تحتل الحكايات الشعبية في "الجولان" مكانة خاصة بين المأثورات والفنون الشعبية المختلفة، ويرجع ذلك للموقع الجغرافي "للجولان"، هذا الموقع المتميز الذي جعله همزة وصل "لسورية" مع "فلسطين" و"لبنان" و"الأردن"، وأتاح له ثراء لا حد له في التراث الشعبي ولاسيما في الحكاية الشعبية، كما أن التنوع في نمط المعيشة له تأثير مميز في أسلوب التعبير الفني.

ويقول الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن" الباحث في التراث الشعبي الجولاني لموقع eQunaytra: «إن الحكاية الشعبية صياغة أدبية بلغة شعبية مثيرة ذات مغزى ومضمون مفيدين، تجلب اللذة والمتعة لمن يكتشف أسرارها وخباياها، وهي ليست مكتوبة في كتاب بل محفوظة في صدور رواتها ومفتاحها فم الراوي الذي هو أقرب ما يكون إلى المذياع في أيامنا هذه.

نحن في "الجولان" نعمل في الأرض من حراثة وبذار وحصيدة وتربية الحيوانات وكنا نشعر ببعض من التعب والملل، ولكن في نهاية العمل نجتمع في أحد منازل القرية ونستمع الحكايات والروايات والحزازير الشعبية، لنشعر بشيء من الراحة والترويح عن النفس التعب والملل

والحكاية الشعبية في "الجولان" واحدة من الحكايات الشعبية الإنسانية التي ساهمت في مراحل التطور الفكري واللغوي لدى الإنسان بجميع شعوبه وعروقه البشرية، وذلك بعد أن وفر لنفسه الوعي والفهم الكافيين لنسج هذه الحكايات التي حملها تجارب وملاحظات وقيم ومعتقدات الآباء والأجداد الفكرية والدينية والفلسفية، إن كثرة الضغوط الحياتية اليومية ومتطلباتها جعلت الإنسان يهرب في كثير من الأحيان من واقعه المر إلى عالم الخيال المجنح ليحلق عالياً إلى المتعة بالتخيل».

الأستاذ "عبد الله ذياب الحسن"

وتابع "الحسن" في نفس السياق بالقول: «الحكاية الشعبية في "الجولان" كغيرها من حكايات الشعوب فهي تنتشر انتشاراً واسعاً بموضوعاتها المختلفة، وما الحكاية الشعبية إلا امتداد طبيعي لماضي الشعوب وحاضرها رغم بساطتها وعفويتها وبراءتها إلا أنها تؤدي دورها الذي من أجله وجدت كتهذيب الأخلاق في إطار اجتماعي محدد وكثيراً ما نلاحظ فيها أثراً دينياً أو معتقداً قديماً، ومن المؤسف أن نرى الحكاية الشعبية تتلاشى أو تكاد تتلاشى في هذه الأيام بسبب تقنيات العصر الحديث المتمثلة بوسائل الإعلام المختلفة المرئية والمسموعة والمقروءة».

وعن الهدف من الحكايات الشعبية يقول "الحسن": «لقد كان الهدف من الحكاية الشعبية الترويح عن النفس الظمأى إلى الحرية إلى ترك الهموم جانباً كلما دعت الضرورة إلى ذلك، فجاءت معبرة بأسلوب شيق وممتع، كما هدفت الحكاية الشعبية إلى إشاعة الفضيلة والأخلاق لدى بني البشر من خلال الرموز التي تحملها لتكون صورة واضحة عن مراحل تطور الإنسان، وللحكاية دور تربوي مهم في نقل المفاهيم التربوية والفكرية والدينية والأخلاقية من جيل إلى جيل والتي تتجسد في الأفكار المختزنة في لا شعورنا وإن معظم حكايات "الجولان" تنضوي تحت لواء الخصب كغيرها من حكايات الشعوب».

السيد "محمود المصطفى" البالغ من العمر /81/ عاماً يقول: «نحن في "الجولان" نعمل في الأرض من حراثة وبذار وحصيدة وتربية الحيوانات وكنا نشعر ببعض من التعب والملل، ولكن في نهاية العمل نجتمع في أحد منازل القرية ونستمع الحكايات والروايات والحزازير الشعبية، لنشعر بشيء من الراحة والترويح عن النفس التعب والملل».