يعدّ "الغطس الحر" من أقدم أشكال الغوص التي مارسها الإنسان، ويمارسه في الساحل السوري العديد من الشباب كرياضة وهواية ومصدر رزق، ولكنها رياضة من نوع مميز ومختلف.

يعود تاريخ نشوء الغطس إلى ما قبل الميلاد، فقد ذكر في الحوليات الفينيقية واليونانية، وكتب المؤرخ اليوناني "هيرودوت" منذ 400 سنة قبل الميلاد، عن قصة الغطاس المشهور "سيليس SEYLLIS" الذي كان موظفاً خاصاً في بلاط الإمبراطور الفارسي "كسرى" لانتشال الكنوز من السفن الفارسية الغارقة. يتميز الغطس الحر بقلة حاجته إلى أجهزة مساعدة، كما هو الحال في الغوص، ويتطلب بالتالي مواصفات خاصة للغطاس، وهو أخطر وأصعب من الغوص، كما يقول في حديث لمدونة وطن “eSyria” ، بتاريخ 28 آذار 2014، الكابتن "عدنان عبد الغني"، كبير (مدربي غوص) في "منظمة الغوص الدولية (PADI)"، ويضيف قائلاً: «يجب التمييز بين الغوص في الأعماق الذي يتم باستخدام معدات خاصة للتنفس ويسمى (غوص السكوبا Scuba Diving)، والغطس الذي له نوعان: رياضة الغطس الأولمبية وتكون في المسابح حيث يقوم الرياضي بالقفز في الهواء وتنفيذ حركات بهلوانية والغطس في المسبح، والثانية رياضة الغطس الحر، وتكون في البحر، ولا تحتاج إلى معدات كثيرة، ومعظم من يزاولها في ساحلنا، يزاولها لصيد الأسماك بالبارودة، ويعتمد على قدرة الغطاس على حبس أنفاسه أطول فترة ممكنة حتى الصعود إلى السطح، ويستطيع الجميع ممارسة الغطس الحر وبكل الأعمار، وتعتبر النساء الأقدر والأفضل في هذا المجال، لقدرتهن على كتم النفس لأطول مدة، لأن جسم المرأة يستهلك الأوكسجين بقدر أقل بكثير من الرجل، ولقدرتهن على الاسترخاء وخفض ضربات القلب».

يجب التمييز بين الغوص في الأعماق الذي يتم باستخدام معدات خاصة للتنفس ويسمى (غوص السكوبا Scuba Diving)، والغطس الذي له نوعان: رياضة الغطس الأولمبية وتكون في المسابح حيث يقوم الرياضي بالقفز في الهواء وتنفيذ حركات بهلوانية والغطس في المسبح، والثانية رياضة الغطس الحر، وتكون في البحر، ولا تحتاج إلى معدات كثيرة، ومعظم من يزاولها في ساحلنا، يزاولها لصيد الأسماك بالبارودة، ويعتمد على قدرة الغطاس على حبس أنفاسه أطول فترة ممكنة حتى الصعود إلى السطح، ويستطيع الجميع ممارسة الغطس الحر وبكل الأعمار، وتعتبر النساء الأقدر والأفضل في هذا المجال، لقدرتهن على كتم النفس لأطول مدة، لأن جسم المرأة يستهلك الأوكسجين بقدر أقل بكثير من الرجل، ولقدرتهن على الاسترخاء وخفض ضربات القلب

وككل الرياضات يحتاج الغطس الحر إلى التدريب والممارسة، ومن خلال التدريب يستطيع الغطاس كتم نفسه إلى "أكثر" من أربع دقائق، علماً أن بعض محترفي هذه الرياضة التنافسيين حول العالم، استطاعوا الوصول إلى كتم النفس لمدة ثماني دقائق وأكثر، وينصح الكابتن "عبد الغني" أن يرافق الغطاس الحر دائماً (بدي، Buddy، غطاس صديق مرافق) مرافق لحالات الطوارئ، التي يجب أن يتدرب عليها، وألا يغطس وحيداً أبداً، والغطس الحر يتضمن مجموعة من الأنشطة من مجرد "حبس الأنفاس" إلى "المسابقات التنافسية المتعددة"، مثل صيد الأسماك بالرمح، والتصوير الفوتوغرافي تحت الماء. في الساحل السوري يمارس بعضُهم الغطسَ الحر، وأغلبهم بشكل فردي، ومن أهم ما يحتاج إليه الغطاس، كما يقول المهندس "نوح عباس"، وهو من ممارسي الغطس الحر: «هو "فرنيزة" (Mask) وخرطوم للتنفس (Snorkel)، يكون ملحقاً مع "الفرنيزة"، إضافة إلى الزعانف (Fins) التي يلبسها في القدمين، وأوزان توضع على الخصر لتساعده في التغلب على طفو جسمه، ويتم تنفيذ الغطسة على الشكل التالي: يأخذ الغطاس نفساً عميقاً، إذا كان خارج الماء، وإذا كان على وجه الماء كذلك، ويقوم بخفض رأسه وثني ظهره، وإعطاء جسمه دفعة (دفشة) على أن ينزل في المياه بشكل عمودي، ليجد نفسه يغطس في أعماق المياه، وتحت الماء يمكنه أن يمارس كل الحركات البهلوانية، فهناك انعدام للوزن والجاذبية تقريباً، وقدرة كل غطاس على البقاء تحت الماء تعتمد على التدريب والممارسة، وعلى بنية الجسم، هذه الرياضة تتطلب بشكل رئيسي تعلم الاسترخاء، بسبب إعطاء القلب الوقت الكافي لضخ الدم إلى الجسم، وكلما كان الغطاس أنحف، زادت قدرته على البقاء تحت الماء، يشبه الغطس الحر الطيران الحر في الجو بشكل كبير».

استراحة الغواصين كل 5 متر

وهناك أمر ثان مهم، يتحدث عنه المهندس "عباس"، وهو تعديل الضغط، الذي ينفَّـذ لكي يزيد الغطاس من قدرته على الغطس أكثر فأكثر تحت الماء، ويشعر الغطاس بالضغط على طبلتي أذنيه كأنه جدار، وعلى مختلف الفراغات الهوائية، والرئتين، وعلى الدم داخل الجسم، الضغط يجعل الآزوت ينحل بالدم ويتحول إلى فقاعات في حال الجهل بقوانين الغوص وعدم التقيد بقواعد الغطس والغوص، الموضوع خطير إذا لم يؤخذ بعين الاعتبار، ويمكن أن يعطب الغطاس.

يمكن تنفيذ الغطس في أي وقت، وفي أي فصل، ليلاً ونهاراً، صيفاً وشتاءً، شرط أن يكون البحر رائقاً (غير هائج)، وما ينكد على الغطاس رحلته هو المياه العكرة، ونادراً ما يكون البحر صافياً، وفي ساحلنا يمكن للغطاس التنبؤ بحالة المياه، تبعاً لاتجاه الرياح على البر، وعلى هذا الأساس ينزل إلى المياه أو يمتنع، ومن المعروف في قاموس الغواصين والغطاسين في ساحلنا أن الهواء الشرقي يعني ظرفاً مثالياً للغوص والغطس، ويقولون عن البحر إنه (بلاطة) و(بللور)، وهذه الشروط نادرة التحقق إلا في فصل الشتاء، في شهري شباط وآذار، حيث تصل درجة حرارة المياه إلى 16 درجة في بعض الأحيان، ودرجة حرارة جسم الإنسان 37.5 درجة، وهذا يعني الحاجة إلى لبس بدلة عازلة للحرارة، وهذه لا تتوافر دائماً، بسبب ارتفاع سعرها (تصل حتى 30 ألف ليرة).

في منطقة قريبة من الشاطئ السوري

يمكن تنفيذ الغطس، في كل الأماكن على طول الساحل السوري، الذي يتميز -كما يقول الكابتن "عبد الغني"- بعذريته، ولكل منطقة جمالها الخاص، وأشياء يمكن رؤيتها والغوص لأجلها، فبيئة الساحل السورية هي نفس بيئة البحر المتوسط الفقيرة عموماً بأحيائها المائية القليلة المرجان، ولكن هنالك دائماً ما يمكن أن تراه في المتوسط ويفاجئك وخصوصاً التشكيلات الصخرية الرائعة والكهوف.

ويضيف الكابتن "عبد الغني": «لدينا -في أعماق قليلة من الشاطئ- عدد من السفن الغارقة منذ عشرات السنين، يمكن أن تكون هدفاً للغواصين والغطاسين سويةً، ولا ننسى أن ساحلنا يحتضن في العديد من خلجانه بقايا قوارب الفينيقيين، من أجمل مناطق الغوص في ساحلنا تمتد من الشمال حيث التنوع السمكي والأحياء الرائع (من أسماك ومرجان ونجوم بحر وفقم وسلاحف وحتى دلافين) في السمرا والبدروسية ورأس البسيط، إلى جمال التشكيلات الصخرية في اللاذقية والكورنيش الجنوبي، إلى كهوف جبلة المائية، إلى المرجان النابت حديثاً مع ارتفاع درجة حرارة المتوسط في بانياس وطرطوس، واشتهر ساحلنا منذ قديم الزمان بالإسفنج وبوفرته وجودته إلى أن قضي عليه تماماً بسبب الصيد الجائر والجرف والديناميت، وكل الخوف هو من الصيادين الذين يصطادون بالديناميت، الذي لا يكتفي بقتل الثروة السمكية، بل ويدمر الشعاب المرجانية القليلة التواجد أصلاً في المتوسط، ويقضي على كامل السلسلة الغذائية والبيئية الحيوية التي تعتمد عليها الأسماك والأحياء في ساحلنا للتكاثر والتواجد فتغادر المناطق المستهدفة بالديناميت إلى غير رجعة، نذكر أخيراً، أن السوريين والعرب عموماً، سكان السواحل، هم من أوائل الشعوب التي احترفت الغطس الحر، وبعضها امتهنه كمهنة لكسب الرزق، خاصةً في جمع اللؤلؤ والمرجان، مع مراعاة البيئة، ويذكر كتاب "تاريخ الغوص في العالم"، أن الفينيقيين كانوا عندما يقطعون الإسفنج، لا يعودون ويقطعون من نفس المكان إلا بعد سنوات، كما يعود فضل اكتشاف نظارات الغوص إلى أجدادنا الذين استخدموا قشور بيوض السلاحف، كنظارات للرؤية تحت الماء بعد حفها حتى تصبح شفافة، يمكن الرؤية من خلالها».

المهندس نوح عباس وصيد موفق