«المرحلة الماضية في حياتي هي مرحلة نضال، وانتهت بانتصار، تركت لدي انطباعاً بأنه لا يوجد في هذه الحياة شيء اسمه المستحيل، فالإنسان هو الذي يصنع المستقبل، وكثير من البلدان صنعها رجال، وعلى الإنسان أن يبقى متمتعاً بالإرادة، لأن الإنسان هو الأساس، استطعت خلال مسيرتي العلمية والقضائية الشاقة والمتعبة، أن أمثل الأسرة القضائية في مجلس الشعب خير تمثيل».

بهذه الكلمات تحدث المحامي "محمد الفشتكي" لموقع eSyria الذي التقاه في مكتبه ليحدثنا عن رحلته الطويلة مع العلم والقضاء فقال لنا: «طول سنين انقطاعي عن التعليم لم تقف حاجزاً أمام إرادتي، التي لم يعرف المستحيل طريقاً إليها، فتغلبت على الواقع المرير الذي حال بيني وبين استمرارية تحقيق حلمي، وقررت العودة بعد طول انقطاع، والانطلاق من جديد، فحبي للعلم حلم ظل يراودني أينما ذهبت».

ترشحت عن طريق فرع "القنيطرة" للحزب، وكانت فرحة لا توصف بعدما تم قبول عضويتي في مجلس الشعب

ويضيف "الفشتكي": «ولدت في قرية "خسفين" المحتلة في "الجولان" عام 1947، وتعلمت في مدرسة "خسفين" الابتدائية حتى الصف الخامس، ومن ثم انتقلت إلى قرية "العال" لإتمام دراسة الصف السادس، ونظراً لعدم وجود مدرسة إعدادية في القرية فكان الأمر يستدعي الانتقال إلى منطقة "فيق" التي تبعد عن قرية "خسفين" 15 كم، ونظراً لوجود المشقة وعدم وجود الوفرة والسيولة آنذاك تركت المدرسة، ووقتها أرضاني والدي المرحوم "محمود الحمد" بكلمات لا أنساها، وأدركت حينها معانيها البسيطة فقال "يا بني نحن فلاحون ولدينا أرض.. إعمل عندي بالزراعة، حتى تكبر وتصبح رجلاً.. التعليم أنت لاحق عليه".

الفشتكي يطالع في مكتبه

فعملت بالزراعة لمدة 5 سنوات وكنت مثالاً للفلاح الصغير وبعد ذلك عملت بكافة الأعمال في سبيل تأمين المال، وفي عام 1966 نصحني صديق لي بالتطوع في الجيش، فقدمت أوراقي دون علم والدي، وكنت أطمح وقتها بالذهاب إلى الشرطة العسكرية، وقد تم قبولي في مدارس الرتباء في الجيش، وقد تخرجت منها الأول على مستوى المدرسة، وتم انتقائي للشرطة العسكرية وشغلت فيها وظيفة محقق، وتخرجت فيها 1967 كصف ضابط، ولكن لم تكتمل فرحتي بسبب النزوح عن "الجولان" الذي حصل في الشهر السابع من ذاك العام».

ويتابع المحامي "الفشتكي": «بقيت معي فكرة متابعة التعليم، ولكني كنت أنتظر الفرصة المناسبة التي تسمح لي بأن أدرس، وفي عام 1973 وأنا في الشرطة العسكرية عدت للدراسة، وقد ساعدني زملائي في التعلم وبالفعل حصلت على "الكفاءة"، ومن ثم أخذت بالتحضير لتقديم الشهادة الثانوية، التي حصلت عليها عام 1978 وقد كانت هوايتي دراسة الحقوق، فانتسبت لجامعة "دمشق" كلية الحقوق، واستطعت التخرج منها عام 1982، وبعد ما يقارب حوالي 20 عاماً قررت الخروج إلى التقاعد من الجيش لأتابع طريقي في مجال المحاماة، فانتسبت لنقابة المحامين بـ"درعا"، واستطعت أن أفتح مكتباً وأعمل، وقد ترشحت لنقابة المحامين وأصبحت عضواً في نقابة المحامين».

وعن كيفية ترشحه لمجلس الشعب السوري قال "الفشتكي": «ترشحت عن طريق فرع "القنيطرة" للحزب، وكانت فرحة لا توصف بعدما تم قبول عضويتي في مجلس الشعب».

وعن أهم الأعمال والقرارات التي ساهم بها "الفشتكي" خلال تواجده في مجلس الشعب أضاف: «ساهمت في استصدار قرارات تخدم القضاة والمحامين "الأسرة القضائية"، فلقد كنت أنا والزميل "محمد حريب" في أكثر من مرة نتحدث مع وزير العدل في بهو البرلمان من أجل تحسين وضع القضاة، وأيضاً إصدار قانون السلطة القضائية وقانون الضريبة على الدخل، فقد كنت أحد المقررين في تلك اللجنة، حيث استطعنا إعفاء الشريحة الأولى وتخفيض الضريبة على أصحاب الدخل المتدني، ولا يطول إلا أصحاب الدخل المرتفع فكان من القوانين التي لاقت ارتياحاً وتوازناً بين الناس».

وعن "الجولان" وماذا تعني "للفشتكي" لكونه ولد وترعرع في أحضان طبيعتها يقول: «حقيقة يختلف شعور الناس الذين عاشوا فيه، عن الجيل الثاني الذي عاش ما بعد "الجولان"، وللأمانة أقولها بأني مازلت أرى قريتي وأرضي التي عشت وترعرعت فيها فترة الصبا في "المنام" لهذه الفترة، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الذكريات المرتبطة بالحب والتفكير، فـ"الجولان" بالنسبة لي قطعة من الروح وهي أفضل بقعة في العالم ليس فقط لجمالها، وإنما لأنها مسقط رأسي».