«هناك وعلى الشريط الحدودي المحتل، وعلى بعد 20 كم شمال مدينة "القنيطرة" تغفو بلدة "مجدل شمس"، على السفح الجنوبي "لجبل الشيخ"، شهدت معه تغيرات الطقس والمناخ، لكنها بقيت مثله واحدة من قرى "الجولان" العربي السوري المحتل، حيث الارتفاع يزيد عن 1800 م فوق سطح البحر». بحسب كلام السيد "مدحت أبو صالح" من أهالي بلدة "مجدل شمس" في حديث عن الذكريات لموقع eQunaytra مضيفاً:

«بقيت البلدة صامدة رغم الاحتلال، لم تغير اسمها أو معالمها، ولا حتى انتمائها للوطن، بل ما زالت تنتظر يوم التحرير بفارغ الصبر. كانت وما برحت مهد الثورات التي انطلقت منها. انتظرت العائدين إليها بكل ما تحمله من طبيعة ساحرة وتاريخ مشرق. اليوم بحكم الاحتلال الإسرائيلي لهضبة "الجولان"، لا يمكن للمرء زيارة البلدة، حيث أصبحت البلدة قبلة الناس في جميع مناطق القطر، يزورونها في أيام العطل والأعياد وفي المناسبات الوطنية، يقفون عند موقع "عين التينة"، يتبادلون التهاني والمعايدة، وحتى تقبل التعازي بوفاة أحد الأشخاص من البلدة أو من الوطن الأم "سورية".

ترتفع نسبة المتعلمين في البلدة عاماً بعد عام، بالرغم من سياسية التضييق والتضليل التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.، ومنها تحريف المناهج التعليمية. الأمر الذي دفع معظم أبناء البلدة لاستكمال دراستهم الجامعية في جامعات القطر، في الاختصاصات العلمية كافة والطبية على وجه الخصوص. ليعاودا مرة ثانية للبلدة ومتابعة حياتهم

بلدة "مجدل شمس" طبيعتها ساحرة، تشرح الصدر وتشفي العليل، بهوائها ومناخها المعتدل صيفاً البارد شتاءً. تشتهر البلدة بزراعة أشجار التفاح، الذي أصبح يصدر إلى أسواق القطر، عبر الهلال الأحمر الدولي، بعد أن كانت سلطات الاحتلال تتفنن في سياسات تخريب هذا المحصول الذي أصبح رمزاً لصمود الأهل في قرى "الجولان"، إضافة إلى زراعة شجرات الكرمة، حيث كانت من أوائل القرى الجولانية، التي انتشرت فيها هذه الزراعة عن طريق "لبنان"، وكثيرا ما اشتهرت البلدة بمعاصر العنب، التي كانت ملتقى للأهل في سهراتهم. كانت القرية مزدهرة بالزراعة وإنتاج زيت الزيتون والدبس، فعمل أهلها في كل ما يخص الإنتاج الزراعي والحيواني، ورعي المواشي.

مدحت ابو صالح

ساعدهم على هذه الحياة البسيطة الجميلة، المتميزة بالجمال والبساطة، الموقع الجغرافي الذي تتمتع به البلدة، يحد البلدة من الجهة الشمالية "جبل الشيخ"، ومن الجهة الغربية بلدة "الغجر وعين قنية" المحتلتين، أما من الجهة الشرقية فيحدها "عين التينة وحضر"، في حين تجاورها من الجهة الجنوبية بلدة "مسعدة وبحيرتها". يبلغ عدد سكان البلدة نحو 25 ألف نسمة، يتوزعون بين عائلات "أبو جبل- أبو سلمان- خاطر- شمس- المقت- الولي- فرحات- شعلان". وفيها وادي وسيل شتوي، ينبع من سفوح"جبل الشيخ" إلى الجهة الشرقية من البلدة».

السيد "سليمان أبو جبل" أشار إلى أهمية موسم التفاح بالنسبة لأهالي البلدة وأضاف: «يخزن تفاح "الجولان" بعد قطافه عن الأشجار، في شهري أيلول وتشرين الأول، في برادات حديثة. تستطيع تخزين التفاح في ظروف ممتازة، قد تصل من الموسم إلى الموسم يوجد مجموعة من غرف الخزن والتبريد في الأرض المحتلة، يوجد في البلدة أربعة برادات تخزينية ضخمة تعود ملكيتها للفلاحين، كل حسب حصته في المساهمة، وهذه البرادات وهي براد "المجدل"، براد "المرج" براد "الشرق" وبراد "الجولان".

حسن صالح

تقدر المساحات المزروعة بالتفاح بنوعيه الستركينغ والكولدن، لدى المواطنين في "الجولان" السوري المحتل، نحو 17 ألف دونم، وهي أرقام غير رسمية، موزعة ملكيتها على سكان القرى الأربعة وهي "مجدل شمس- مسعدة- بقعاثا-عين قنية". تعود ملكية هذه الأراضي إلى الأهالي، وقلما تجد منزل لا يملك قطعة ارض مزروعة بأشجار التفاح. وتتفرق ملكية هذه البساتين بين الملاك الكبار، الذين يملكون مساحات واسعة من 40 إلى 80 دونم. وتقدر كمية التفاح التي يتم تخزينها في البرادات، من إنتاج مزارعي التفاح نحو 30 ألف طن. يعد تفاح "الجولان" من أجود وأفضل التفاح في المنطقة، حيث الجودة والنضارة والنكهة الطيبة، وخلوه من الأمراض. يعتبر إنتاج التفاح في البلدة، من أهم ركائز الصمود والتشبث بالأرض.

بدأت زراعة التفاح في "الجولان"، منذ العام 1974 حيث جلبت الغراس على أيدي أبناء بلدة "مجدل شمس". وأول بساتين التفاح المزروعة، كانت في منطقة "المرج" في سهل "اليعفوري" في بلدة "مجدل شمس"، حيث تروى الأراضي من نبع "رأس النبع".ومع بدايات الستينات من القرن المنصرم، بدء إنتاج التفاح في قرى "الجولان"، وسوّق في أسواق "القنيطرة ودمشق"، في سنوات ما قبل الاحتلال الصهيوني "للجولان"، واليوم يعود الأهل في الأرض المحتلة تسويق إنتاجهم من التفاح، إلى أسواق الوطن الأم عن طريق الصليب الأحمر الدولي».

مدرجات اشجار التفاح

الطالبة "تغريد إبراهيم" التي تدرس في جامعة "دمشق" تقول: «ترتفع نسبة المتعلمين في البلدة عاماً بعد عام، بالرغم من سياسية التضييق والتضليل التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي.، ومنها تحريف المناهج التعليمية. الأمر الذي دفع معظم أبناء البلدة لاستكمال دراستهم الجامعية في جامعات القطر، في الاختصاصات العلمية كافة والطبية على وجه الخصوص. ليعاودا مرة ثانية للبلدة ومتابعة حياتهم».

السيد "حسن صالح" أحد الأهالي الذي تعلم مهنة صناعة دبس العنب، من ثمار الكرمة، يصف بلدة "مجدل شمس" بالقلعة التي ما زالت تحتفظ بطابعها الجولاني رغم أنف الاحتلال، وعن صناعة دبس العنب، يقول: «في ستينات القرن الماضي كنت اذهب برفقة والدي وبعض الأصدقاء، إلى بلدة "مجدل شمس" لنتعلم صناعة دبس العنب، التي يعود الفضل فيها إلى أبناء البلدة، الذين نقلوا هذه الحرفة من جبال "لبنان" إلى "سورية"، حيث كنا نمضي أيام الصيفية كلها تقريباً في ضيافة أهالي البلدة، نراقب كيفية صناعة دبس العنب لننقلها بدورنا إلى القرية، التي بدأت تنتشر فيها زراعة الكرمة، التي نقلها الآباء والأجداد لقريتنا. تعود بي الذاكرة إلى تلك الليالي والسهرات الطويلة والمسلية، التي قضيناها برفقة الأصحاب والأصدقاء في البلدة. وهنا أتذكر وجود ما يزيد عن خمسة معاصر للعنب في البلدة لوحدها، ناهيك عن بقية القرى المجاورة، وهذا يعود إلى طبيعة المنطقة الجغرافية الخصبة، التي ساعدت على انتشار هذه الزراعة، إضافة إلى انتشار زراعة الزيتون، التي اشتهرت بها بلدة "مجدل شمس" والمعاصر الحجرية الخاصة بصناعة زيت الزيتون الطبيعي».