اختارت البطلة "لينا نوفل" طريقاً مملوءاً بالوعورة والمخاطر، وعرفت طوال مسيرتها الطويلة مع الحياة والرياضة ما ينتظرها من أوجاع، غير أن الطموح بترك بصمة خاصة، والقدرة على فعل المستحيل جعلاها واحدة من أبطال "سورية" بالرياضات الخاصة.

مدونة وطن "eSyria" التقت البطلة "لينا نوفل" بتاريخ 7 تموز 2017، لتتحدث عن بداية طريقها في الحياة، فقالت: «كانت طفولتي قاسية جداً، ولا يوجد فيها شيء يدعو إلى الفرح، خاصة أنني أصبت بشلل الأطفال بعد أربع سنوات من ولادتي، فعانيت في المرحلة الأولى كثيراً بسبب نظرة المجتمع القاسية والتعامل مع المصاب بالشلل كأنه لا لزوم له، وعبء ثقيل الظل على الحياة، من دون أن يفكر أحد ما يعانيه هذا المصاب من وجع، لكن مع ذلك تجاهلت كل الصعوبات بقوة إيماني وإرادتي، وثابرت في العلم إلى أن اجتزت المرحلة الثانوية بنجاح. بعد ذلك خضعت لعدة عمليات جراحية قاسية حتى وقفت ثانية على قدميّ، كانت قوة الإرادة تدفعني كي أمشي ثانية، وأدخل معترك الحياة الحقيقي.

في صراعها الطويل مع الشلل، لم تترك "لينا نوفل" اليأس يتسرب إلى نفسها، على الرغم من التعب والوجع المضني، ومنذ أن دخلت فريق ذوي الاحتياجات الخاصة وهي مصدر الأمل ومفتاح النجاح، تحولت مع الوقت من لاعبة هاوية تريد إثبات وجودها، إلى بطلة قادرة على الفوز الدائم

بعد ذلك التحقت بالفريق الرياضي لذوي الاحتياجات الخاصة عام 1997، وحصلت على المركز الأول في القوة البدنية خلال مدة زمنية قصيرة، وكانت هذه الشرارة الأولى لأتمسّك بالأمل، وتابعت بالرياضة حتى هذه اللحظة وكأني أدخل صالة الألعاب لأول مرة».

أثناء تكريمها محلياً

وتضيف عن سرّ تمسّكها بالأمل والهوايات التي أبدعت فيها: «كان أهلي يقفون دائماً إلى جانبي، ويعطونني الأمل بالشفاء، وعندما خضت الجراحة أكثر من مرة شعرت بأن الدنيا جميلة، ويجب عليّ أن أجتهد لبلوغ أهدافي بكل إصرار، دخلت كلية الحقوق ووصلت فيها إلى السنة الثالثة، وتوقفت قليلاً بسبب الأوضاع، توظفت في مديرية الزراعة، وأطمح أن أكمل تعليمي على الوجه الأمثل، ومن هواياتي كتابة الشعر. أمارس الرياضة يومياً وأعدّها طريق الخلاص الذي أنقذني من الجلوس، وقد أثبتّ ذاتي عندما تفوقت فيها على مستوى "سورية"، وما زلت حتى الآن أتعلم فنونها».

وعن بدايتها مع الرياضة، تقول: «كانت البداية مع المدرّب "فرج البلعوس" الذي لا أنسى وقوفه معنا، وصبره علينا، وهو الذي رسم لنا بداية الطريق، وبعدها تسلّم تدريبنا البطل العالمي "يحيى أبو مغضب" الذي يعدّ قدوة كبيرة لذوي الاحتياجات الخاصة. كان هاجسي أن أدخل هذه الرياضة من أقوى شيء فيها، وهو لعبة الحديد، فعندما دخلت الصالة الرياضية كان المدرّب يكوّن فريقاً جديداً من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكانت البداية لأثبت أن جسدي أقوى من الحديد. وهكذا كانت لعبة القوة البدنية؛ أي رفع الأثقال اللعبة التي أتقنتها من البداية، والتي من خلالها كنت أحصل على المراكز الأولى دائماً في أي تجمع رياضي في المحافظة أو على مستوى القطر».

رياضة رمي الرمح

وعن باقي الألعاب التي برزت فيها، والمعوقات التي صادفتها، أضافت: «كنت أشترك بوزن 40كغ، وهو وزني الحقيقي، ولعبة الحديد لعبة قوية لا يستهان بها أبداً، وتحتاج إلى مقومات غذائية وفيتامينات خاصة، وهو ما يمثّل عبئاً مادياً كبيراً.

أحرزت بطولات عديدة، وترشحت لبطولة لعرب عام 2006 التي أقيمت في "مصر"، ولم يحالفني الحظ أن أمثل وطني. وقد صادف أن عملت عملية تنشيف للعضلة؛ وهو ما نتج عنها نقص في الشوارد، ولهذا لم يكن هناك دعم من ناحية المكملات الغذائية والفيتامينات.

مع المدرب يحيى أبو مغضب

إضافة إلى بطولة رفع الأثقال، فأنا بطلة ألعاب قوى (رمي رمح وقرص)، وأتدرّب دائماً على تحطيم الأرقام القياسية على الرغم من كل العوائق. وأعمل مشاركة في تدريب الأصحاء، والتحقت كذلك بدورة حكم درجة ثالثة».

وصفها الزميل الصحفي "زياد عامر" اللاعب السابق بألعاب القوى، ورئيس فرع الاتحاد الرياضي في "السويداء" باللاعبة المعطاءة، وأضاف: «تعدّ "لينا نوفل" مثالاً حياً للرياضية التي لا تستكين على الرغم من كل المعوقات التي تصادفها، فهي بطلة في رفع الأثقال، وكذلك في رمي القرص والرمح، وكلها ألعاب تحتاج إلى القوة الجسمانية والتدريب المستمر والغذاء المناسب. حاولت طوال مسيرتها الموازنة بين العلم والعمل والرياضة؛ لذلك فهي قدوة لكل رياضي».

المدرّب والبطل الآسيوي "يحيى أبو مغضب" قال عنها: «في صراعها الطويل مع الشلل، لم تترك "لينا نوفل" اليأس يتسرب إلى نفسها، على الرغم من التعب والوجع المضني، ومنذ أن دخلت فريق ذوي الاحتياجات الخاصة وهي مصدر الأمل ومفتاح النجاح، تحولت مع الوقت من لاعبة هاوية تريد إثبات وجودها، إلى بطلة قادرة على الفوز الدائم».

يذكر أن "لينا نوفل" من مواليد قرية "مردك" في محافظة "السويداء"، عام 1972.