«تعتبر العملية التعليمية الركيزة الأساسية، التي تعكس مدى تقدم هذا البلد أو ذاك، لذا تُخصص وزارة التربية بميزانيات ضخمة، ومع هذا ما يزال واقع العملية التربوية في محافظة "الرقة" يعاني من وجود بعض الثغرات, التي أصبحت جزءاً من النظام الداخلي لمديرية التربية, ولعل واقع مدارس المدينة أفضل حالاً من واقع مدارس الريف، فمدارس الريف مازالت تستخدم طرق تعليم بدائية، وتعاني من نقص حاد في أعداد المعلمين، وخاصة في المواد الأجنبية والعلمية».

هذا ما ذكره لموقع eRaqqa بتاريخ (11/11/2009) المدرس "محمد الشيخ"، وهو يتحدث عن واقع التعليم في مدارس محافظة "الرقة".

قامت وزارة التربية بدراسة واقع الصفوف المجمعة في محافظات "الرقة"، "دير الزور"، "الحسكة"، و"إدلب"، ودرست إمكانية إحداث مدارس نموذجية في هذه المحافظات، بحيث يتم إحداث مدرسة نموذجية في التجمعات السكانية الموجودة في دائرة قطرها لا يتجاوز /10/كم، ويتم تأمين باصات لنقل التلاميذ إلى المدرسة المحدثة، وبذلك نتخلص من مشكلة الصفوف المجمعة، ونحقق استقراراً في العملية التعليمية

وأضاف "الشيخ" قائلاً: «لقد تم إقرار مادتي اللغة الانكليزية والفرنسية كمواد رئيسية في شهادة التعليم الأساسي، ومازالت مدارس "الرقة" تعاني من نقص مدرسي هذه المواد، وخاصة في مدارس الريف، والمسابقة الأخيرة التي عُين بموجبها /75/ مدرساً مساعداً للمواد الأجنبية، لم تغطِ أكثر من /30%/ من الحاجة الفعلية لمدارس المحافظة، ومحافظة "الرقة" بحاجة لأكثر من /800/ معلم لغة فرنسية لسد النقص الموجود في مدارسها، وهناك عدد كبير من المدارس الريفية لا يوجد فيها أي مدرس للغة الأجنبية، مما سيؤثر سلباً على هؤلاء الطلاب، حيث يصل الطالب حتى الصف العاشر، ومستواه متدنٍ في اللغة الأجنبية، وبعد أن تم إدخال مادتي اللغة الفرنسية والإنكليزية في شهادة التعليم الأساسي، أضحت هذه الشهادة صعبة المنال بالنسبة لأبناء الريف، وستفاقم هذه الحالة من انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في المحافظة».

من مدارس ريف المحافظة

وعن واقع التعليم في مدارس ريف "الرقة"، حدثنا المدرس "فيصل المصطفى" قائلاً: «مشاكل المدارس في المدينة عديدة ومتشعبة، ولكن في الريف المشكلة أكبر، فمنذ انطلاقة العام الدراسي، وشكاوى مدارس الريف مستمرة، تطالب بسد الشواغر، ورفد هذه المدارس بمعلمين اختصاصيين، فأنا أدرس في مدرسة "أبو جدي"، التي تبعد نحو /50/كم إلى الغرب من مدينة "الرقة"، وهي مؤلفة من كتلتين منفصلتين لحلقتي التعليم الأساسي، ولكل واحدة منها مشاكلها.

ففي الحلقة الأولى يبلغ عدد طلاب المدرسة من الصف الأول حتى الرابع نحو /45/ طالباً وطالبة، وهم يدرسون وفق نظام الصفوف المجمعة، الذي يقضي بتقسيم الطلاب إلى شعبتين، واحدة للصف الأول والثاني، والأخرى للصفين الثالث والرابع، ويتم تقسيم زمن الحصة الدرسية إلى قسمين، بحيث يصبح زمن الحصة الدرسية /22,5/ بدلاً من /45/ دقيقة, وقد أقدمت مديرية التربية على ضم الشعب منذ بداية العام الدراسي، وهذا سبب لنا الكثير من التعب والإرهاق وزاد في معاناتنا، وقد طالبنا مراراً وتكراراً بزيادة عدد المعلمين في هذه المدرسة، وإلغاء نظام الصفوف المجمعة، على الرغم من أن بناء المدرسة مجهز بالكامل، وقادر على استيعاب جميع الصفوف.

مدرسة للتعليم الأساسي في الرقة

أما الحلقة الثانية من المدرسة، وفيها أيضاً نحو /50/ طالباً من الصف الخامس وحتى التاسع، فمشاكلها أكبر، فعلى الرغم من مرور أكثر من شهرين على انطلاق العام الدراسي، فالطلاب مازالوا بدون معلم للرياضيات والمواد العلمية الأخرى، مما جعل الطلاب يطالبون بالانتقال من المدرسة إلى المدارس القريبة، وبالفعل انتقل أكثر من عشرة طلاب منها منذ بداية العام الدراسي».

وحول نظام الصفوف المجمعة، ومدى انتشاره في مدارس المحافظة، حدثنا الموجه التربوي "عامر حاج مصطفى" قائلاً: «مازالت محافظة "الرقة" تعاني من وجود نظام الصفوف المجمعة، وهذا الأسلوب يعتمد على ضم صفين أو أكثر في نفس الشعبة، ويقوم المدرس بتقسيم زمن الحصة بين الصفين، مما يؤدي إلى إرهاق الطالب والمعلم معاً، وللأسف فإن هذا النظام مازال موجوداً في نصف مدارس "الرقة"، حيث يبلغ عدد المدارس التي مازالت تعتمد هذا النظام /752/ مدرسة مجمعة، من أصل /1423/ مدرسة في المحافظة.

كما يوجد في "الرقة" نحو /65/ مدرسة طينية، وهي أيضاً تعتمد نظام الصفوف المجمعة، بمعنى آخر أن التعليم في هذه المدارس يسير في واد آخر، وقد ينهي الطالب في هذه المدارس الصف السادس، دون أن يتقن المبادئ الأولية في القراءة والحساب».

وعن أهم الإجراءات التي قامت بها مديرية التربية في "الرقة" لتذليل المعوقات التي تعتري سير العملية التربوية، حدثنا السيد "عبد الإله الهادي" مدير تربية "الرقة"، قائلاً: «مع بداية كل عام دراسي تطفو على السطح حزمة من المشاكل التي تؤثر على سير العملية التعليمية والتربوية، ولعل المشكلة الأبرز التي تتقدم على كل مشاكل التعليم في "الرقة"، هي مشكلة نقص المعلمين، وخاصة في مدارس الريف، فالنقص الشديد في أعداد المعلمين الاختصاصيين شكل فجوة كبيرة في العملية التعليمية، خاصة في مادة اللغة الفرنسية، حيث تحتاج "الرقة" إلى نحو /800/ معلم لغة فرنسية لتغطي النقص الحاصل لديها.

يوجد لدينا /3173/ شاغراً في الحلقة الأولى للتعليم الأساسي، وتقوم التربية بتعيين معلمين وكلاء لتلافي هذا النقص، وذلك بعد أن يتم إجراء مسابقة لهم، أما بالنسبة للحلقة الثانية فيوجد لدينا /800/ شاغر، حيث يعالج النقص عبر المسابقات التي تجريها الوزارة، حيث تم مؤخراً تعيين /1105/ مدرس مساعد، و/345/ معلم صف من خريجي كلية التربية، كما قامت المديرية بدمج بعض الوظائف الإدارية للحد من النقص في الكوادر التدريسية، ونقل المتفرغين إلى الكادر التدريسي لسد نقص المعلمين، كما ستقوم وزارة التربية لاحقاً بتأهيل وتثبيت عدد من المعلمين الوكلاء وفق شروط تحددها الوزارة».

وعن الحلول المقترحة للتخلص من نظام الصفوف المجمعة، والمدارس الطينية، أضاف مدير تربية "الرقة"، قائلاً: «قامت وزارة التربية بدراسة واقع الصفوف المجمعة في محافظات "الرقة"، "دير الزور"، "الحسكة"، و"إدلب"، ودرست إمكانية إحداث مدارس نموذجية في هذه المحافظات، بحيث يتم إحداث مدرسة نموذجية في التجمعات السكانية الموجودة في دائرة قطرها لا يتجاوز /10/كم، ويتم تأمين باصات لنقل التلاميذ إلى المدرسة المحدثة، وبذلك نتخلص من مشكلة الصفوف المجمعة، ونحقق استقراراً في العملية التعليمية».

وعن كيفية الارتقاء بواقع التعليم في المحافظة، حدثنا الموجه التربوي "عيسى الحمدي" قائلاً: «إن حل المشاكل التربوية، يتطلب إفساح المجال للخبرات التربوية لتأخذ دورها في هذا المجال، وتعيد صياغة النظام التربوي والتعليمي، من خلال قوانين وسياسات تربوية جديدة تتماشى مع الثورة العلمية والتكنولوجية التي يشهدها العالم، كما يجب أن تلحظ وزارة التربية في خططها أوضاع مدارس الريف، عبر رفدها بالمدرسين الاختصاصيين وزيادة تعويضات المعلمين العاملين في الريف سواء كانوا اختصاصيين أو وكلاء, كما أن دخول القطاع الخاص إلى حقل التعليم يدفعنا لإثارة أسئلة جديدة وعلامات استفهام لمناقشة شرعية المعاهد، التي باتت تغص بها المدينة».