منذ ما يقارب الشهر وأكثر، والسيد "أحمد أبو عروس" مقيم في المنطقة الصناعية في "اللاذقية" يقضي سحابة نهاره وهو يتابع إصلاح و"قشط سكمانات" محرك "باص" النقل خاصته، وكلفه ذلك الكثير من الوقت والمال وتعب القلب.

هذه الرحلة اليومية يقطعها أصحاب سيارات الأجرة و"السرافيس" يومياً إلى تلك المنطقة شرقي "اللاذقية" بغاية إصلاح سياراتهم أو ترميمها وصيانتها من الأعطال التي تضيف الطرقات السيئة إليها يومياً عطلاً جديداً.

لا يوجد عمر أبدي لأي قطعة مهما بلغت من الإتقان والدقة، هناك دوماً عمر افتراضي لها، لذلك هناك صيانة وهناك قطع تبديلية دائماً، والإشكال الذي يواجه جميع أصحاب المهن قبل المستفيدين هو توافر هذه القطع سواء الأصلية منها أو البديلة أو المصنعة محلياً في ورشات الخراطة والكهرباء

ونظراً لهلاك سياراتهم المتواصل وتأثرها بالعمل الشاق، فهم الشريحة الأكثر تماساً مع مسألة قطع الغيار التي تكون شبه يومية، يقول "أبو عروس" في حديث مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 7 أيار 2015: «نحن أكثر من يعاني من هذه المشكلة، فنحن نحتاج باستمرار إلى قطع التبديل، وإن توافرت تكون غير أصلية أحياناً وأسعارها مرتفعة، مثلاً زمور السيارة الصغيرة أصبح سعره أكثر من ألفي ليرة سورية بينما كان قبل الأزمة شبه مجاني، وهذه قطعة غير متآكلة قياساً بقطع أخرى مثل المحرك و"البستونات والمراوح وقشاطاتها"، التي ارتفع سعرها ارتفاعاً جنونياً؛ فلا توجد رقابة وليس هناك من يحاسب هؤلاء؛ فالتسعير مزاجي ولا يستند إلى القيمة الحقيقة للقطعة».

السائق أحمد أبو عروس

يذكر السيد "فادي حوا" صاحب "سرفيس" على خط "سقوبين ـ اللاذقية"، كيف مثلاً كان يتم "استبدال طقم الدواليب بحدود 14 ألف ليرة سورية قبل الأزمة، في حين يكلف اليوم بحدود 38 ألف ليرة سورية، "وهو مبلغ ليس هيناً في ظل الظروف الراهنة، المشكلة الأكبر أن جميع التجار يتحدثون عن الدولار وأنه سبب الغلاء، ولكن رغم انخفاض سعره إلا أن الأسعار لا تلحقه انخفاضاً".

فيما سبق لعبت القطع التبديلية المصنوعة في "حلب" أم الصناعة السورية سابقاً دور القطع الأصلية، إلا أن الحال اليوم أصبح أكثر صعوبة في ظل توقف الكثير من المعامل هناك، يقول السيد "فادي حوا": «قبل وقت كانت أغلب القطع القادمة من "حلب" تكفي تماماً حاجتنا، فوق ذلك كانت أسعارها مقبولة وجودتها كذلك، وكان لدينا طيف استبدال واسع، أما اليوم فنحن محكومون بالقطع الصينية في أغلب الأحيان وهي ذات نوعية وجودة مختلفة، إن لم نقل سيئة، من هنا فقد زادت التكاليف كثيراً علينا ولم نعد قادرين على العمل بنفس المستويات السابقة صراحةً».

السائق فادي حوا

لا يتعلق الأمر بشريحة سائقي السيارات فقط، فهناك أدوات كهربائية وميكانيكية منزلية أو صناعية تحتاج دوماً إلى قطع غيار تنتهي صلاحيتها لهذا السبب أو ذاك، يقول الصناعي "أحمد دليواتي" صاحب محل في المنطقة الصناعية القديمة في "اللاذقية"؛ مختص بمرايا السيارات وزجاجها: «لا يوجد عمر أبدي لأي قطعة مهما بلغت من الإتقان والدقة، هناك دوماً عمر افتراضي لها، لذلك هناك صيانة وهناك قطع تبديلية دائماً، والإشكال الذي يواجه جميع أصحاب المهن قبل المستفيدين هو توافر هذه القطع سواء الأصلية منها أو البديلة أو المصنعة محلياً في ورشات الخراطة والكهرباء».

ليست هذه المشكلة بالأمر السهل في ظل الظروف السورية الراهنة، وتتفاقم أكثر في غياب البدائل التي يمكن أن تساهم ولو جزئياً في حل المشكلة، يضيف الصناعي "دليواتي": «كنا سابقاً نؤمن البدائل من "حلب" أو من "دمشق"، اليوم ليس هناك سوى القليل من مصادر القطع التبديلية، وأغلبها ليست أصلية، مع أنها غالية الثمن وذات جودة مشكوك في أمرها، باستثناء تلك القادمة من وكالات القطع التي بقيت في البلد، وما هو لدينا أغلبه قطع صينية المنشأ أو قادمة من جبل "علي" في "الإمارات العربية المتحدة"».

لا تلعب المناطق الصناعية وإداراتها أي دور في هذا الأمر نظراً لأنه من الصعب جداً حصر القطع الأكثر طلباً في السوق، إضافة إلى أن الأمر منوط بوكالات محددة ترفض تدخل أي شخص في سياساتها وفي أسعارها، كما أن تقلب أسعار الدولار وصرفه في السوق السورية أضاف بعداً جديداً إلى المشكلة.