اتصفت "هاجر محمد عطا" بالهمة والنشاط والخلق الحسن، وصممت أن تنير بصيرتها وتحقق حلماً راودها وقتاً طويلاً، وعملت على تحقيقه من خلال التحاقها بصفوف دورات محو الأمية، فالعلم لا سن يحكمه.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 4 تموز 2018، "هاجر عطا" التي بدأت حديثها بالقول: «لم تسمح لي ظروفي أن أتعلم بسبب النزوح من قريتي "سكوفيا" في "الجولان" العربي السوري المحتل، وبعد سنوات من التنقل والترحال مع عائلتي تزوجت وأنجبت عشرة أولاد، وتفرغت بكل قواي لتربيتهم والسهر على متابعة تعليمهم، وهم جميعهم متعلمون، فمنهم من درس معلم صف والمعهد البيطري ومعهد إعداد المدرسين، وأصغرهم يحمل الشهادة الثانوية».

رغبتها بتعلم القراءة ساعدتها في التعلم بسرعة، حيث لاحظت أن استجابتها حاضرة وسريعة وذكية وملتزمة بحل وظائفها الدراسية وحفظ الإملاء، وكانت هادئة تمارس القراءة والكتابة بأسلوب جيد، إضافة إلى إجراء العمليات الحسابية، وسيتم تطوير مهاراتها التعليمية في المستويات القادمة

وأضافت: «لم أكن أعرف "فك الخط" على الرغم من تقدمي في العمر، وكانت أمنيتي تعلم قراءة القرآن الكريم وحفظه، ولم يقف العمر في طريقي، فأنا أبلغ من العمر 69 عاماً، ومع ذلك انتسبت إلى صفوف محو الأمية في مديرية تعليم الكبار والتنمية الثقافية (سلسلة مرحباً بالعلم في برنامج تعليم الكبار المستوى الأول)، مع سيدات من سني لتحقيق ولو شيئاً بسيطاً من أمنيتي.

"هاجر محمد عطا"

والآن بعد مضي ستة أشهر من انتسابي إلى دورة المستوى الأول، أصبح بإمكاني القراءة ومتابعة التلفاز مع قراءة الشريط الإخباري واللوحات الإعلانية والأخبار المحلية وقراءة القرآن الكريم، وإجراء العمليات الحسابية، إضافة إلى أن أبنائي شجعوني على التعلم، وهم فخورون بهذه الخطوة وأنا بهذا العمر».

وعن برنامج الدورة، قالت: «شمل برنامج الدورة وفق المناهج التعليمية قراءة وكتابة ورياضيات، إضافة إلى قراءة وحفظ آيات من القرآن الكريم الذي كان الدافع الأكبر لانتسابي إلى صفوف محو الأمية، كما تعلمنا وتعرفنا إلى أشكال الحروف الأبجدية وحفظها وكيفية جمعها ولفظها بالأسلوب الصحيح والسليم.

"هاجر عطا" أثناء الكتابة

وللمعلمة دور كبير في مساعدتي من خلال متابعتي في حفظ الحروف والإملاء وتهجئة الكلمات، وكنت أتابع في المنزل حفظ المعلومات وكتابة الوظائف المدرسية بمساعدة ابنتي، كما أقرأ بعض الآيات في القرآن الكريم بهدف الممارسة وتمكين لفظ الحروف والكلمات بأسلوب صحيح، ولدائرة تعليم الكبار في "القنيطرة" دور مهم وكبير لمن يريد أن يتعلم من فئة الكبار».

ابنتها "رجاء الحسن"، قالت: «نحن فخورون بهذه الخطوة التي قامت بها والدتنا، حيث إننا تفاجأنا بها عندما قالت إنها تريد الانتساب إلى دورات محو الأمية لتتعلم القراءة والكتابة وهي تقترب من سن السبعين، لكنها أثبتت قدرتها على التحدي والالتزام برغبتها عندما قررت محو أميتها، وهي الآن أصبحت تقرأ وتكتب، وما زالت تتابع دراستها ضمن دورات محو الأمية يومياً من دون غياب. كما أنها تقوم بإجراء العمليات الحسابية وخاصة عند شراء الخضار من السوق، وسنتابع معها بكل ما نستطيع حتى تحقيق رغبتها».

معلمة دورة محو الأمية تعليم الكبار "وفاء إبراهيم"، قالت: «رغبتها بتعلم القراءة ساعدتها في التعلم بسرعة، حيث لاحظت أن استجابتها حاضرة وسريعة وذكية وملتزمة بحل وظائفها الدراسية وحفظ الإملاء، وكانت هادئة تمارس القراءة والكتابة بأسلوب جيد، إضافة إلى إجراء العمليات الحسابية، وسيتم تطوير مهاراتها التعليمية في المستويات القادمة».

وأضافت: «كان ضمن خطة عمل دائرة تعليم الكبار والتنمية الثقافية بـ"القنيطرة" خلال عام 2017 تنفيذ تسع دورات تأسيسية في تجمعات أبناء المحافظة في "جديدة عرطوز الفضل"، و"خربة الشياب"، ومركز "برزة" للتنمية المجتمعية التابع للأمانة السورية للتنمية، ولوحظ أن أغلب المنتسبين لهذه الدورات من فئة السيدات، حيث إن هذا العمل خدمة لمن خرج من المدرسة ولم تسمح له الظروف إكمال تعليمه لأسباب قاهرة أو خارجة عن إرادته».

الجدير بالذكر، أن "هاجر محمد عطا" من مواليد قرية "سكوفيا" في "الجولان"، عام 1949.