"أيمن ناصر" من الفنانين الذين تركوا بصمة في عالم الفن التشكيلي، ليس على مستوى "الرقة" فحسب، بل تعدت شهرته المكان الذي ينتمي إليه، فسجل حضوراً متميزاً على مساحة المشهد التشكيلي السوري، اشتغل في جميع صنوف الفن التشكيلي، لكنه اختص بالنحت فأبدع، وانتشرت التماثيل التي قام بنحتها في أماكن عديدة من القطر.

لم يكتفِ "أيمن ناصر" باللون وبمداعبة الطين، بل تجاوزت طموحاته الحدود التي رسمها لنفسه ضمن المشهد التشكيلي السوري، فانزاح إلى الكتابة، لا لأنه وجد نفسه فيها، بل بشعور العارف والمكتشف، الذي لا يؤطره مكان بعينه، إنه بالكلمة يريد أن ينتصر للإنسان، وكما للوحة أو العمل الفني الإبداعي رسالة، فالأدب رسالته أعم وأشمل، وربما قادرة أن تفعل الكثير، في زمن "أفول القارئ" و"انحسار" متذوقي الفن.

مدونة وطن eSyria وبتاريخ 7/6/2008 التقت الفنان "ناصر" وكان الحوار التالي:

من لوحاته

  • تكتب القصة والرواية، وترسم وتعمل في مجال النحت، أين تجد نفسك ولماذا؟
  • ** أظنني أجد نفسي في كل ذلك!!... فأنا حين أعجز عن التعبير في لغة التشكيل، ألجأ إلى لغة الأدب، وبعد أن أتعبني النحت والتدريس لأكثر من ربع قرن، وجدت أن أرتاح في كنف الكتابة، فكانت الرواية، ففيها أتمدد في بوحي، وأشعر باسترخاء مع أحزاني وهواجسي، رغم القلق الذي ينتابني وأنا أكوِّن الشخصيات، وأعيش الزمان والمكان لكل منها، وأتقمص حالاتها النفسية، من ألم وحزن وفرح وانتظار، إلا أن هناك متعة خفية لا يمكن وصفها عبر كل هذا الخلق الأدبي المرهِق، وهذا ما لمسته حقيقة خلال ربع قرن في الرسم والنحت، لكنه كان متميزاً ولأكثر من عامين متواليين في روايتي «اللحاف» التي أنهيتها في "حزيران/2007".

    الناصر إلى جانب جدارية بنت البلد

  • في زمنٍ غابت فيه الكلمة وتوارت اللوحة، كيف يستطيع المبدع أن يكون فاعلاً في الحياة؟!..
  • ** بالتأكيد يستطيع المبدع أن يكون فاعلاً في الحياة، ما دام مثقفاً ومدركاً لما يجري حوله، فالمبدع قادر على التأثر والتأثير، ولن تعجزه الوسيلة في اللحن والكلمة، أو النحت واللون أو الحوار والإيماء، فهو في النهاية "صاحب رسالة" وعليه أن يدافع عنها رغم ما يعتريه من عجز، وما يعترضه من صعوبات وحسد، فمنذ بدء الخليقة وإلى يومنا هذا، تُبنى الحضارات على أكتاف المبدعين من مهندسين وفنانين وأدباء، بينما يحصد "المتنفذون والمتسلقون" الثمار!!... وهذا ما يجعل جسد المجتمع في جفاف دائم، ومع ذلك أنا لست معك أن اللوحة توارت والكلمة غابت، هما موجودتان منذ أن خطّ الإنسان الأول في الكهوف أول رسم وأول حرف.

    رواية "اللحاف"

  • في الأمس القريب، كانت لوحة "الجورنيكا" تهز "فرانكو" وتشعل ثورة، وأيضاً كانت قصيدة تلهب مشاعر الجماهير، تسقط حكومات وتهزم محتلين، ألم توزع رواية "صمت البحر" مثل منشور سري في "فرنسا"؟!... أين نحن من هذه الإبداعات؟!..
  • ** أنت تضع يدك على الجرح، في السابق كنت ترى أجيالاً من القراء والمهتمين بالشأن الثقافي بشكل عام، وكانت الكلمة لا تقل أهمية عن الطلقة في المعركة، فقد كان المبدع يعيش في زمنه وخارج زمنه في آن واحد، ويحضرني الآن الشاعر السوفييتي "برودسكي" الذي أرعب الإمبراطورية الروسية، وكان أهم ما قام به هو إصراره على تفكيك النظم الأيديولوجية، وكل الأفكار التي بدأت تنهار في نظره، عندما يصفها بأنها "مثل حلم ومثل ضباب صباحي"... وهكذا تحولت أشعاره إلى أحداث "ساخنة" تخص جميع الناس، وقد اختارته "الأكاديمية السويدية" لتمنحه "جائزة نوبل" لتفرده وتميزه، أما ونحن نعيش في زمن يمتاز بالابتعاد شبه المطلق عن القراءة، وما يقترب منها من رسم وموسيقا، وهذه تعود بدورها لحالات الإحباط المتعددة، وأخذت الدائرة تضيق أكثر، وكمية الأكسجين اللازمة للتنفس آخذة في الهبوط، فزمن "الجورنيكا" أو "الحرية التي تقود الشعوب" أو "القصائد التي تسقط حكومات وتردع محتلاً" قد ولى...

  • ما العلاقة بين الفن التشكيلي والكتابة؟
  • ** الفن التشكيلي لغة تعتمد الكتلة والفراغ ومساحات اللون والخط للتعبير، فهي تختلف في طرحها عن لغة الكتابة المتعارف عليها، واللغتان تحتاجان إلى من يجيدهما ليستطيع الوصول إلى المتلقي بالشكل الأمثل، وما يربط بينهما هو الصورة، فأنت تستطيع كشاعر أن تصور مقتل الشهيد بلغة شعرية عالية، شفيفة التعبير، جميلة المبنى، عميقة المعنى والدلالة إلى حد الدهشة، لتجعل المتلقي يغمض عينيه فيبصر موكب الشهيد يسير أمامه، والفنان كذلك يمنحك ذات الصورة، ولكن بشفافية اللون ورهافة الخط وقوة التشكيل دون أن تغمض عينيك..

    كتب الصحفي "فرحان مطر" عن روايته "اللحاف" في جريدة "تشرين الالكترونية" بتاريخ 1/12/2008 :

    "اللحاف" رواية الفنان "أيمن ناصر"، هي شهادة جديدة على علامة مضيئة أشعلها "أيمن الناصر" بعد تجربة في عالم الفن التشكيلي والنحت والتعليم والغربة ومواجهة متاعب الحياة التي قذفت به إلى أماكن قصية في هذا الوطن العربي الكبير لكي يلتقي بهذه الشخصية الأفريقية الفذة «سيد» التي لم ينقصها إلا أن تقوم بزيارتنا ومحاورتنا لدرجة إتقان صنعها وشدة حيويتها، وعمقها، علماً أنها بنت أفكار الكاتب ومن نسج خياله الثر من مبتداها إلى المنتهى.

    رواية اللحاف هي أيضاً شهادة حب ووفاء للمدينة التي أنجبت الكاتب الفنان حتى إن انحيازه لها كان جلياً في أكثر التداعيات التي تضمنتها الرواية، وهذا الحب الصادق للرقة مدينة الكاتب لم يمنع بعض زفرات الألم الناجمة عن الغيرة والخوف على المدينة من التجاهل والنسيان الذي عرفته المدينة، فكانت تلك الزفرات أشبه بصرخة الألم والاحتجاج الحارقة، وهو ما أثار زوبعة عابرة لدى بعض من أخطأ القراءة عن قصد أو غير قصد.

    يذكر أن معارض "الناصر" ومشاركاته الفنية كثيرة، ونستطيع أن نذكر أهمها، وهي: معرض فردي في صالة المركز الثقافي العربي في "اللاذقية" عام /1977/م، معرض فردي في صالة المركز الثقافي العربي "مصياف" /1994/م، معرض فردي في صالة "الأسد" لنقابة الفنون الجميلة في "حلب" /1997/م، معرض فردي في صالة المركز الثقافي الروسي في "دمشق" /1998/م، شارك في معرض الندوة الدولية لتاريخ "الرقة" /1981/م، شارك في أغلب معارض تجمع فناني "الرقة"، ومعارض وزارة الثقافة السنوية، وهو مشارك دائم في معارض متحف "طه الطه" منذ تأسيسه.

    ولديه العديد من المعارض الجماعية داخل القطر وخارجه مع فنانين عرب وأجانب، منها: معرض مهرجان البادية الأول والثاني عامي /1987/ و/1988/م الذي تنظمه وزارة السياحة، ومهرجان "الفرات" للتراث والثقافة في "الرقة" في عامي /1998/ و/1999/م، معرض مع الفنانة النمساوية "أندريا تيرني" في صالة المعارض في دار الثقافة بـ"الرقة" عام /2006/م، معرض تحية للدكتور "عبد السلام العجيلي" في صالة المعارض في دار الثقافة بـ"الرقة" عام /2006/م، معرض الخريف لفناني القطر في "دمشق" عام /2007/م.

    ومن أهم أعماله النحتية المنفذة نذكر: نصب تذكاري لـ"ابن خلدون" في مدخل الثانوية التي تحمل اسمه /1981/م، نصب للشهيدة "حميدة الطاهر" في باحة الثانوية التي تحمل اسمها، وهو مصنوع من الحجر ارتفاع /4.5/م عام /1985/م، مجسمات آشورية بالحجم الطبيعي نحت مباشر(متحف دير الزور) /1995/م، خمسة رجال في مقهى شعبي بالحجم الطبيعي (متحف التقاليد الشعبية بـ"دير الزور")، /1996/م، نصب تذكاري لمصلحة مؤسسة مياه "الرقة" (مدخل الجسر القديم) /4/ م /1992/م، نصب تذكاري للفروسية يمثل رأس حصان، في مدخل نادي الفروسية بـ"الرقة"، لوحات جدارية لدى بعض وزارات ودوائر الدولة، داخل القطر وخارجه، نصب لـ"أبي العلاء المعري"، في مدخل الثانوية التي تحمل اسمه في "الرقة"، نصب تذكاري "بورتريه" لـ"هارون الرشيد" /170/سم، من الحجر الصناعي منتزه "الرشيد" بـ"الرقة" عام /1994/م، نصب تذكاري للرئيس "حافظ الأسد" من الحجر الصناعي ارتفاع/420/ سم /1996/م في مدينة "حلب"، نصب جداري يمثل "بنت البلد" ارتفاع /2،5/ م في مدخل حديقة "الرشيد" بـ"الرقة" / 2006/م، مجسم فراغي من الحجر الصناعي/4/ م في مدخل حديقة "الباسل" بـ"الرقة" /2006/م.

  • ‏تم تحرير المادة بتاريخ السبت 7/6/ 2008.