من الألعاب الشعبية المميزة التي لا تحتاج إلى أي أداة لممارستها، تحفز قدرة الأطفال على التعاون والمسؤولية، وتكسب أجسادهم رشاقة عالية، أصبحت اليوم شبه نادرة بعد انتشار الألعاب الإلكترونية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 28 أيار 2015، "مأمون عبد اللطيف الرحال" من قرية "سكوفيا" في "القنيطرة"؛ الذي تحدث عن ذكرياته مع لعبة "الجمّال"، ويقول: «عندما كنت طفلاً في ستينيات القرن الماضي اعتدت وأولاد القرية كلما اجتمعنا في ساحة الحارة أو في البيادر أن نلعب ما طاب لنا من ألعاب الطفولة، التي لا تخلو من المرح والضحك والتسلية والرياضة، وتعد لعبة "الجمّال" من أبسط هذه الألعاب وأكثرها هدوءاً، لكنها تحتاج إلى عدد من الأولاد لا يقل عادةً عن خمسة، يقوم أحدهم بدور الجمّال أي صاحب الجمال، والثاني هو مدير اللعبة، أما البقية فهم الجمال، وأعتقد أن أغلب الجيل الحالي لا يلعب تلك اللعبة وإن كان قد سمع بها من أبويه وأجداده».

لقد ذكرتني هذه اللعبة بطفولتي؛ فهي تشبه إلى حد كبير لعبة "الغميضة" من حيث اختباء الجميع ليبدأ الجمّال البحث عنهم، ويكمن الفرق في هذه اللعبة بأنها تحفز القيادة عند بعض الأطفال، وقدرته في الحفاظ على المجموعة التي يقودها، كما أنها تنمي العادات الاجتماعية التي تقوم على التعاون، وتنمي الخيال الواسع لدى الأطفال

الطفلة "راما الخطيب" التي تمارس هذه اللعبة مع أطفال حارتها في حي "جرابا" تقول: «نميل إلى الألعاب الإلكترونية لنرفه عن أنفسنا، لكن نتيجة للملل وانقطاع التيار الكهربائي بدأنا نتعلم بعض الألعاب القديمة التي لم نكن نعرفها من قبل، ومن بين هذه الألعاب كانت لعبة "الجمّال" التي تعلمنا طريقة لعبها من جدتي حيث كانت تلعبها في طفولتها.

المرشدة النفسية جهينة حمادة

تبدأ اللعبة بأن يقف الجمّال تجاه الحائط أو الشجرة ويضع رأسه على ذراعه المسنودة إلى الجدار مغمضاً عينيه، ويصطف خلفه اللاعبون كل منهم خلف الآخر واضعاً وجهه على ظهر زميله، مغمضاً عينيه ليمثلوا دور الإبل وكأن الجميع مع صاحبهم في حالة نوم، ويخاطب مدير اللعب صاحب الجمّال المسنود إلى الجدار بقوله: (جمّال يا جمّال سرقولك جمالك) بإيقاع معين وكأنه يغني، ليرد الجمّال: (سيفي تحت راسي ما بسمع كلامك) بنفس الإيقاع، ويقصد بذلك أن "الحرامية" لا يستطيعون الاقتراب من إبله لأنه يملك سيفاً، عندها يسحب مدير اللعب جملاً من الصف ويخفيه في مكان ما من ساحة اللعب أو خلف الشجرة أو في حفرة أو خلف كومة قش قريبة، ثم يكرر العبارة والخطاب مع الجمّال منبهاً إلى نقص جماله، فلا يصدق الجمّال أيضاً ويكرر قوله: (سيفي تحت راسي ما بسمع كلامك) فيسحب الجمل الثاني ويخبئه، وهكذا حتى يتم سحب الجمال ولا يبقى أحد خلف الجمّال، وعندها يقول مدير اللعبة: (وين جمالك يا جمّال؟) فيرفع رأسه ويفتح عينيه وتظهر عليه الدهشة لاختفاء كل الجمال، ويبدأ البحث عنها في كل مكان راكضاً هنا وهناك، وكلما عثر على أحدها جاء به إلى مكان وقوفه، حيث يجمع كل الإبل وتتكرر اللعبة من جديد، وإن فشل في البحث عنها يصبح جملاً ويقف أحد اللاعبين مكانه ليصبح جمّالاً».

في لقاء مع المرشدة النفسية "جهينة حمادة" تقول: «لقد ذكرتني هذه اللعبة بطفولتي؛ فهي تشبه إلى حد كبير لعبة "الغميضة" من حيث اختباء الجميع ليبدأ الجمّال البحث عنهم، ويكمن الفرق في هذه اللعبة بأنها تحفز القيادة عند بعض الأطفال، وقدرته في الحفاظ على المجموعة التي يقودها، كما أنها تنمي العادات الاجتماعية التي تقوم على التعاون، وتنمي الخيال الواسع لدى الأطفال».

راما الخطيب أثناء الاختباء