فاكهة فريدة ونادرة يطلق عليها شعبياً "الجربوح"، وهي تسمية لا يعرف أصلها بالضبط ولا مصدرها، ولكن يعتقد بأنها تعود في الأصل إلى فعل تناول هذه الفاكهة، التي قد تسبب جفافاً في الحلق وتيبس اللهاة -من شدة المرارة- بالإضافة إلى اللسان والشفاه.

تعدُّ البيئة "الجولانية" من أغنى المناطق السورية بالتنوع البيئي لأسباب كثيرة منها نوع التربة البركانية الغنية بعناصرها المساعدة في نمو هذه النباتات، بالإضافة إلى وجود المياه الوفيرة، وبقاء الثلوج على قمم جبل "الشيخ" فترات زمنية طويلة، كل هذه المعطيات خلقت حسبما يذكر المعمر"عبد الرزاق الفاعوري" في حديثه لمدوّنة وطن "eSyria": «الظروف الملائمة لنمو نباتات غريبة فريدة متنوعة تدخل في عالم العلاج والطب البديل، وتسهم أيضاً في إنتاج أجود أنواع العطور، حيث تنتشر فاكهة "الجربوح" على أطراف الوديان والأنهار وبين الحجارة وفي جميع قرى ومزارع منطقة "الجولان" السوري، كانت تزهر مع بداية شهر كانون الأول وربما تمتد إلى شهر آذار، وأطلق على هذه الفاكهة تسميات كثيرة وغريبة منها (الجربوح، اليبروح، تفاح المجانين، بيض الجن، عين الديك، عين العفريت، اللفاح، تفاحة الشيطان) ولكن التسميات التي كانت شائعة في الجولان "الجربوح" أو "تفاح المجانين".

فاكهة أو ما يطلق عليها البعض "الجربوح"، نبتة سامة للإنسان إذا تناول ثمارها وهي خضراء غير ناضجة، ولكن إذا تناولها وهي ناضجة ولونها أصفر بعد تقشيرها وإزالة البذور منها تصبح صالحة للأكل ولكن بكميات قليلة جداً، رائحتها عطرة قوية ومميزة ومن خلال الرائحة كنا نعرف أن هذا الإنسان تناول الجربوح ويطلق عليه بالعامية فلان مجربح، وسبب الإقبال على تناول ثمارها وهي ناضجة لأنها تشعر متناولها بالسعادة والارتخاء، أما إذا تناولها مباشرة عن طريق أكل ثمارها الخضراء فيؤدي ذلك إلى الغثيان والدوخة وتخدير الأعصاب ما يجعل الإنسان غير قادرٍ على المشي، وعندما كان يصاب أحدنا بسموم "الجربوح" كان علاجه الوحيد أكل الحلو كالحلاوة والدبس، وأتذكر أنّ كثيراً من أبناء "الجولان" ومن بينهم أخوتي تعرضوا للإصابة بسمومها ولكن تعافوا من خلال العلاج بتناول الدبس والحلاوة، ومَنْ تناولها بكثرة وعن غير وعي تعرضَ لأمراض مزمنة وقد تؤدي للوفاة

غرابة التسمية جاءت من ارتباط هذا الفاكهة بقضايا خرافية كثيرة وأساطير عجيبة، والحقيقة بأنها تحتوي على مواد كيميائية وقلوية، موجودة في الجذور والثمار الخضراء غير الناضجة، ولهذا تعدُّ من الفواكه أو النباتات السامة ولا سيّما الجذور والأوراق، وهي تصيب الإنسان بنوع من الهلوسة والاضطراب وحتى الهذيان إذا تناولها قبل نضوجها، ولهذا قيل عنها "تفاح المجانين"».

"عبد الرزاق الفاعوري"

أما "تركي الزحلوقي"، وهو أحد معمري المنطقة أيضاً، فيضيف: «فاكهة أو ما يطلق عليها البعض "الجربوح"، نبتة سامة للإنسان إذا تناول ثمارها وهي خضراء غير ناضجة، ولكن إذا تناولها وهي ناضجة ولونها أصفر بعد تقشيرها وإزالة البذور منها تصبح صالحة للأكل ولكن بكميات قليلة جداً، رائحتها عطرة قوية ومميزة ومن خلال الرائحة كنا نعرف أن هذا الإنسان تناول الجربوح ويطلق عليه بالعامية فلان مجربح، وسبب الإقبال على تناول ثمارها وهي ناضجة لأنها تشعر متناولها بالسعادة والارتخاء، أما إذا تناولها مباشرة عن طريق أكل ثمارها الخضراء فيؤدي ذلك إلى الغثيان والدوخة وتخدير الأعصاب ما يجعل الإنسان غير قادرٍ على المشي، وعندما كان يصاب أحدنا بسموم "الجربوح" كان علاجه الوحيد أكل الحلو كالحلاوة والدبس، وأتذكر أنّ كثيراً من أبناء "الجولان" ومن بينهم أخوتي تعرضوا للإصابة بسمومها ولكن تعافوا من خلال العلاج بتناول الدبس والحلاوة، ومَنْ تناولها بكثرة وعن غير وعي تعرضَ لأمراض مزمنة وقد تؤدي للوفاة».

الباحث "محمد فياض الفياض" يؤكد أن: «هذه الثمرة الغريبة ذكرت في كتابات المؤرخين والمستشرقين وقد ذكرها المستشرق الألماني "شوماخر" في مذكراته أثناء رحلته إلى الديار المقدسة في "فلسطين" ومروره بـ"الجولان" السوري المحتل إذ تحدث بأنه تذوق هذه الفاكهة في "الجولان" عندما قدمها له أحد شيوخ العشائر البدوية عندما كان في ضيافته آنذاك إذ قال: لقد قدم لي أحد الأشخاص من أهل المنطقة فاكهة غريبة كنت أعتقد بأنها تشبه حبة الباذنجان ولكنها تختلف قليلاً عنها في الشكل والطعم والرائحة، وفي الحقيقة هي فاكهة لذيذة وغريبة، ربما لأنها كانت ناضجة تماماً.

أوراق وأزهار "الجربوح"

في مديرية زراعة القنيطرة، يؤكد عدد من المهندسين الزراعيين أن هذه النبتة وجدت في أراضي الجولان وانتشرت هناك وهنا لا تعيش ولا تنمو، ولا يعرفها إلا أبناء الجولان القدماء، وكثير من المهندسين الزراعيين لا يعرفونها أو سمعوا بها، أما موسوعة الأعشاب الإلكترونية فقد ذكرت المعلومات التالية عن نبات الجربوح أو ما يعرف تفاح المجانين "بأنه عشبة خارقة لها قدرات غير عادية، تم تسميتها بتفاح المجانين بسبب تأثيرها على الجهاز العصبي، وهو من جنس النباتات التي تنتمي إلى الفصيلة الباذنجانية، أوراق هذا النبات عريضة، وطويلة، خضراء اللون، يتخللها ضلوع متناوبة، ومتوازية على طول وعرض الورقة، وكل هذه الأوراق تخرج من نقطة واحدة تشبه إلى حد ما أوراق نبات التبغ الكوبي.

أما جذور تفاح الجن فكبيرة وطويلة، وقد تصل إلى حوالي نصف متر تقريباً في طولها، لهذا تحتاج هذه النبتة إلى جهد كبير لاقتلاعها من الأرض المزروعة بها، وبعد اقتلاعها تبدو كما لو أنها تشبه جسم الإنسان مع ساقيه، ثمارها تكون على شكل شبه كرات متوسطة الحجم، بحجم كرة التنس تقريباً، وتشبه إلى حد ما ثمار التفاح البلدي، وهذه الثمار تكون خضراء اللون قبل نضوجها، ثم تتحول إلى ذهبية اللون بعد نضوجها في شهر أيار من كل عام، تحتوي ثمار تفاح الجن بداخلها على بذور صغيرة الحجم تشبه بذور الحلبة، تحبها العصافير والطيور، تستعمل ثمار تفاح الجن لمعالجة الآلام في جميع أنحاء الجسم، وذلك عن طريق دقها ووضعها على مكان الألم، كما وتغلى الجذور بزيت الزيتون، ومن هذا الزيت يدهن فوق لدغة الأفعى أو قرصة العقرب، وكذلك تدهن بهذا الزيت الجروح من أجل تطهيرها ومنع تلوثها".

رسم توضيحي لفاكهة "الجربوح"

ويعتقد الكثير من الباحثين أيضاً أن هذه الفاكهة من النباتات النادرة التي شاعت في مناطق محددة في المشرق العربي وغرب "آسيا" وجنوب "أوروبا"، وقد ذكرها علماء الطب في أبحاثهم، ويقال بأن هذه الثمرة تُعد من الفصيلة الباذنجانية تنمو في المناطق الجبلية عادة، أوراق هذه الفاكهة مستطيلة بيضاوية، أزهارها زرقاء شاحبة اللون، يزيد طولها على 90 سم بعرض 60 سم، كما تتفرع عن جوانب الأوراق شعيرات كثيرة متجانسة، أما الثمرة فهي ذات لون أصفر في حالة النضوج تحتوي نواتها على بذور صغيرة متماسكة تشبه إلى حد ما حبات "الحلبة"».

وأضاف: «ارتبط ذكرها ببعض الأساطير والحكايات الشعبية، حتى ظن البعض بأن محاولة قطف هذه النبتة وقلعها قد تؤدي إلى الموت المحتم، ويقال أيضاً بأن الناس كانت تقتلع هذه الفاكهة من جذورها وذلك باستخدام بعض الحيوانات إذ كانت تربط جذور هذه النباتات بالحيوان بغية قلعها، وكان الشخص يبتعد مسافة معينة ويراقب الحيوان كيف يقتلع هذه النبتة النادرة، وكان الناس ينسجون بعض الحكايات والأقاويل عن هذا النبات بأنه يطلق صوتاً عند قلعه يشبه صوت الإنسان، حتى قيل بأن جذر هذا النبات يشبه شكل الإنسان، ولكن بالمقابل يستخدم هذا النوع من الثمار في قضايا العلاج ولا سيما القرحة المزمنة والتشنجات المعوية الحادة، والتهاب المثانة، كما يستخدم أيضاً كمخدر ومسكن، وهذه الثمرة بالرغم من غرابتها وندرتها إلا أنها ما زالت تحتل الصدارة في البحث والدراسة، كما كانت تستخدم قديماً في العلاج الطبي وقضايا أخرى، ولكننا نستطيع القول بأن هذا النبات يُعد من أهم النباتات النادرة التي ذكرت في كتابات الأقدمين، ونعتقد جازمين بأنه من الأعشاب الطبية النادرة.

جدير بالذكر أنه تم إجراء اللقاءات بتاريخ 16 كانون الثاني 2021 ، والجميع هم من أبناء "الجولان".