بفرشاتها وألوانها تتعامل الفنانة "عبير عامر" مع المساحات البيضاء التي تنسج لها الفكرة أولاً، قبل أن تترك للعمل المرسوم حرية اختيار اللون بهدف صناعة تشكيلات جمالية تحاكي البيئة والطبيعة والمضمون الإنساني.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "عبير عامر" بتاريخ 5 أيلول 2017، فتحدثت عن سبب استخدامها لكل الألوان الحارة منها والباردة من دون تحيزها للون معين حسب ما يظهر في أعمالها بالقول: «مع أنني أعدّ التخصص ميزة ترافق الفنان، لكن هذا بالنسبة لي يظهر في تشريح العمل الفني والفكرة القائم عليها العمل، أما فيما يخص اللون فأعدّ الموضوع المرسوم هو من يفرض ألوانه على الفنان، لذلك ترى في لوحاتي هذا الانتقال اللوني بين الحار والبارد وبين درجات الألوان، لأنني أعدّ أن الفكرة التي تم رسمها هي التي تفرض اللون، فلا يمكن أن ترسم وجهاً لامرأة حزينة مثلاً وتجعل اللون الحار الذي يضج بالحياة هو اللون المعتمد، فاللون مترجم حقيقي للخط ومحدد أساسي للموضوع؛ وهذا ما يجعل العمل أصدق وأقرب إلى الحقيقة، لذلك أعدّ حرية اللون هي أساس العمل الفني، وهذا ما يظهر في أعمالي».

هناك هوية في أعمالي الفنية تتجلى في الأفكار التي أعمل عليها وأختارها، لأنني أرى أن العمل الفني يجب أن يبدأ من ذهن الفنان، عبر الذكاء في اختيار الموضوع الذي يقوم عليه العمل، فيبدأ الانسجام بين الفكرة والعمل عليها، فترى الخيال يتحول إلى واقع حقيقي غير ممسوخ، عندها قد نرى ما يسمى الإبداع، وهو خروج فكرة جديدة تجعل الموضوع المرسوم يحمل سمة جديدة تميز العمل الفني والفنان معاً

وعن سبب التحيز في لوحاتها إلى المدرسة التعبيرية والسمة العامة لأعمالها، تقول: «ظهور المدرسة التعبيرية بوضوح، لأنني أعتمد المضمون في أعمالي أكثر من الشكل، وهذه ميزة المدرسة التعبيرية، وهذا يجعل الأعمال الفنية تبدو بعيدة عن السطحية، ولها مفهوم وهدف، مع أنني استخدمت أغلب المدارس في أعمالي؛ فقد استخدمت المدرسة الرمزية والتجريدية كما في معرضي الأخير الذي كان بعنوان: "فكر بغيرك"، وتحدثت فيه عن معاناة الأطفال السوريين بسبب الحرب، حيث قدمت 22 لوحة تضمنت مواضيع مختلفة ومدارس مختلفة؛ فكانت اللوحات التي قدمت الحالات الإنسانية الممزوجة بالأمل المرتبط بالمستقبل».

الفنانة عامر في أحد معارضها

وعن أهم ما تطور في تجربتها الفنية، تقول: «بعد عشرين عاماً من العمل بالفن، لا شك أن هذه التجربة قد تطورت مع الزمن، وخاصة من ناحية التشريح الفني للوحة، وزيادة الدقة في الأبعاد والخطوط التي تعدّ الأساس في اللوحة، وأعدّ أن أهم تطور حدث هو كيفية التعامل مع اللون، عبر فهم الموضوع المرسوم بتفاصيله لأي لون يريد، وهذا ما يجعل العمل أقرب إلى الحقيقة المرادة منه، وليس أقرب إلى ما يريده الفنان؛ وهذا ما يفتح طريق الإبداع الفني، وأنا لدي اليوم ما يزيد على 50 عملاً فنياً يحاكي تطور هذه التجربة، لذلك ترى في أعمالي الأخيرة التي قدمت فيها لوحات لأطفال بحالات إنسانية متنوعة ومتعددة دقة أكبر وتشريحاً جمالياً أفضل».

وعن أسلوبها في العمل الفني، تقول: «هناك هوية في أعمالي الفنية تتجلى في الأفكار التي أعمل عليها وأختارها، لأنني أرى أن العمل الفني يجب أن يبدأ من ذهن الفنان، عبر الذكاء في اختيار الموضوع الذي يقوم عليه العمل، فيبدأ الانسجام بين الفكرة والعمل عليها، فترى الخيال يتحول إلى واقع حقيقي غير ممسوخ، عندها قد نرى ما يسمى الإبداع، وهو خروج فكرة جديدة تجعل الموضوع المرسوم يحمل سمة جديدة تميز العمل الفني والفنان معاً».

الفنانة حنان أبو فخر إلى جانب الفنانة عامر

وعن جوهر الفن ورسالته، تقول: «الفن هو حالة انعكاس لقيم ومفاهيم مجتمعية وإنسانية، لذلك أهم ما في رسالة الفنان تقديم هذه القيم والمفاهيم، وهذا يبدأ من البيئة والمكان الذي ينتمي إليه الفنان، لذلك ترى في أعمالي حضوراً كبيراً للحياة في البيئة السورية، وكان آخر معرض لي قدمته في الشهر الثالث من هذا العام يحاكي بكل لوحاته الطفل السوري؛ وهو حالة توثيق لما حدث في هذه الفترة، حيث يرسم الفنان الحدث عوضاً عن كتابته، وهذه رسالة الفن الأولى برأيي».

وفي قراءة للفنانة "حنان أبو فخر" من مدينة "السويداء" في أعمال الفنانة "عامر"، قالت: «"عبير" تجسد في أعمالها الفنية المدرسة التعبيرية بكل ما تحمله هذه المدرسة من تشكيلات جمالية في المضمون والشكل، وخاصة من خلال تعاملها مع الفكرة في العمل الفني، وهي تقدم لنا مشهداً بصرياً مألوفاً من حيث الرسم، ومدهشاً من حيث الفكرة، فنرى مقدرة وعمل الفنانة الخبيرة، ونلمس إحساس الطفل المرهف وخياله في أعمالها، كما أنها تستخدم أدواتها بدقة للتعبير عن الحزن والفرح في اللوحة، وتترك للألوان العمل على إنارة عناصر اللوحة، و يمكن القول إن أعمالها تختصر المشهد وتكثف الموضوع، وهي على الصعيد الشخصي إنسانة ذات أخلاق عالية».

لوحة الطفولة من معرضها الأخير

يذكر أن الفنانة "عبير عامر" من مواليد مدينة "ينبع" في "السعودية"، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة، قسم الاتصالات البصرية في جامعة "دمشق" عام 1996، وحاصلة على دبلوم تأهيل تربوي عام 2008، وشاركت بعشرات المعارض الجماعية، ولديها معرض فردي واحد، وهي متزوجة، ولديها ثلاثة أولاد.