ضمن تظاهرة مهرجان الشعر العربي، الذي تقيمه مديرية الثقافة بالرقة تحت عنوان «الشعر العربي الحديث، الهوية والمعنى» موقع eraqqa التقى الناقد الدكتور وفيق سليطين، وحاوره ضمن هذا العنوان، ووظيفة الشعر العربي في العصر الراهن، وخصوصية الرقة، وهي تحتضن هذه الفعالية المتميزة.

يقول الدكتور سليطين: أولاً من حق السؤال أن يكون مشروعاً، لكن ذلك لا يعني التسرع في تثبيته والإجابة عنه، لأن الأمر يستدعي أولاً كلاماً على الهوية، وهل الهوية شيء منجز ومتملك؟!.. أم هو شيء يصير ويتحقق بالإبداع والإضافة؟!.. هل الهوية انتماء إلى الماضي، أم الانفتاح على المستقبل؟!.. وهل المعنى شيء مصمت متماسك في البنية النصية؟!... أم هو تعدد وتأويل لهذه الأسئلة وما إليها؟!.. من شأنه أن يعيد محاورة السؤال لتحديده أكثر، ولنضعه وننهض بوضعه في المسار القابل للتبادل.

هل نحن قادرون على تحديد هوية خاصة بالشعر العربي الحديث؟!.. ليس هناك من تناقض بين محلية الهوية وعالميتها، فقد تكون الهوية متجذرة محلياً بقوة الإبداع التي ترفعها عالمياً، ومقولة «الشعر ديوان العرب» يعني هي من المسكوكات التي تحتاج إلى بيان وإيضاح، في مثل هذه الأيام وقبلها قيل كلام كثير عن النقاد والمبدعين على كون الرواية هي «ديوان العصر» وصدرت كتابات وسمت العصر بكونه عصر الرواية.. طبعاً كل هذا الكلام لا يعني أن يكون أحد الأجناس الأدبية بديلاً عن الآخر أو نافياً له، نحن بقدر ما نبدع نحقق هويتنا ونزيدها ثراءً، وبقدر ما نتخيل الهوية شيئاً موجوداً في الماضي بقدر ما نغرق في لجّة المحاكاة والاستعادة والتقليد والتكرار، المشكلة كيف نعيد صياغة العقل نقدياً للخروج من مثل هذه الثنائيات التي تكفه عن العمل؟!... أو تفرض عليه أن ينوس بين حدّيها المتواجهين؟!...

من الأنشطة الموازية لمهرجان الشعر العربي الرابع

وعن وظيفة الشعر يقول سليطين: هذا سؤال من صلب التفكير النقدي، وفي الإجابة عنه أقول: إن وظيفة الشعر لا تتحدد، ولا تقوم خارج طبيعته، وكل كلام عن الوظيفة بالمعنى المباشر يهدد بمحو الشعر، أو يرده إلى نسق آخر، هو أي شيء غير الشعر.. تأثير الشعر يتحقق من خلال النطق بالشعارات، وبالمعاني المجردة وما إليها، وعندما يسود الخطاب الشعري شيء من ذلك، يكون الرجحان لعناصر ضاغطة في المحيط الاجتماعي العربي، يمكن أن نذكر في هذا المجال ضغط الهزيمة الحزيرانية، وما ولدّته من اندفاعات على المستوى الإنشائي، لكن ما يبقى على العموم، هو القيمة الفنية للشعر، لأنه لا يعترف بما يقول، وإنما بكيفية القول، أي بكيف يقول ما يقول، وفي هذا إشارة إلى التقانات والصنعات الفنية، والاستجابة الجمالية، ومجمل ما ذكر هنا يردنا إلى ما بدأت الإجابة به، من أن وظيفة الشعر لا تتحقق خارج الوفاء بطبيعته والإخلاص له.

الخصوصية الرقاوية

وعن خصوصية الرقة بفعالياتها المتميزة يقول سليطين: من اللافت للنظر هذا النشاط الكثيف الذي تنهض به مديرية الثقافة بالرقة، وهو ما لا تستطيع أن تنهض به مؤسسات كبيرة، فهناك مهرجانات الشعر والسرد، والفكر العربي بمستوياته المختلفة، يتخللها الحرص على تفعيل الأداء وتجويد النوع، وهذا يترك انطباعاً مؤثراً وإيجابياً في أذهاننا جميعاً، ونحن حريصون كأهل البيت على الإسهام الفعال في رفد هذه الجهود التي تؤكد الحضور الثقافي، حضوراً جامعاً للشمل العربي، ومحققاً لحد ضروري من التواصل، وتبادل الآراء، وتضافر الجهود المشتركة التي شهدنا تمزيقها، وتقطيع لحمتها في غير مجال، وكأن الثقافة تغدو هي الحامل الأهم للنهوض بعبء الأمة العربية وتطلعاتها نحو مستقبل عربي منشود، يحقق للذات الحضارية إمكانية المشاركة في صنع العالم الحديث، ويحفظ لها دورها فيه.

بقي أن نشير أن الدكتور وفيق سليطين من مواليد عام 1961 اللاذقية، ويحمل شهادة الدكتوراه في الأدب من جامعة القاهرة، ويعمل أستاذاً في كلية الآداب، قسم اللغة العربية، جامعة تشرين باللاذقية، وهو ناقد وشاعر، وعضو اتحاد الكتاب العرب، جمعية الشعر، وله العديد من المجموعات الشعرية، منها: العتبات، وفي سماء الهديل، ومعاكسة لأوابد الضوء، وفي النقد: الشعر الصوفي بين مفهومي الانفصال والتوحد، والزمن الأبدي، وغواية الاستعادة، والنص القديم في أفق القراءة المعاصرة، إضافة إلى عدد كبير من المقالات والدراسات الأدبية المنشورة في الصحف والدوريات المحلية والعربية.