تكاد طقوس ظهور الأسنان ورميها عند الأطفال مشتركة بين أغلب المحافظات السورية، ولكن مع ذلك يبقى لكل منطقة خصائص تتميز بها، فأهل "الرقة" لهم طقوسهم وعاداتهم المميزة التي تبدأ بصنع الأطعمة، وتنتهي برمي الأسنان باتجاه الشمس.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 تشرين الأول 2014، السيدة "ميادة الخضر" من أهالي "الرقة" فقالت: «يحتفل أهل "الرقة" عندما تظهر أسنان أولادهم أو بناتهم أول مرة، ويفرحون به، ويتناقلون الخبر من فرد إلى فرد داخل العائلة، أما أم الطفل فتعد طبقاً من الحلوى الخاصة بهذه المناسبة؛ وهو طبق "السليقة" الذي يتداوله أهل المدينة والريف على السواء، وهناك من يقوم بتوزيع الحلوى على الأهل والأصدقاء إن كان من أصحاب الدخل الميسور».

وهناك أهزوجة تترافق مع هذا الموروث وهي أن الأطفال عندما يرمون أسنانهم باتجاه الشمس يقولون: "يا شمس يا شموسة يا حلوة يا عروسة... خذي اسناني الزغار وعطيني اسنان الكبار"

وتضيف: «بعد ذلك تجتمع العائلة والمقربون من الأهل الجد والجدة والأعمام والعمات، والأخوال والخالات وأبناؤهم وبناتهم في اليوم التالي في منزل الطفل معبرين عن فرحتهم بظهور أسنان الطفل، كما ترسل الأم طبق "السليقة" إلى الجيران، والأصدقاء الذين يردون الفرحة بأجمل، إذ إن الصحن لا يعود فارغاً إلى الأهل بل يعود وبداخله هدية أو نقود».

السليقة الخاصة بالأطفال في الرقة

وتتابع عن طريقة تحضير "السليقة": «"السليقة" في "الرقة" تتميز عن غيرها من أنواع "السليقة" في المحافظات، وتتكون من: قمح و"بكُل" و"البكُل" (لبن مجفف يابس)، وفاصولياء حب، وفول، و"عوين"، وكمأة، وفطر، وحمص، توزع على الجيران والأهل والأصدقاء، حيث يتم تحضيرها ونقعها في الماء منذ الليل، وفي الصباح يتم طبخ القمح أولاً، ومن ثم توضع باقي المكونات تباعاً عند نضجه يوضع عليها "العصفر" الكركم والفيلفة الحمراء المطحونة، ومن ثم يوضع عليها السمن العربي وتمتاز به مدينة "الرقة"».

وأشار الباحث في التراث الفراتي "خالد جمعة" بالقول: «لكل مجتمع عاداته وتقاليده التي يحتفظ بها ويقدسها بعضها يزول وبعضها ما يزال حاضراً، ومجتمع مدينة "الرقة" من تلك المجتمعات التي لا يزال أهلها يحتفظون ببعض العادات التي ورثوها من أجدادهم؛ ومنها رمي سن الطفل باتجاه الشمس؛ وهذه العادة لها حكاية واعتقاد عند الرقيين القدماء تتلخص بأن الطفل عندما يقوم برمي سنه المنزوع سوف يظهر بدلاً منه، شريطة أن يرميه باتجاه قرص الشمس وهو يدعو أن يبزغ سن بدلاً منه، وهذه العادة تكاد تكون صحيحة ليس لأنهم رموها باتجاه الشمس، لكن علمياً الطفل تبدأ أسنانه اللبنية تتساقط وتظهر أسنان أخرى، لكن ولتخفيف الأمر على الأطفال ولتخفيف الألم عنهم كانت هذه العادة من قبل الآباء الذين يشيرون لأبنائهم أن يرموا أسنانهم صوب قرص الشمس حتى تظهر أسنان بدلاً منها، وبعد فترة يصبح ذاك صحيحاً طبيعياً».

الباحث خالد جمعة

ويضيف: «وهناك أهزوجة تترافق مع هذا الموروث وهي أن الأطفال عندما يرمون أسنانهم باتجاه الشمس يقولون:

"يا شمس يا شموسة يا حلوة يا عروسة... خذي اسناني الزغار وعطيني اسنان الكبار"».

الأطفال يأكلون السليقة

ويتابع: «والأهل يعلمون الطفل قول ذلك من باب الدعابة والنكتة، ويعود ذلك إلى اعتقاد هو أن شيئاً ما وراء قرص الشمس يساعد على بزوغ الأسنان الجميلة ويجعلها قوية متينة، ولتبديل الأسنان اللبنية طقوس أخرى جميلة ومحببة للطفل، فحين يسقط السن استعداداً للتبديل، يمسك الأب أو الجد أو الأم السن المخلوع بالسبابة والإبهام وينزعه، ثم يعطيه للطفل ليرميه إلى الشمس وهو يهتف: (يا شمس يا شموسة خذي سني القديمة وعطيني سن الغزالة)، ثم يرمي الطفل السن إلى عين الشمس فلا يراه، ويظن أن الشمس قد أخذته لتعطيه غيره».‏