تعد الأغنية الشعبية الجولانية لبنة التراث والفرع الأساس في عالم الفلكلور، فهي مرآة ساطعة تعكس حياة الناس في السراء والضراء، كما تعكس أوجه واقعهم المختلفة وتصور آلامهم وآمالهم وأحلامهم بغد مشرق وجميل، وقرب هذه الأغنية من الذائقة العامة، سواء بلغتها العامية المحكية أو تنغيمها، أكسبها شعبية وأصالة وفرادة.

والواقع أن تراثنا الشعبي الجولاني زاخر بثروته الغنائية منها أغاني العمل والعمال والصيادين، وأغاني الترحال والغربة، وأغاني البحر والاستسقاء في سنوات الجفاف، وأغاني طهور الأطفال. زد على ذلك أناشيد المناسبات الدينية كعيد المولد النبوي الشريف، ورمضان، ووداع واستقبال الحجاج، وأغاني الندب «البكائيات». بالاضافة إلى تناويح النساء في المراسيم الوداعية للمتوفى، وأغاني الأعراس والأفراح (الخطبة، الحناء، حمام العريس، الزفة، الزغاريد، وتراويد النساء)، وكذلك الأغاني الرعوية التي كانت مقتصرة على النساء ومن ثم تجرأ الرجال الرعاة على غنائها فسميت بالرعوية.

أن الأغاني الشعبية للأطفال أرخت الأحداث الاجتماعية البسيطة وتأقلمت مع الوضع الاجتماعي والبيئي في "الجولان" حيث اتسمت بالحب والفرح والشقاوة وحب الأمهات الفطري للأولاد وعشقهن لأرض "الجولان"

ومن هذه الأغاني الأغنية الشعبية للأطفال التي ترتبط بمناسبات وأحداث تاريخية وسياسية وتتسم بالبراءة والمرح والفرح والشقاوة استخدمتها الأمهات وهن يهدهدن لأولادهن في مساءات "الجولان" والجو الهادئ اللطيف والتي استثمرت معظم أوقات الأطفال، حيث لا أجهزة إعلامية مرئية متطورة وأدخلت أغاني جديدة ألفها كبار السن تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل.

الأستاذ "أحمد محمود الحسن"

الحاجة "فاطمة الحمد" من أبناء "الجولان" تقول: «كنا في "الجولان" نعلم أبناءنا بعض الأغاني الشعبية التي توارثنها وعودنا الأطفال عليها، فعندما يأتي موعد نوم الطفل فأنه لا ينام حتى يسمع بعض الأغاني والتي أذكر منها "يلا ينام يلا ينام لأذبحلك طير الحمام .. روح يا حمام لا تصدق بضحك على ولدي لينام"، والأغاني كثيرة وكذلك أغاني مشي الأطفال، وأنا ما أزال أعلم أحفادي وأبنائي على هذه الأغاني».

ويقول الأستاذ "أحمد محمود الحسن" الباحث في الموروث الشعبي الجولاني لموقع eQunaytra: «الأغنية الشعبية الطفولية صافية نقية بل شابها شيء من التبديل بإضافة بعض الكلمات وحذف منها البعض الآخر، وأنواعها متعددة منها أغاني النوم عند الأطفال فعندما يحين موعد نوم الطفل تقوم الأم بحمل طفلها بعد تقميطه وتقوم بهدهدته على رجليها أو حضنها حين ينام وتردد بعض الأغاني بصوت حنون دافئ حتى يتعود الطفل على هذه الهدهدات حتى ينام والأمثلة كثيرة نذكر منها:

"نني يا عاقلة ويا مزيونة نني .. هيه هيه

"نني على النني ويش بدك يا جعفر مني .. هيه هيه

يا رب تهدي الولد لينام وأذبحلوا طير الحمام .. هيه هيه

أنا شفتو يا خيه وارد على بير الميه .. هيه هيه اشرب ونام .. هيه هيه

يلا تنام يلا تنام لأذبحلك طير الحمام .. روح يا حمام لا تصدق بضحك على ولدي لينام .. هيه هيه"

وكذلك بعض الأغاني التي كانت ترددها النساء عندما يبدأ الأطفال في مشي وهي:

"دادا يا ما شاء الله دادا هلله هلله" تعاد وتكرر مرتين أو ثلاثة وتكون الأم ممسكة بيدي الطفل وهي تساعده على المشي وأيضاً:

"دادا يا قرن الفول دادا يا رب تكبر وعمرك يطول" وبصيغة أخرى "دادا يا قرن الفول يا رب تكبر علينا يا جعفر وعمرك يطول" والله إن جاني يمشي لطبخ له خروف محشي.

وفصل الشتاء من الفصول المميزة عند الأطفال من خلال أدائهم لبعض أغاني الشتاء والتي تعرف بأغنية المطر "أغنية الاستسقاء" ويردها الأطفال:

"يا الله الغيث يا ربي .. نسقي زرعنا الغربي

يلا الغيث يا دايم .. واسقي زرعنا النايم"

وأيضاً هذه الأغنية:

"شتي يا دنيا شتي ... شتي ع قرعة جدي

شتي يا دنيا شتي ... طرطرق طرق يا مزراب

الحمد لله ارتحنا من الصيف ارتحنا من تموز وآب

يا رب تشتي يا رب وأروح ع الجدة يا رب

تعمل لي فطيرة أكلها أنا وأخويا

يا رب تشتي يا رب هيه هيه"

ومن أغاني الزراعة الطريفة:

"سرحنا في أول الصبح نحرث والحمار يعج

من بعيد تشوفه يعرج وكله من فعل الليدات"

وتابع "الحسن" حديثه في نفس السياق: «ومن أغاني الأطفال أغاني الحج حيث ارتبطت أغاني الحج بزيارة بيت الله الحرام وكذلك زيارة بيت المقدس لما للدين من أثر في تربية الأطفال ومن هذه الأغاني التي تقال عندما تداعب الأمهات أطفالهم :

"يا حجاج بيت الله سمن وعسل في الجرة ناكل أنا وحبيبي ونطلع الباقي لبرة هيه هيه

حطي زيت يا حجة تانقلي قرص العجة

حطي زيت يا حجة حطي زيت يا حجة"

ومن الأغاني أيضاً:

"حطيت راسي على فراشي ... سبع صلبان فوق راسي

مد المسيح يمينه ... فتحت أناجيله

وزعزع وقال ... تهدهدت الجبال"

ومن أغاني العيد للأطفال "بكره العيد ونعيد ونذبح بقرة السيد والسيد ماله بقرة نذبح بنته هالشقرا والشقرا مالها دم نذبح بنت العم"

"إلبست جديد يا جدة واليوم العيد يا جدة وجارنا سعيد يا جدة أعطيني قرش يا جدة من تحت الفرش يا جدة"

ومن أغاني الطيور أغنية "أبو سعد" وهو نوع من الطيور على شكل جماعات في السماء فعندما تهاجر ويراها الأولاد في السماء يغنون:

"أبو سعد دور دور ... أمك ماتت في القبور

أبو سعد ليك ليك ... والجراد قلع عينيك

وثلاثة حمامات وحدة بتصلي وحدة بتصوم وحدة بتعبد الله والرسول"

مرقت مريم أم النور.. حاملة حبيبها ورايحة تزور امسحي دموعك في البخور».

وذكر "الحسن": «أن الأغاني الشعبية للأطفال أرخت الأحداث الاجتماعية البسيطة وتأقلمت مع الوضع الاجتماعي والبيئي في "الجولان" حيث اتسمت بالحب والفرح والشقاوة وحب الأمهات الفطري للأولاد وعشقهن لأرض "الجولان"».