"فيق" مدينة ومركز في منطقة "الجولان المحتل"، يحدها شمالاً منطقة "القنيطرة" وجنوباً "الأردن" وشرقاً محافظة "درعا" وغرباً "فلسطين"، حيث تتمتع المدينة بإطلالة خلابة على الجزء الأوسط من بحيرة "طبرية".

الأستاذ "عبد الكريم العمر" رئيس تحرير "جريدة الجولان" وابن مدينة "فيق" تحدث لموقع eQunaytra عن تاريخ المدينة بالقول: «عرفت تاريخياً باسم "أفيق" التي ذكرت في كتب الجغرافيين الإغريق والعرب، وإلى الغرب منها تشخص آثار مدينة سوسية، زارها الكثير من الرحالة والمستكشفين بعد عام 1800م ومنهم "بوركهارت" الذي كتب عام 1804م عنها (فيق قرية كبيرة سكنها في ذلك الوقت أكثر من مئتي عائلة مسلمة وعشر عائلات مسيحية ولها إطلالة خلابة على الجزء الأوسط من بحيرة طبرية، كما وجد في البلدة أكثر من ثلاثين بيتاً لها مضافات مفتوحة مجاناً لخدمة العابرين من كل صنف)».

أثناء العدوان الإسرائيلي في الخامس من حزيران عام 1967م قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بطرد أبناء مدينة "فيق" واقتلاعهم من أراضيهم وبيوتهم بقوة السلاح والإرهاب، وما تزال المدينة محتلة وأهلها نازحون في تجمعات دمشق وريف دمشق ودرعا

يتابع: «تقع مدينة "فيق" في جنوبي الجولان فوق مرتفع بركاني مطل على بحيرة طبريا غرباً وعلى وادي الياقوصة جنوباً، وهي إلى الجنوب من مدينة القنيطرة بـ /51/ كم، مرتفعة عن سطح البحر /350/ م، وتبعد عن الحمة /16/ كم، يحد مدينة "فيق" شمالاً سكوفيا ووادي السمك، وجنوباً صفورية ووادي مسعود، وشرقاً العال وجبين والياقوصة، وغرباً قلعة الحصن وكفر حارب، بلغ عدد سكان مدينة "فيق" عام 1967م /2120/ نسمة وارتفع إلى /6718/ نسمة عام 2002م وقد سكنت المدينة عشية احتلالها الغادر عائلات "الحجايرة- الحرافشة- ظاظا- الفقير- السكافنة- الذيابات- أنطون" بالإضافة إلى التجار الدمشفيين وبعض العائلات الفلسطينية».

الأستاذ "عبد الكريم العمر"

يضيف "العمر" بالقول: «إعمار المدينة قديم حيث عثر فيها على حلي ذهبية وزجاج قديم ونقود معدنية وتنتشر فيها أنقاض العمائر الأثرية، وفي مطلع العصر الحديث بنى سكانها بيوتهم من الحجارة البازلتية المسواة ذات سقوف من الطين والخشب والتوتياء، يتوسطها سوق تجاري يحيط بساحة مركزية كبيرة، وبعد فترة توسعت المدينة بمساكن أسمنتية حديثة مع سوق تجاري حديث يمتد لأكثر من /2/ كم».

يتابع: «اشتهرت المدينة بزراعة الحبوب والبقول والسمسم بعلاً إلى جانب أشجار الزيتون والكرمة والتين والصبار، بالإضافة لتربية الأبقار والأغنام، وكان يوجد فيها ثلاث معاصر قديمة للزيتون ومعصرة آلية حديثة، واتسمت المدينة بالنشاط التجاري الجيد، بيوتها مخدمة بالكهرباء وتعتمد في تأمين مياه الشرب عبر شبكة نظامية على موردين الأول مشروع مياه قرية الجوخدار والثاني مشروع مياه قرية عين ذكر فضلاً عن الينابيع الكثيرة الصالحة للشرب، وكان فيها مستوصف صحي ومصرف زراعي ومدرستان إعدادية وثانوية ومحطة للرصد الجوي ومحكمة ودوائر للزراعة والمالية والمصالح العقارية تتصل بما يجاورها بطرق معبدة أهمها الطرق المتجهة جنوباً إلى الحمة وفلسطين».

أحدى بيوت المدينة عام 1953م

ويذكر المؤرخون أن مدينة "فيق" كانت ضمن اتحاد المدن العشر (ديكابوليس) في نهاية العصر الهلنستي، وقد سكت نقوداً خاصة بها وعثر على بعضها في الحفريات يضاف إلى ذلك آثارها المحفوظة في المتحف الوطني بدمشق، فضلاً عن سورها القديم وآثار ديرها الذي قيل إنه أول دير في النصرانية وقد زاره "أبو نواس الشاعر العباسي" وقال فيها قصيدة: "بحجك قاصداً ما سر جساناً / فدير النوبهانِ ودير فيق" ومن الآثار العربية قصر العلية في القسم الجنوبي المرتفع من المدينة».

وذكر العمر: «أثناء العدوان الإسرائيلي في الخامس من حزيران عام 1967م قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بطرد أبناء مدينة "فيق" واقتلاعهم من أراضيهم وبيوتهم بقوة السلاح والإرهاب، وما تزال المدينة محتلة وأهلها نازحون في تجمعات دمشق وريف دمشق ودرعا».

السيد "عبد الله مرعي" رئيس دائرة آثار "القنيطرة" تحدث عن آثار مدينة "فيق" بالقول: «تعود الآثار في مدينة "فيق" إلى عصور تسبق العصر الآرامي، ويقع "رجم فيق" إلى الشمال الشرقي من مدينة "فيق" على يسار الطريق المتجه إلى قرية "الرفيد"، وقد كان لها حضورها في العصر الهلنستي والروماني، حيث كانت من مدن الديكابوليس العشر التي تعتبر مراكز ثقافية وتجارية وإدارية وتكون هلنستية الطابع وذلك لما لموقعها من أهمية كبيرة على طريق التجارة التي تربط "مصر" مع "سورية"».

في لقاء مع السيد "يوسف حمد" من مواليد مدينة "فيق" يحدثنا عن العادات والتقاليد الاجتماعية التي تتميز بها المدينة قائلاً: «كانت تسود المحبة والألفة بين سكان المدينة، حيث يساعد بعضهم بعضاً في مواسم الحصاد والزراعة، تلك المدينة المعروفة بأجوائها المميزة ومعالمها الآثرية الراقية، حيث كان يتم مساعدة الفقراء والمحتاجين الذين ليس لديهم أراض بتقديم ما تيسر من المحصول والخيرات من لبن وبيض وخضراوات، وفي الأعياد يحرص الجميع على صلة الرحم بتقديم الهدايا وما شابه ذلك، فكان جميع أهالي المدينة والقرى المجاورة لها يتشاركون في الأفراح والأتراح وكأنهم أسرة واحدة».

وعن أهم المكتشفات الأثرية في مدينة "فيق" أضاف: «عثر فيها على بقايا من حجارة البناء والأعمدة البازلتية والزخارف وتيجان الأعمدة من الطراز الأيوني الذي يتميز بالأعمدة الرفيعة التي يقوم الواحد منها على قاعدة ويعود تاريخها إلى العصر الروماني، ومعاصر زيتون وخزانات قديمة وبئر دائرية عمقها /7.60/ م حوافها من الحجارة المنحوتة وأشكال الزخارف والرموز كالشمعدانات والصلبان التي ينتمي استخدامها إلى العصر المسيحي الأول، بالإضافة إلى تحصينات قديمة متينة البنيان تمتد حتى الجرف الواقع قبل قرية "سوسية"، ووجود بقايا قناة محاطة بجدار كانت تزود قلعة الحصن بالماء المنبعث من وادي "السمك"».

والجدير بالذكر أن مدينة "فيق" ذكرت في "معجم البلدان" "لياقوت الحموي" في ثلاثة مواضع (أفيق- دير فيق- فيق) كما ذكرها "البلاذري" في "فتوح البلدان" مشيراً إلى أن القائد العربي "شرحبيل بن حسن" فتح مدينة "فيق" في عام /17/ هجري، كما فتح في الوقت نفسه مدينة "سوسيا" في الغرب، حيث تتصل المدينتان بقلعة الحصن المشرفة على بحيرة طبرية.