل تحدثنا عن هذه التجربة؟
  • ** على الرغم من تمسك الخط العربي بالقواعد لكن عشقي للخط ولد لدي ولعاً بالبحث والتمعن، فكانت البداية من أفكار مدّني بها الأستاذ "أحمد المفتي"، لذلك اختبرت إنتاج اللون الأسود من شحّار المدافئ، والبني من مواد طبيعية متنوعة، واللون الأحمر من التوت الشامي والورد، واستفدت من مواد كيماوية وهي أنواع من الأوكسيد لتضاف بطرائق مدروسة، وكنت على استعداد لتكرار التجربة عشرات المرات لأنتج اللون المطلوب ما دفع عني الحاجة لشراء الأحبار المتوافرة في الأسواق بأسعار مرتفعة لا تنسجم مع إمكانياتي المادية، وبالتالي ما قمت به ساهم في اتساع تجربتي، وأنا اليوم بصدد اختبار أنواع جديدة لأطور تجربتي في مجال "الآبرو" وإنتاج لوحات فنية بكل المقاييس.

  • ما هي هذه التجربة؟ وماذا تعني هذه الطريقة؟
  • ** "الآبرو" هي طريقة ابتكرها خطاطون كبار حيث نستطيع إنتاج لوحات مناسبة للكتابة وتقديم ملمح فني جديد بأن نعرّض أطباق الورق لتفاعل بسيط مع مجموعة من الأحبار التي تنتج ألواناً وتلميحات ممزوجة يمكن تنسيقها وفق رؤية الفنان، هذا المجال جعل لعالم اللون لدي معاني جديدة ليكون لهذا المزيج فرصه في إنتاج ما يمكن أن نسميه لوحة فنية، فكيف إذا كانت هذه اللوحة ممهورة بالخط العربي.. وهنا نتمكن من نقل مشاعرنا والتعبير عن حالة شعورية وفق تموجات اللون وانسيابية الخط الذي في النهاية يتحدث عن شعور الخطاط وتجربته.

  • لماذا برأيك لم ينل الخط العربي الاهتمام على المستوى التدريسي؟
  • ** رغم وجود شريحة كبيرة من المهتمين بالخط وعشاق ما تنتجه القصبة، فإن الخط العربي في عالمنا العربي مهمل على صعيد تدريسه، فلا يوجد أكاديمية تدرس هذا الفن العربي الأصيل، ولا جامعة تقدم فرصة للدراسات العليا، بالتالي نحن بحاجة إلى جهات علمية متخصصة تقدم دراسات ذات وثوقية عالية لتعيد لهذا الفن ألقه من خلال شريحة الخطاطين الذين أنتجوا أعمالاً كبيرة تعدّ مشاريع تدريسية لها من الأهمية ما لها، ولا بد من الاستفادة منها وإدخالها ضمن برامج تكفل التعريف بها والعمل لجذب الشباب لتجربة الخط أو على الأقل التعرف على فنونه، لأنه للأسف لا فرق بين الخطاط الفنان وصانع "الآرمات" في بلادنا، ولن يتم التمييز إلا بنشر المعرفة وتقديم الخط كأي فن يدرس وفق مناهج علمية مدروسة.

    الباحث والفنان والأديب "أحمد المفتي" قال: «"نصر" موهوب بالفطرة، وقد تعرفت عليه في مراحل مبكرة ووجدته عاشقاً للخط العربي، وما وجدته لديه لم أجده في أبناء جيله من حيث رغبته في البحث وحرصه على التجربة، وكانت له إلى جانب الأعمال على مستوى الخط العربي تلك المعرفة التجريبية، فهو ليس خطاطاً فحسب، إنما هو فنان بصناعة الأحبار، وقد استغربت حين أعطيته تفاصيل بسيطة عن هذا الموضوع بالاعتماد على الصمغ واستخدام الفحم، فوجدته قد صنع أحباراً مختلفة ثابتة وجميلة اللون.. هذه الروح تجعلني أتوقع منه عطاء جديداً في هذا المجال، وقد عبرت له عن رغبتي بقربه لنكتشف معا أسراراً وأفكاراً ترتقي بالخط العربي لإعادة الألق لهذا الفن الجميل».

    الجدير بالذكر، أن "علاء منصور نصر" من مواليد "دمشق"، موظف في مديرية صحة "السويداء"، قدم معرضه الفردي عام 2004 في ثقافي "السويداء"، وعام 2005 في مدينة "صلخد"، وشارك بعدة معارض في نقابة الفنون الجميلة وعدد من المسابقات الدولية في إسطنبول "أرسكا"، وله مجموعة من الأعمال المقتناة في الدول العربية، منها "الجامع الكبير"، ويعمل اليوم في تدريس الخط العربي وصناعة الأحبار والورق اليدوي.