روح الموسيقا ووجدانها يقدمها عازف العود العالمي "خالد الجرماني" بمنظور شرقي، فيحاور ثقافات عالمية لإنتاجٍ شرقي الهوى.

هو صاحب مشاركات متعددة على مسارح عالمية حمل إليها العود بطابعه الشرقي ليتحدث للعالم بلغة نظمها على إيقاع صوفي وجداني، هذا الإيقاع تحدث عنه العازف "خالد الجرماني" لموقع eSuweda الذي حاوره بتاريخ 24/7/2011.

عندما نستمع لموسيقا "خالد" نشعر بطقس يشبه الصلاة وحالة من التأمل الصوفي، مع أن هذه الموسيقا تتضمن جملا ديناميكية ورشيقة تواكب إيقاع العصر دون أن نقع في الصخب، هذه الموسيقا هي نتاج عازف مثقف يعطي بعداً جديداً لانتاجه الموسيقي، وهذا ما أغنى تجربته لتجده صاعدا باستمرار كل تجربة تتقدم عن سابقتها وهناك تطور ملحوظ يستند لثقافة هذه الموسيقا التي قدمت نفسها من خلال اكتشاف آلة العود التي هي من وجهة نظري عالم لم تكتشف مكامنه بعد، و"لخالد" تجربة في هذا المجال تحسب له، فنجده يغني ويعزف لهدف الموسيقا لإضفاء البعد الجمالي والحضاري لها لتكون رسالة للشعوب التي تتخاطب في حالات كثيرة من خلال لحن الوتر

  • في "باب السلام" الذي قدمته مؤخراً تجسيد لحوار الحضارات، كيف نسخر الموسيقا لبناء حوار إنساني حقيقي؟
  • من حفلة باب السلام ف المركز الثقافي في السويداء

    ** الموسيقا هذا العالم الذي وصفه "بيتهوفن" بالعالم المفتوح الذي يحتمل التأويل، بالنسبة لي هو طاقة خلاقة للتعبير عن رؤية الإنسان وما تختزنه ذاكرته من معان حقيقية للحياة التي نحاول نقلها للآخر من خلال ألحان وترانيم تلامس ثقافتنا وموروثنا لنخلق مساحات جديدة للحوار الثقافي على أرضية احترام الثقافات، وبرأيي إن مشروع "باب السلام" قُبل من الجمهور لعدة أسباب أهمها الموسيقا، لتكون الفكرة متممة لحالة وجدانية عاشها المتلقي، وبالتالي فالموسيقا قد تحمل رسالة وتكون تافهة وقد لا تحمل رسالة وتكون جيدة، هي متمردة على الأفكار التي نحملها لكنها عندما تصل للمتلقي ضمن التصور الذي نتخيله تجعلنا نتعرف لثقافة المتلقي ومدى انسجامه مع ما نقدم.

    في هذا المشروع كانت الموسيقا شرقية وغربية، ومن وجهة نظري الروح شرقية على الرغم من التوازن من حيث الشكل والفورم والمادة الموسيقية، ويظهر فيها الاتجاه الصوفي الذي لا ننكر أنه عالمي لكن فيه شيء كبير من روحانيات الشرق التي نجتهد عليها لنتحاور من خلال الموسيقا التي نحب. كانت طريقة التعارف مع عازف الكلارنيت "رفائيل فويار" الذي شاركني المشروع، طريقة عفوية عندما تواجدنا في ورشة عمل موسيقية وقبل التعارف التقينا بالعزف، هنا كانت الموسيقا وسيلة للحوار والتعارف لنؤسس بعدها لهذا المشروع الذي انضم إليه أخي "مهند" ولنقدم العمل عام 2008 على مسارح عدة دول منها سورية وفرنسا والمغرب ومالي والكويت والأردن والسعودية وكان له صدى جيد لدى الجمهور.

    إحدى حفلاته في بارس

  • كانت لك مجموعة كبيرة من الحفلات على مسارح عالمية، من خلال تجربتك هل نستطيع الوصول لتصور يساعدنا على تقديم موسيقانا السورية للعالم؟
  • ** العنصر الأهم في ذلك هو الآلة الموسيقية فلكي نقدم موسيقانا يجب أن نعيد إحياء الآلات القديمة لأن هناك آلات ضاعت وأثر غيابها على شكل الموسيقا، ومن هذه الآلات نذكر "الكمنجة" القديمة وهي في الأصل آلة شرقية تلبس بالجلد ولها ثلاثة أوتار، وقد ذُكِرَت في عدد من الكتب الموسيقية منها "مذكرات عثمانية"، و"السنطور" الذي يشبه "القانون"، و"المجوز"، و"الربابة" التي يمكن تطويرها بحالة الوتر الواحد و"الزورنة" و"الدودوك" وغيرها من الآلات، هذا بالمرحلة الأولى ومن ثم خلق مسارات إعلامية لهذه الموسيقا وتقديمها للطفل قبل الكبير وإحياء علاقة هذه الآلات مع الجيل لتدرس ونحافظ عليها كملمح هام لموسيقانا.

    خالد الجرماني في منزله في السويداء

    إن للمحطات الجديدة وشركات الإنتاج دوراً كبيراً في ذلك، ولنتذكر برامج قديمة اعتمدت مقطوعات موسيقية عالمية، جعلت جيلنا يتعلق بالموسيقا الكلاسيكية من خلالها، حيث نلاحظ اليوم أن ما هو متداول قد لا يفي الموسيقا الغربية ولا الشرقية حقها لأنها موسيقا ركيكة لا تخدم المستمع، خاصة أننا أبناء حضارة موغلة في القدم كانت مرجع "عابد عازرية" عندما لحن "جلجامش" ليجوب بها العالم كعازف سوري تناول الموروث بروح العازف الحقيقي.

  • تناولت التراث بمنظور مختلف يعتني بالمحافظة على طابعه الشرقي القديم، حدثنا عن هذا المشروع؟
  • ** كتأليف لم أتخذ عملاً من التراث لأعيد توزيعه، لأن الغاية من وجهة نظري هي المحافظة على روح النص الموسيقي التراثي والكلام الذي كتب في عصر مضى، وقد حاولت كتابة نصوص تلتقي مع هذا الموروث لحرصي على تناول إحساس هذا الموروث وروح العصر الذي كتب فيه، كما عمل "سيد درويش" و"الرحابنة" وأعددت نصا تراثيا بكلام جديد ولحن جديد.

    بما يخص الموروث كانت رغبتي أن يوثق بشكل دقيق وأتمنى أن نجد جهة تهتم بتدوين الموروث والأهم تدوين اللحن وإعداد نوتة مع أي من حفظة هذا الموروث، لأن إعادة التوزيع لا تخدم هذا الموروث فهي قد تساهم في انتشار الأغنية لفترة أطول لكن الأهم أن نسمعها مثلما كتبت ولحنت.

    عن تجربة "خالد الجرماني" تحدث المؤلف الموسيقي "ماجد بطرس" الذي وصفه بالموسيقي المثقف وقال: «عندما نستمع لموسيقا "خالد" نشعر بطقس يشبه الصلاة وحالة من التأمل الصوفي، مع أن هذه الموسيقا تتضمن جملا ديناميكية ورشيقة تواكب إيقاع العصر دون أن نقع في الصخب، هذه الموسيقا هي نتاج عازف مثقف يعطي بعداً جديداً لانتاجه الموسيقي، وهذا ما أغنى تجربته لتجده صاعدا باستمرار كل تجربة تتقدم عن سابقتها وهناك تطور ملحوظ يستند لثقافة هذه الموسيقا التي قدمت نفسها من خلال اكتشاف آلة العود التي هي من وجهة نظري عالم لم تكتشف مكامنه بعد، و"لخالد" تجربة في هذا المجال تحسب له، فنجده يغني ويعزف لهدف الموسيقا لإضفاء البعد الجمالي والحضاري لها لتكون رسالة للشعوب التي تتخاطب في حالات كثيرة من خلال لحن الوتر».

    الجدير بالذكر: أن "خالد الجرماني" قدم عملا مشتركاً عام 2004 مع عازف الغيتار العالمي الفرنسي "سيرجي سوغي" وآخر اسطواناته حملت اسم "أثر"، وقد طبعها معهد العالم العربي بعد حفلة ناجحة كانت بالتعاون بين المعهد ودار الأوبرا السورية، وسبقتها اسطوانة "دار ويند" التي يدور موضوعها بين "داروين" والعنب، ومجموعة كبيرة من الأعمال التي شقت طريقها للعالمية.