«استقر والدي في منطقة "تل السمن"، شمال "الرقة" بنحو /40/كم في عام /1915/م، إثر سوقيات الأرمن، التي جرت إبان الحرب العالمية الأولى، ولنباهته وذكائه الفطري، أوكله شيخ عشيرة "الفدعان" حينها الشيخ "حاجم بن مهيد" على أعماله في الأراضي المحيطة بمنطقة "تل السمن"، وولدت هناك في عام /1930/م، ونشأت مع البدو، وأبناء سقي "البليخ" من الشوايا، حيث اكتسبت نتيجة عشرتي الطويلة معهم، عاداتهم وتقاليدهم، حتى أصبحت واحداً منهم».

هذا ما ذكره بتاريخ (6/1/2010) لموقع eRaqqa الشيخ "دواد كركور الخاجو"، شيخ الطائفة الأرمنية في "الرقة"، وشيخ كار "الصقارة" في منطقة "الرقة" كلها، في معرض حديثه حول تاريخ الأرمن في محافظة "الرقة"، وولادته فيها.

كما أحببت الزي العربي، أحببت الشعر العربي، والشعر الشعبي الفراتي، والقصيد البدوي، ولي في ذلك الكثير من القصائد، أغلبها في الحب والغزل، وهي جاءت نتيجة ولعي في طلب هوى "الحلوات"

ويتحدث الباحث الرقي "محمد العزو" عن شخصية "الخاجو"، قائلاً: «لعلَّ الشيخ "دواد الخاجو"، الأرمني الوحيد في سورية الذي يرتدي الزي العربي الأصيل، كواحد من العرب، لا تفرقه عنهم بشيء، حتى بلهجته الرقيّة الأصلية، فتراه يتخطر بالثوب العربي، والخاجية، والعقال والشماغ، وكأنه أحد شيوخ العرب، يقرض الشعر بأشكاله وألوانه المعروفة في "الرقة"، ويحضر مناسبات العشائر، ويساهم في حل خصوماتهم، ويبحث مع شيوخ المنطقة عن حلول ناجعة لنزاعاتهم، وهو الوحيد من الطائفة الأرمنية، الذي تبدأ كنيته بألف ولام التعريف.

داود الخاجو مع مطران الأرمن الأرذوكس في أرمينيا

اكتسب "الخاجو" شهرته العريضة من أناقته اللافتة، ومرافقته لشيوخ عشائر المنطقة، خاصة الشيخ "علي البشير الهويدي"، شيخ عشيرة "العفادلة"، وهي أحد كبرى عشائر وادي "الفرات"، إضافة لكونه أحد أهم شيوخ كار "الصقارة"، وهي المهنة التي كانت الأكثر رواجاً في منطقة "الجزيرة" و"الفرات" في منتصف القرن العشرين».

ويحدثنا "الخاجو" عن سبب تعلّقه باللباس العربي، قائلاً: «صحيح أنني ولدت من أب وأم أرمنيين، لكنني عربي الهوى واللسان، ورغم أنني أتحدث العديد من اللغات، إضافة للعربية، فأنا أجيد التحدث باللغات التركية والكردية والأرمنية، ولأنني عشت مع العرب، وتمثلت خصالهم وعاداتهم وتقاليدهم، أحببت أن أكون واحداً منهم، لذلك لم يفارقني في يوم من الأيام اللباس العربي الأصيل، حتى أنني في عام /1991/م زرت أرمينيا، واستقبلني مطران الأرمن "الأرذوكس" في كنيسة "يجمي يازين" في مدينة "يرفان"، وأنا بالزي العربي، حيث بادرني بالتحية قائلاً: "أنا أعتز بأن هذا الشاب الأرمني يتزيَّ باللباس العربي الأصيل، وأفتخر بأن الدولة التي عاش فيها وتربى على خصال أبنائها، جعلته يرتدي هذا اللباس كفرد أساسي من أبنائها"».

الخاجو بالزي العربي

وعن هواية صيد الصقور، وعمله كشيخ لكار "الصقارة"، يقول "الخاجو": «أُولعت في هواية صيد الصقور، منذ أن كنت شاباً، وكان ذلك في عام /1948/م، حيث وفرّت لي هذه المهنة، التعرف على شيوخ عشائر سورية، وأمراء الخليج، وعلى رأسهم الشيخ "زايد بن سلطان آل نهيان"، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وعدد من أبنائه، وأولاد عمومته، ولي مساجلات كثيرة مع المهتمين بهواية صيد الصقور، فأنا السوري الوحيد الذي يستطيع التفريق بين الذكر والأنثى من الصقور، وأيضاً معرفة تجبيرها وتطبيبها، وفترات إباضتها، إضافة لفترات تواجدها، والأماكن التي تتواجد فيها، والفصول التي تكثر فيها.

معرفتي بعادات الصقور، وفرّت لي معرفة عادات بعض الحيوانات الأخرى، والحشرات، وإمكانية التفريق بينها، ولي طرفة مع الدكتور "عبد السلام العجيلي"، الذي امتحنني في يوم من الأيام في معرفة الأنثى من ذكر الذباب، وعندما استطعت التفريق بينها، بادرني رحمه الله ضاحكاً، وهو يردد: فعلاً أنت رهيب يا "داود".

كما وفرت لي هذه المهنة زيارة أماكن عديدة من دول العالم، منها دول الخليج العربي كلّها، إضافة للعراق ولبنان، والأردن، وإيران، وتركيا، وأرمينيا، وأذربيجان، وتركمنستان، وروسيا، وأوكرانيا، وكازخستان، وسيبيريا، وبعض دول القوقاز».

"داود الخاجو"، يقرض الشعر البدوي، "القصيد"، وعدداً من ألوان الشعر الفراتي الشعبي، كـ"الموليا"، و"العتابا"، و"النايل"، وله في ذلك أشعار كثيرة، أغلبها يميل إلى الغزل، والمديح، والتغني بجمال المرأة، والعشق، ويغلب عليه التشبب، والعاطفة، وفي ذلك يقول: «كما أحببت الزي العربي، أحببت الشعر العربي، والشعر الشعبي الفراتي، والقصيد البدوي، ولي في ذلك الكثير من القصائد، أغلبها في الحب والغزل، وهي جاءت نتيجة ولعي في طلب هوى "الحلوات"».

ومن قصائده:

عيونو عيـون الغـزال المظامي/ خدودو مثل الكواكب لفنّي

طول وسط يا خوي طيب المرامي/ وأكثر عذابـو زاد منـي

وأيضاً، يقول:

تمشي وتخطّا تقول "كابتين" ألماني/ عذّبت قلبي وصفيت اليوم سكران

والهاي هي مثل ليلى وأنا المجنون/ والظي مثل دق الصدر ما تقرون

ما أقول أنـي عمني دارسو شـوية/ ما أقـول أنـي دارس اللغتيـن

ما هي كتابة عرب تاتفهمو يا حسين/ والفي فلو الذوايب وأكحل العينين.