ضمن فرشة عشبية على ارتفاع 1030 متراً عن سطح البحر، يظهر نبع مياه فوكلوزي "ارتوازي"، وظف وجوده مزارعو "جوبة الدلبة" في حياتهم الزراعية توظيفاً مثالياً.

ضمن ما كان عنوانه العريض مسير "جوبة الدلبة" الذي نظمه وشارك فيه فريق مدونة وطن "eSyria" الاستكشافي و"الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في سورية" في سلسلة جبال الشعرة الشرقية منطقة "القرداحة" بتاريخ 24 نيسان 2016؛ تم اكتشاف نبع مياه طبيعي بمنبعه ومجراه ومكان مصبه، حيث تم توظيف موقع المصب ليتم الاستثمار الأمثل له، وعن تفاصيل موقع هذا النبع تحدث الدارس الجغرافي "إيهاب ريحان" من "الجمعية الوطنية لإنماء السياحة في سورية"؛ وذلك بعد إتمام الدراسات والتفاصيل عن المسير، بتاريخ 14 أيار 2016، فقال: «المجرى المائي الذي وجدناه في الفرشة العشبية لأرض الجوبة هو نبع فوكلوزي "ارتوازي" على شكل أخدود على ارتفاع وسطي للمنطقة ككل نحو 1200 متر عن سطح البحر، وضمن موقع منخفض عن محيطه يسمى الفرشة العشبية للجوبة بارتفاع حوافه بين 1150 متراً و1300 متر عن سطح البحر، حيث يبلغ ارتفاع هذه الفرشة العشبية نحو 1030 متراً عن سطح البحر، في حين تكون انحدارات سفوح الجوبة وسطياً تسعة وعشرين درجة، وبالحد الأعظمي نحو ستين درجة.

لا يمكن اعتبار دلالات وجود النبع ضمن الجوبة غير طبيعية، لأنه ضمن أغلب الجوبات الكبيرة نرى وجوداً للمياه بهذه الطريقة أو بطرائق أخرى تلفت النظر للوهلة الأولى

تبلغ مساحة أرض الجوبة العشبية نحو سبعين دونماً، ومساحة منطقة الجوبة نحو 400 دونم، ومحيط أرض الجوبة العشبية نحو 1.3 كيلومتر، ومحيط منطقتها نحو خمسة كيلومترات، ويقع النبع في القسم الأول "الفرشة العشبية" وهو أحد أقسام الجوبة الطبوغرافية الأربعة.

الدارس الجغرافي إيهاب ريحان

ويمكن القول إن هذا المجرى المائي بطول 300 متر، وهو على هيئة نبع ارتوازي طولاني، ذي تغذية متوسطة نسبياً، ويستمد هذه التغذية من المياه الجوفية المتجمعة تحت أرض الجوبة العشبية، حيث وجدت فرصة للانبثاق نحو السطح لكونها قريبة منه، وكان انبثاقها من أماكن ترابية ضعيفة، وتحت ضغط المياه الجوفية المتجمعة ضمن حوض على مبدأ الآبار الارتوازية».

وعن خط سير النبع قال "ريحان": «يمكن توصيف خط سيره وفق الآتي: يتبع خط سيره خط الأخدود من الجنوب نحو الشمال، وبعدها انعطاف نحو الغرب بطول 200 متر بشكل رئيس، و300 متر مع المياه التي ترشح خلفه».

الفريق عند مصب النبع ضمن البئر

أما عن دلالات وجوده في أرض الجوبة أي ضمن الموقع، فقال: «لا يمكن اعتبار دلالات وجود النبع ضمن الجوبة غير طبيعية، لأنه ضمن أغلب الجوبات الكبيرة نرى وجوداً للمياه بهذه الطريقة أو بطرائق أخرى تلفت النظر للوهلة الأولى».

وفي لقاء مع الجيولوجي "مضر سليمة" من فريق مدونة وطن "eSyria" الاستكشافي قال: «يرتبط ظهور الأنهار وتكوّن البحيرات بعدة عوامل، أهمها: معدل هطول الأمطار، ومرفولوجية المكان، ونفوذية الصخور فيه، وفي هذا المكان أي "جوبة الدلبة" يوجد معدل هطول أمطار مرتفع، والمكان بوجه عام منخفض؛ لذا هو مؤهل لتتكوّن فيه بحيرة، لكن الصخور الحاملة فيه نفوذة جداً، وتمتص كل الأمطار التي تهطل، ومياه هذا الجدول تتجمع في الصخور البركانية المفتتة على شكل طمي، وتتخزن فيها، ثم تجري إلى المنطقة المنخفضة من الجوبة، وقد حفر أهالي المنطقة بئر تجميع في أخفض نقطة يمكن أن تصل إليها المياه، وذلك نتيجة فقدان المياه بوجه عام في الموقع، وهذا ليستطيعوا الوصول إلى المياه الجوفية، لأنها مياه صالحة للشرب، بدليل أننا شربنا منها بكل ثقة من دون أن تحدث أي أعراض جانبية أو مرضية، وهنا تكمن أهمية هذا الجدول الصغير الذي يطلق عليه سكان أقرب تجمع سكاني عليه اسم "الغوار"؛ نتيجة غوره في الأرض بصورة لافتة للانتباه».

مجرى النبع والطمي يغطيه

وبالعودة إلى الدارس "إيهاب ريحان" تحدث عن مرحلة توظيف وجود النبع والمياه في الجوبة، فقال: «استفاد الناس قديماً من وفرة المياه عبر النبع بعملية ري المزروعات التي زرعوها في مرحلة من المراحل السابقة، حيث كان لهم خلال تلك المراحل الزراعية توظيف؛ خاصة من ناحية الحاجة إليها كاستعمال شخصي فقط أي مياه للشرب».

أما رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية لإنماء السياحة "أشواق حميشة"، فقالت: «بهذه المعلومات القيمة يمكن أن نكوّن حركة سياحية نشطة في موقع جوبة الدلبة، فكثيرون من المصطافين وهواة المسر الطبيعية تستهويهم الطبيعة البكر، وبذلك نكون وصلنا إلى تنمية سياحية مهمة، وذلك وفق نتائج تجربة زيارة الجوبة».