«لقد عشت وتعاملت في غربتي، مع كثير من الجنسيات، في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ولم أجد أروع من تعاملنا كسوريين، مع كل الناس، ولا أقول هذا الكلام لأنني مواطن عربي سوري، ولكنه نقل صادق عن آراء كثير من الإخوة العرب، الذين شاء لي حسن طالعي أن ألتقي بهم، خلال فترة عملي وإقامتي هناك، فأنا أفخر عندما يتحدث الأشقاء الخليجيون عن ثراء بلادهم، بأننا نحن كسوريين، شعب يعيش باعتماده على مقدراته الذاتية، وينام ويصحو في كل يوم على اكتشاف أثري يثبت أننا بلد الحضارات».

هكذا يبدأ المغترب الأستاذ "عدنان حسين الأحمد"، حديثه لموقع eRaqqa الذي التقاه بتاريخ (15/12/2008)، بعد عودته من رحلة اغتراب دامت قرابة عشر سنوات، قضاها متنقلاً بين دول الخليج العربي، حيث قرر أخيراً الاستقرار في بلده سورية، ويتابع لنا حديثه عن عمله السابق هناك، فيقول: «كنت موظفاً في كبرى الشركات الخليجية، حيث بدأت العمل كاختصاصي إعلانات، وانتهى بي المطاف كمدير للتسويق، إذ عملت في شركات الإعلان، والمؤسسات الإعلامية، كالصحف، والمجلات، وشركات التطوير العقاري، اكتسبت خلالها الكثير من الخبرة، وكان لي بلا فخر، الدور في إنجاح المشاريع التي كنت أتولاها مع فريق العمل الذي يرافقني، وساهمت مع الفريق ذاته، في رسم استراتيجيات نجاح لأكثر من مشروع لتلك الشركات، وكانت البداية في وكالة إعلان صغيرة في مدينة "الشارقة"، التي كان عدد موظفيها حينها، موظفان فقط، وكان هذا التعيين يمثل تحدياً شخصياً لي لإثبات قدرتي لإنجاح هذه الوكالة الصغيرة، فقد كنت أبرع في مجال الإعلان، والتسويق، وخلال أربع سنوات من العمل الجاد والمضني، وصلت لمرتبة الرجل الثاني في هذه الوكالة بعد مالكها، والتي كانت صغيرة سابقاً، فقد وصل عدد موظفيها إلى /15/ موظفاً، واحتلت الترتيب الثاني في مدينة "الشارقة" كوكالة إعلان ناجحة، واستطعنا بعون الله وبحمده الفوز بأكثر من عقد عمل في الإمارات الأخرى، فالنجاح ليس بالأمر الهيِّن نيله، وأذكر جيداً بأنَّ ساعات عملي عندما انتقلت لإمارة "دبي" للعمل بذات الاختصاص، تجاوزت الـ/15/ساعة عمل يومياً، بسبب ظروف المنافسة في تلك الإمارة، التي تعد من كبرى مدن العالم المنافسة لتحقيق نهضة مميزة في كافة المجالات».

بالطبع نعم، إذ لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن إنجازٍ سياسيٍ، أو اقتصاديٍ، أو علميٍ، تمر به سورية، التي هي اليوم خلية نحل على كافة المستويات، تجذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة، لما تمنحه لتلك الاستثمارات من أرضية نجاح تبحث عنها، وأذكر بأنَّ المستثمرين الخليجيين عندما قدموا إلى سورية، في الأعوام السابقة، أرادوا أن يستثمروا في التطوير العقاري فهو الدجاجة التي تبيض ذهباً كما يقولون، وطرحوا أمثلة عن نجاحهم وتفوقهم في هذا المجال، كناطحات السحاب، والمدن الكبرى المتكاملة، لكن الاقتصاديين السوريين، طلبوا منهم الاستثمار في كافة المجالات، وهي رؤية تسجل للسياسة الاقتصادية في سورية، التي استطاعت وبعون الله أن تبقى دائرة عندما بدأت أسواق المال العالمية بالتراجع

وحين سألنا ضيفنا عما تعنيه الغربة في بلد عربي، أجاب: «أنت في الخليج لا تعيش مع جنسية واحدة كما أسلفت، لكن مع عدد كبير من الجنسيات، وكنت شخصياً أراقب خلالها سلوكي العام، وتصرفاتي، وعاداتي التي قد لا تتفق مع الخط العام لطباع المجتمع الذي أحيا فيه، لأعطي بنهاية المطاف صورةً عن ذاتي، يكون الآخرون من خلالها الصورة الكبرى عن المواطن السوري، فنحن أمام مجتمع بشري متنوع الأعراق والطباع، ففي دولة الإمارات وحدها، كان العرب يمثلون ما نسبته /20%/ من إجمالي عدد السكان، بما فيهم شعب الإمارات، ومن خلال كل ما ذكرت أجدني مطالب بالقول لكم، بأن الغربة الحقيقية كانت تزورني، عندما كنت أفاضل بين العلاقات الاجتماعية التي تسود في هذا المجتمع الصناعي، وبين تلك الأخرى في بلدي، حيث ما زلنا نحيا عفوية تلك العلاقات وعدم دخولها في عالم المجاملات، وكان يتجدد عند انتهاء زيارتي لبلدي أثناء الإجازات التي كنا نقضيها مع الأهل والأحباب، ولأن للديار حنين موجع، فقد كان ألم الغربة أحياناً يجعلك تزهد في كل شيء، وهذا الشعور كان ينتابني أحياناً».

في إحدى المراكز التجارية الخليجية

أما عن طبيعة تواصله مع أخبار بلده، فيقول "الأحمد": «لا أخفيك سراً أن الفضائية السورية هي القناة الفضلى لديَّ في متابعة أخبار الوطن، كما أنني ومن خلال عملي في مجال الدعاية والإعلان، كنت أتابع سورية من خلال الصحافة الخليجية، ومواقع "الانترنت"، بمعدل ساعة يومياً، أقوم خلالها بزيارة خمسة مواقع تخص مدينتي "الرقة"، وسورية بشكل عام، ومع انطلاقة موقع eRaqqa كنت أزوره بشكل يومي، لأتابع كل خبر ولقاء جديد ينشر فيه، والميزة الجميلة في هذا الموقع، طريقة تحريره للخبر، وطريقة عرضه للمواد المنشورة، وتقسيمات أبوابه التي تشمل الكثير من المعلومات، وكم أسعدني باب المغترب الذي نستطيع من خلاله كمغتربين أن نرسم بعض ما نحن عليه في بقاع العالم المختلفة التي نعيش فيها، ونبرز لأبناء بلدنا بأننا سفراء يعتمد علينا في إبراز وجه سورية جميلاً كعادته».

أما عن سؤاله إن كان قد استطاع رصد التطور الذي تمر به سورية في مغتربه، فقد أجابنا "الأحمد" بالقول: «بالطبع نعم، إذ لا يكاد يمر يوم دون أن نسمع عن إنجازٍ سياسيٍ، أو اقتصاديٍ، أو علميٍ، تمر به سورية، التي هي اليوم خلية نحل على كافة المستويات، تجذب الاستثمارات الأجنبية الكبيرة، لما تمنحه لتلك الاستثمارات من أرضية نجاح تبحث عنها، وأذكر بأنَّ المستثمرين الخليجيين عندما قدموا إلى سورية، في الأعوام السابقة، أرادوا أن يستثمروا في التطوير العقاري فهو الدجاجة التي تبيض ذهباً كما يقولون، وطرحوا أمثلة عن نجاحهم وتفوقهم في هذا المجال، كناطحات السحاب، والمدن الكبرى المتكاملة، لكن الاقتصاديين السوريين، طلبوا منهم الاستثمار في كافة المجالات، وهي رؤية تسجل للسياسة الاقتصادية في سورية، التي استطاعت وبعون الله أن تبقى دائرة عندما بدأت أسواق المال العالمية بالتراجع».

في دبي

ونختم لقاءنا مع "الأحمد"، بسؤالنا عن سبب عودته، وهل هناك مشاريع معينة يفكر بإقامتها في مدينته، فأجاب بالقول: «عندما قررت العودة إلى سورية، قمت بدراسة كل الفرص التي يمكن أن أستثمر فيها، ولم أجد فرصة أفضل من المرسوم التشريعي رقم /55/، الناظم للتعليم الخاص في سورية، فأفضل استثمار بالنسبة لي هو بناء الإنسان، ومن هنا فكرت بتأسيس مركز للغات والكمبيوتر في مدينة "الرقة"، يعتمد الأساليب والطرق الحديثة، وعند وصولي قمت بشراء أحد المعاهد التعليمية الخاصة، الذي استطاع سابقاً بهمة كادره التعليمي، تخريج مجموعة من الطلبة المتفوقين، الذين تفخر بتفوقهم مدينة "الرقة"، وأنا حالياً بصدد إعداد الدراسات اللازمة لجعل هذا المركز، من المراكز الأولى في القطر، في مجال تنمية وتطوير الموارد البشرية، حيث سنقوم بطرح مجموعة من المناهج والدورات، متوسطة المدى في اللغة الانجليزية، والكمبيوتر، والدورات المهنية، كالمحاسبة، والتسويق، وإدارة الأعمال، كما سنسعى من خلال هذا المركز إلى طرح دورات متخصصة لخريجي الجامعات، كي تزيد مهارات عملهم، مثل دورات في إدارة المشاريع، والمنشآت، على سبيل المثال لا الحصر، فالعنصر البشري هو الأهم في أي عملية تطور، سواءً أكانت اقتصاديةً، أم اجتماعية، والموارد البشرية سر نجاح أي شركة، أو قطاع، مهما توفر فيه من إمكانيات أخرى».

ويذكر أن المغترب "عدنان حسين الأحمد"، هو من مواليد "الرقة" عام /1972/، التي درس فيها لحين حصوله على الشهادة الثانوية العامة، حاصل على درجة "الليسانس" في اللغة الانكليزية وآدابها، غادر القطر في عام /1997/م، ورجع في عام /2008/ ليستقر بشكل نهائي في بلده.

لقاء بين المغتربين في إحدى المناسبات