اتخذ لنفسه مكانة في النحت لا يستهان بها على المستوى المحلي فاستحوذ على إعجاب المهتمين في الساحة الفنية، ساعده في ذلك موهبته الفطرية ودأبه واجتهاده لإعطاء أعماله النحيتة ميزتها الخاصة، فمع انفتاحه على مختلف التجارب الفنية، لم يقلّد أحداً، بل أطلق العنان لأفكاره وأحاسيسه ليصبها على أحجاره أو سواها ولينفخ فيها روح الحركة والحياة ليكون بذلك كل عمل من أعمال الفنان النحات "محمد أبو خالد" حكاية جولانية.

موقع eQunaytra التقى الفنان التشكيلي النحات "محمد أبو خالد" وكان الحوار التالي:

  • كيف يعرف الفنان "محمد أبو خالد" فن النحت؟
  • الفنان محمد أبو خالد أثناء العمل

    ** النحت نوع من أنواع لغة التواصل مع الآخر ويعد أبو الفنون لأنك تتعامل مع فراغ، والفن هو الإنسان والارتقاء والذوق، وأنا أعتبر الفن رسالة إنسانية سامية، كما يخلق لدي إحساس بالسعادة والإحساس العالي بالمسؤولية اتجاه المتلقي والذي أحاول أن أشكل شيئاً ما يشبهني بما أختزنه بكل ما هو جميل وممتع وكذلك أؤكد من خلاله ذاتي وإنسانيتي فالفن هو الوسيلة التي أجد من خلالها الارتقاء بذوق الآخر.

  • ما المراحل التي يقطعها عملك النحتي.. ليصل إلى جمهورك بالشكل الذي ترغبه؟
  • المرأة العربية

    ** بداية يجب أن يكون لديك تصور مسبق عن العمل الذي تريده ثم تصميم الشكل على الحديد ومن ثم استخدام الطين بصب قالب هالك نسخة واحدة كما يمكن أن أستخدم بدل الطين، البرونز والمعادن الصلبة المقاومة للظروف البيئية كما يجب توافر الأدوات اللازمة كالمطرقة والصاروخ ولكل مرحلة أدوات خاصة. إن عملي بمجال النحت علمني الصبر وتذوق الجمال وبالتالي تذوق جمال الحياة بكل حالاتها وهو من أهم أهداف الفن، والمواد المستخدمة في النحت الحجر والخشب والطين الصلصال.

  • لا بدّ أن العمل الفني ينطوي على الكثير من الصعوبات، ماذا تحدثنا عن صعوبات النحت؟
  • علم سورية

    ** تكمن صعوبة النحت بالدراسة التي يتطلبها من كل الجهات وخلق الحياة بكتلة صماء، وإذا اعتبرنا أن النحت هو عبارة عن كتلة وعلاقتها بالفراغ فأنت أمام عملين: العمل الأول هو العمل النحتي، والعمل الثاني لا يقل أهمية عنه هو العمل الوهمي الذي يحيط به، بالإضافة لما يتطلبه من جهد عضلي وفكري واطلاع دائم على التجارب المحلية والعالمية.

  • ما الأعمال النحتية التي قمت بها؟
  • ** جميع الأعمال التي أقدمت على نحتها وتشكيلها، يغلب عليها الطابع الإنساني كعمل للفيلسوف ابن رشد الموجود في دمشق- بمنطقة المزة- في حديقة ابن رشد، وعمل عن بدايات الكتابة العربية بالخط الكوفي، وعمل عن الشهيد "عبد الله رجب" موجود في الإدارة السياسية، كذلك أعمال من البيئة الشعبية، ومجموعة أعمال من وحي تشرين: عمل عن معركة تل الفخار، وعمل عن تحرير مرصد جبل الشيخ، وآخرها نصب تذكاري عن الشهداء.

  • فن النحت يختلف عن الرسم، فما مدى قبول الناس لهذا الفن بشكل عام وأعمالك بشكل خاص؟
  • ** كل الفنون هدفها وغايتها واحدة هي الارتقاء بالإنسان والاهتمام بقضاياه وتذوق الفنون يخلق النظام في المجتمع ويطرد الفوضى وهذا عامل هام من عوامل وحدة المجتمع، فالفن ليس بمقدوره حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ولكنه هو الذي يصنع الإنسان القادر على الحل والفن الحقيقي هو الذي يخلق فينا حيوية روحية ويتجاوز المتعة الحسية ويفجر ما بداخلنا من طاقات كامنة تخلق منا أناسا قادرين على قيادة حركة التاريخ والحياة ولا يوجد اختلاف بين فن النحت وفن الرسم من حيث الأهداف بل الاختلاف يكمن في التقنيات والخامات المستخدمة لكلا الفنين والنحت يحتاج لجهد عضلي وإمكانيات مادية أكثر وليس كل رسام نحات ولكن يجب أن يكون كل نحات رسام.

  • كيف أثرت البيئة الجولانية في أعمالك؟
  • ** إن الأسرة والبيئة والمحيط الاجتماعي كلها عوامل تلعب دوراً هاماً في تكوين شخصية الأفراد، وقد خضعت منذ طفولتي لتربية مبنية على القساوة كما تربيت على احترام الذات والآخر إلى أبعد الحدود فما زالت طفولتي تمتلك قسوة البيئة الجولانية على الرغم من كل الجمال الذي تمتلكه وتزهو به مؤثرة إلى حد بعيد على أعمالي النحتية والتي تملك القوة والطيبة والتحدي ولكنني ما زلت عاشقاً ومحباً لصخور وربيع الجولان وجمالها الأخاذ وجميع أعمالي تنبع من ذلك العشق والحب الذي هو مصدر كل فن جميل وأصيل وخلف أعمالي يكمن ألمي وقوتي وصوتي الرافض للاحتلال وكل أشكال القتل والتدمير والاعتداء على إنسانية الإنسان ونبله وطهارته.

  • كيف ترى واقع فن النحت في وقتنا الحاضر؟
  • ** هناك انطلاقة جيدة على صعيد ملتقيات النحت المحلية والدولية وقد كنت أحد المشاركين في الملتقيين الأول والثاني الذي أقامتهما محافظة دمشق والملتقيات ظاهرة حضارية تستحق الاهتمام والدعم والاستمرار، ومؤخراً أصبح هناك ملتقيات دائمة وأتمنى أن تبقى مستمرة تملأ ساحاتنا وحدائقنا بكل ما هو جميل من الأعمال النحتية.

  • ماذا تحدثنا عن عمل أنجزته وتحس به قريباً إلى قلبك يستحضر ذاكرتك دائماً؟
  • ** كان آخر عمل من أعمال مشروع التخرج وهو عبارة عن بورتريه من الجبس المباشر أحسست أنه أقرب الأعمال إلى نفسي ووجداني حتى الآن كما أحسب أنه امتداد لي ولوجودي وله حضور قوي في كل أعمالي، وأغلب أعمالي التي أنجزتها حتى الآن لها صلة بحياتي وأعتبرها مدخلاً لي إلى عالم النحت.

  • ماذا عن عمل تحلم أن تنجزه؟
  • ** أحلم بان أنجز أعمالا كثيرة منها عمل يخلد الشهيد المجند "عبد الله رجب" رامي "آر.ب.ج" الذي جابه وحده رتل دبابات إسرائيلية ودمر أربعة دبابات وأوقف الرتل أكثر من نصف ساعة عن التقدم أثناء الخرق الذي حصل بحرب تشرين التحريرية واستشهد قبل تدمير الدبابة الخامسة، وهذا موثق بكتاب "أزاهير تشرين المدماة" للمرحوم الدكتور "عبد السلام العجيلي".

    كما أحلم بإنجاز نصب للشهداء في مدينة البعث لأن هذه المدينة مقامة على تربة مزجت بدماء المئات من شهداء رجال المشاة والدبابات والتي كانت متجهة لتحرير ما احتل من أرض وطننا الغالي، بالإضافة إلى نصب تذكاري يرمز للسلام وآخر يعبر عن انتصارات حرب تشرين التحريرية.

    ** ما رسالتك التي تريد إيصالها من خلال النحت؟

    ** الفن هو عمل إبداعي ونشاط إنساني حر يقوم على تحريض وتحريك العقول والمشاعر لدى الآخرين وهو رسالة إنسانية سامية وتعبير حقيقي عن الحياة وجمالها ومعانيها وإعلاء شأنها بالإضافة إلى أنه يساهم ببناء الإنسان القادر على التغيير للأفضل وخلق إنسان يملك إحساسا عميقاً بالمسؤولية.

  • ما المعارض التي شاركت بها؟
  • ** شاركت في معرض الكاريكاتير الأول الذي نظم من قبل اتحاد الصحفيين العرب في صالة الشعب، كما شاركت في كافة معارض فرع نقابة الفنون بالقنيطرة، وفي معارض وزارة الثقافة والإدارة السياسية وبعض المعارض الجماعية، كما حصلت على شهادات تقدير من اتحاد الفنانين بسورية، ومن الإدارة السياسية، واتحاد الصحفيين والآن أنا بصدد التحضير لمعرض فردي يضم جميع الأعمالِ القديمة وبعض الأعمال الجديدة.

    وذكر لنا الفنان "محمد أبو خالد" أنه تم تكليفه من السيد محافظ "القنيطرة" بعمل دراسة نصية لتصميم عمل في ساحة الباسل في محافظة القنيطرة يدعو للتحرير والنصر.

    والجدير ذكره أن الفنان التشكيلي "محمد أبو خالد" من مواليد عام 1952م- قرية "مسحرة" التابعة لمحافظة "القنيطرة"، وتخرج في كلية الفنون الجميلة- شعبة النحت عام 1981م. له عدة أعمال نصبية نحتية موزعة بين دمشق والقنيطرة، كان أول رئيس فرع لنقابة الفنون الجميلة بالقنيطرة عام 1982م. ويشغل الآن منصب رئيس مركز الفنون التشكيلية التابع لمديرية الثقافة بالقنيطرة وهو عضو باتحاد الفنانين التشكيليين في القنيطرة.