حبه للرسم يدفعه لتفريغ ما يدور في مخيلته وفكره على ألواح البازلت، من خلال رسم التصاميم والزخرفات ونحتها على الحجر. تزوره في مشغله الحجري، لتجده منشداً إلى عمله الذي لا يكاد يخلو من الخطورة والمجازفة، منشغلاً عن كل ما يدور حوله، في إنجاز منحوتة أو لوحة فنية لحيوان خرافي أو أسطوري.

موقع eQunaytra زار النحات "نارت إسماعيل" في مشغله، عند جسر "وادي الرقاد" إلى الغرب من بلدة "خان أرنبه" وكان لنا متعة اللقاء به والتحدث عن الرسم والنحت على الحجارة.

على الرغم من انقضاء أكثر من 22 سنة في مهنة النحت والرسم على الحجر، إلا أني لم أرتو بعد من الزخرفة على الحجارة، لتكون رسلاً فنية وشواهد على عظمة إنساننا العربي، ومقدرته على الإبداع ومحاكاة الحجر، لخلق منحوتات تكاد تتكلم من وحي اليد التي نقشتها

عن البدايات يقول النحات "نارت إسماعيل": «كنت مشدوداً إلى موضوع الآثار والتحف القديمة، ودفعني هذا الشغف إلى ارتياد الأماكن التاريخية والقلاع الأثرية في محافظات "حمص- حلب- درعا- اللاذقية". شاهدت في تجوالي بعض المنحوتات والمخطوطات الأثرية، التي تركت في نفسي انطباعات جعلتني أتعلق بفن النحت على الحجر.

نارت اسماعيل أمام مشغله الحجري

أثناء جولاتي على تلك المناطق الأثرية، دعاني بعض المهتمين بموضوع النحت والعمل في أحد مشاغل صناعة الحجر، إلى العمل في المنشأة لممارسة فن النحت.

ثم تطور الأمر وتركت دراستي في معهد البرمجيات وتحليل النظم، واتجهت للعمل في صناعة الحجر الرحيباني والتركي، لتصبح مع الأيام المهنة التي أحبها وأعشقها. واظبت على إتقانها بحرفية تامة، وأفرغت فيها ما يدور في مخيلتي من أفكار على ألواح البازلت».

الواح من قطع البازلت التي ينتجها نارت

وعن سنوات عمله الطويلة يضيف: «على الرغم من انقضاء أكثر من 22 سنة في مهنة النحت والرسم على الحجر، إلا أني لم أرتو بعد من الزخرفة على الحجارة، لتكون رسلاً فنية وشواهد على عظمة إنساننا العربي، ومقدرته على الإبداع ومحاكاة الحجر، لخلق منحوتات تكاد تتكلم من وحي اليد التي نقشتها».

وعن مشاركاته الفنية يقول: «كان لي الشرف بتنفيذ العديد من النصب التذكارية على مستوى المحافظة، منها النصب التذكاري للشهيد "باسل الأسد" عند مدخل مدينة "القنيطرة" ساحة دوار "الباسل"، إضافة الى "بانوراما الجولان" الأثرية عند مبنى دار "الجولان للثقافة".

على الصعيد العالمي، وصلت منحوتاتي من حجر البازلت الجولاني، إلى الولايات المتحدة الأمريكية من خلال بناء جدار داخلي من أحجار البازلت الجولاني لكنيسة، وهي عبارة عن أقواس ومنحوتات تم شحنها ونقلها إلى هناك، حيث لاقت إعجاب الأميركان بطبيعة عملنا وأناقته، وتجسد ذلك بتكريم المقاول السوري المشرف على العمل، من قبل حاكم الولاية، ومنحه شهادة تقدير، ولقاءات على إحدى قنوات التلفزيون وفي الصحف اليومية.

كما وصلت منحوتاتنا الحجرية إلى ألمانيا، فقد شاركنا في بناء فيلا كبيرة عبارة عن قصر، تمت زخرفته وتزيينه بحجر البازلت السوري.

وعلى صعيد مساهماتنا العربية، كانت لنا بصمة جمالية في المملكة العربية السعودية، وفي عمل العديد من الشلالات والقصور الفخمة، إضافة للمشاركة في إكساء الكثير من الفلل والمنازل والقصور والتراسات في محافظات "دمشق والقنيطرة"».

وعن الأدوات التي يستعين بها نحاتنا الحجري يذكر: «يتم استخدام الأزميل والصاروخ وحجر الجلخ الدقيق، لإنجاز كافة أعمال الحفر على الحجر، والاستعانة ببعض الأدوات الخاصة، عبارة عن ريش دقيقة خاصة بمهنة قص الحجر ونحته، على الرغم من تطور العلم وتوافر الكم الهائل من المعلومات، أصبح يعرف الغرانيت وسواه، ولكن يبقى للبازلت سحره وألقه لتصح مقولة أحد المقاولين "من يمتلك البازلت سوف يمتلك العالم"، نظراً لديمومة حجر البازلت لوقت طويل قد يصل إلى قرون».

من الجدير بالذكر أن النحات "نارت اسماعيل" من مواليد قرية "العدنانية" محافظة "القنيطرة"، درس في معهد البرمجيات وتحليل النظم، متزوج ولديه اثنان من الأولاد.