«جاءت المدونة الاجتماعية لأهل "الرقة"، ملبية للتطورات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة التي تشهدها منطقة وادي "الفرات"، والمدونة عبارة عن قانون عشائري، ينظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والجزائية، وهي تلبي احتياجات المنطقة، وتؤكد مواكبتها للقانون السوري، وسيادته كمبدأ أساسي، وتم العمل بها بعد صدورها مباشرة.

المدونة، أو قانون العشائر، شارك في وضعه كل من السادة "شلاش الهويدي"، شيخ عشيرة "العفادلة"، و"شعبان الأحمد الحمود"، شيخ عشيرة "الحليسات"، والمحامي "خالد نظام الدين"، الذي شغل منصب المحامي العام في "الرقة"، وهو محام مشهود له بالكفاءة والخبرة، ولأن "شعبان الأحمد الحمود" مسكون بـ"الرقة"، فقد عمد ومن معه في هذا المجال لتوسيع دائرة القانون العشائري، وجعله ملزماً لكافة الأطراف المتنازعة، وأيضاً سعيه المتواصل في مجال تطوير العلاقات الاجتماعية، خاصة في مجال الأفراح والأحزان».

ساهمت خلال تواجدي في هذا المكتب، وإشرافي المباشر على البلديات بحل العديد من القضايا المهمة، منها تحديث المخطط التنظيمي لمدينة "الرقة"، وتقديم دراسة تفصيلية حول إنشاء بلديات الدرجة الرابعة، وتجهيز المخططات التنظيمية للبلديات، وتحديث شبكة الكهرباء في المحافظة، وإحداث مستوصفات ومراكز صحية، وتركيب خطوط هاتف لمناطق ريف المحافظة

بهذه المقدمة يتحدث الباحث "محمد العزو" لموقع eRaqqa حول قانون العشائر، أو المدونة الاجتماعية لأهل "الرقة"، والتي شارك بإعدادها موضوع شخصية اليوم السيد "شعبان الأحمد الحمود" شيخ عشيرة "الحليسات" في محافظة "الرقة".

من جلسات مضافة عشيرة الحليسات

ويتابع "العزو" حديثه حول "الحمود" قائلاً: «عرفت "شعبان الأحمد الحمود" منذ نعومة أظفاره، درسنا المراحل الدراسية الابتدائية والإعدادية والثانوية معاً، رفقاء في القرية التي تحولت إلى حي "المأمون"، نتشارك في الهموم، والتطلعات، إلى أن فرَّقتنا الغربة، حيث سافرت إلى تشيكوسلوفاكيا لمتابعة دراستي العليا، وظل هو بهدوئه الرصين المعتاد يحلم بالارتقاء بمدينة "الرقة" نحو الأفضل.

نشأ "الحمود" عصامياً، يعمل بجد وتفانٍ، وبجهد لا ينقطع، لينال ما يصبو إليه، وخلال المرحلة الثانوية، كنت أشعر بأن هذا الشاب يخفي طموحاً جاداً في اعتلاء سلم المجد، وهو حلم كبر معه، وأصبح هاجسه، الذي تحقق عندما أصبح عضواً في المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة، ثم عضواً في مجلس الشعب لدورتين، ومع نضوج أفكاره وأحلامه استطاع أن يدخل مسالك المجتمع الرقي، ويؤسس لمكانة مؤثرة وفاعلة، خاصة بعد أن شارك في وضع وثيقة "قانون العشائر".

الحمود يتحدث للموقع

"الحمود" من الرجال المجتهدين، ومن الشخصيات الرقية الفاعلة، ونتيجة تمتعه بالخلق الطيب، والأخلاق الحميدة، ورجاحة العقل، استطاع أن يحتل مكانة رفيعة لدى أبناء عشيرته "الحليسات"، فهو شيخهم، ورأس عشيرتهم، إضافة لأهل "الرقة" التي كان سندها في مجلس المحافظة، وتحت قبّة البرلمان، وأخيراً هو مثال حقيقي لشيخ العشيرة العصري».

وحول نشأته وبداية تشكل وعيه، يتحدث النائب "شعبان الأحمد الحمود" لموقعنا قائلاً: «وُلدت في مدينة "الرقة"، عام /1949/م، ونشأت ضمن أسرة تهتم بشؤون الزراعة والتجارة، وفي بيت أشتهر بالكرم ومتابعة شؤون أفراد العشيرة، وأهالي "الرقة"، حيث كان والدي رحمه الله يقضي جلَّ وقته في حل مشاكل الناس، وإقامة الولائم، خاصة في أيام الأعياد.

الحمود مع الباحث محمد العزو ومراسل موقع الرقة

توفي والدي وعمري ست سنوات، وتابع الإشراف على تربيتي أخوتي الكبار، الذين لم يقصروا يوماً في أداء واجبهم تجاهي، حيث أحسنوا تنشئتي، وإلحاقي بالمدرسة، وتعويض حنان الأب الراحل، وتدرجت في الدراسة إلى أن حصلت على الشهادة الثانوية، في عام /1970/م، والتحقت بعدها بالقوات المسلحة، حيث شاركت في حرب تشرين التحريرية، وحزت على وسام الشجاعة من الدرجة الأولى.

في عام /1975/م بدأت مشواري العملي في مجالي الزراعة والتجارة، وشكّل العام الذي تلاه منعرجاً حقيقياً في حياتي، حيث ترشحت إلى انتخابات مجلس المحافظة، وأصبحت عضواً فيه، وكنت أتلمس خلال هذه الفترة مشاكل وهموم أهل "الرقة"، وفي دورة عام /1990/م، أصبحت عضواً في المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة، والمسؤول عن قطاع البلديات، وهو من المكاتب المهمة في هذا المجلس، لأنه يجعلك بتماس مباشر مع جزئيات المواطنين، ومشاكلهم اليومية».

وحول مساهمته في المكتب التنفيذي، يقول "الحمود": «ساهمت خلال تواجدي في هذا المكتب، وإشرافي المباشر على البلديات بحل العديد من القضايا المهمة، منها تحديث المخطط التنظيمي لمدينة "الرقة"، وتقديم دراسة تفصيلية حول إنشاء بلديات الدرجة الرابعة، وتجهيز المخططات التنظيمية للبلديات، وتحديث شبكة الكهرباء في المحافظة، وإحداث مستوصفات ومراكز صحية، وتركيب خطوط هاتف لمناطق ريف المحافظة».

وحول عمله عضواً في مجلس الشعب، يقول "الحمود: «في عام /1994/م، ترشحت لعضوية مجلس الشعب في دوره التشريعي الخامس عن قطاع العمال والفلاحين، وفزت بعضوية المجلس، وكانت بداية أكبر لطريق طويل في تلمس قضايا المواطنين، ونقلها إلى الجهات العليا، ومناقشة خطط الحكومة، وبرامجها، وإضافة إلى متابعة حل مشاكل الأخوة المواطنين الشخصية، ساهمت بطرح العديد من القضايا، ومن أهم المطالب التي تحققت في هذا الدور التشريعي لمحافظة "الرقة"، تجهيز المشفى الوطني في "الرقة" بالتجهيزات الطبية الحديثة، ومنها الحصول على جهاز التصوير الطبقي المحوري، وأجهزة غسيل الكلية، وإحداث مستوصفات في ريف وبادية المحافظة، وتحديث المخطط التنظيمي لمدينة "الرقة"، وإنشاء منطقة صناعية جديدة في "الرقة"، وفتح مراكز لتجفيف الذرة الصفراء، والمطالبة بإحداث محلج للقطن، ومراكز لتسويق الأقطان، وفتح مركز لتعبئة وتوزيع مادة الغاز المنزلي».

ويتابع حديثه حول عضويته في المجلس في دوره التشريعي السادس، قائلاً: «في عام /1998/م ترشحت لخوض غمار التجربة الثانية لعضوية مجلس الشعب، ونجحت فيها أيضاً، لكن هذه المرة تعمقت تجربتي أكثر، وازداد حضوري تحت قبة البرلمان، وساهمت خلال هذه الفترة بالمطالبة بتحويل طريق "حلب" ـ "الرقة" إلى أوتستراد، وإحداث كليات جامعية، ومشفى "تل أبيض"، ومحطة تصفية ومعالجة للمياه، والتوسع بمشاريع استصلاح الأراضي، ومشروع الصرف الصحي المتكامل في مدينة "الرقة"، وخلال هذه الفترة أصبحت عضواً في مؤتمر البرلمانين العرب، الذي عقد في عام /1998/م في مدينة "الأقصر" المصرية، وكنت عضواً في الشعبة البرلمانية السورية طيلة وجودي في مجلس الشعب».

وحول مشاركته في إعداد "قانون العشائر"، يقول "الحمود: «شاركت بإعداد المدونة الاجتماعية، التي تنظم العلاقات الاجتماعية والجزائية بين العشائر، بالاشتراك مع الشيخ "شلاش الهويدي"، شيخ قبيلة "العفادلة"، والمحامي "خالد نظام الدين"، وقد أصبحت هذه المدونة دستوراً اجتماعياً وقضائياً للقبائل والعشائر في وادي "الفرات"، ويُعمل بها في مجال التعامل والصلح والجزاء، ودفع الدية، وتقدير حالات القتل بين العمد وغير العمد، وفض النزاعات بين الناس».

ويختتم "الحمود" حديثه، قائلاً: «أجد نفسي فعالاً بين الناس، ومتفاعلاً معهم في كل الأحداث والملمات التي تصيب المنطقة، وأجد نفسي مدفوعاً بشوق لمجالسة المثقفين، والاستماع إليهم، ومتابعة شؤونهم الأدبية والفكرية، وآخر نتاجاتهم الإبداعية، لأنني أشعر بأن المثقفين هم الأقدر على تفهم الحالة الإنسانية، والتعبير عنها بشكل جيد، فهم يحملون القيم، ويتمسكون بالمبادئ السامية والأخلاق العظيمة، ويتمثلوها خير تمثّل، ويعيشون حالة الحلم الحقيقي في التغيير، لذلك تجد أن أغلب محاور النقاش في جلسات المضافة تنحصر بالجانب الثقافي، إضافة إلى المسائل المتعلقة بالعشيرة وشؤونها، وفض النزاعات، وحل المشاكل التي تواجه أفراد عشيرتنا».

يذكر أن "الحمود"، متزوج وله أربعة أولاد ذكور، وأربع بنات، وهو إضافة لعمله في مجال الزراعة، يعمل في مجال تجارة التجهيزات الكهربائية والطبية في مدينة "الرقة".