قرية تمزج في طبيعتها بين تدرّج الجبال وانبساط السّهول، وفي أراضيها تمتدّ حقولُ الزّيتون واللّيمون راسمةً مشهدَاً جماليّاً يتميز بالخضرة الدّائمة.

مدوّنة وطن "eSyria" زارت قرية "بسوطر" في ريف "جبلة" الجنوبيّ الجبليّ بتاريخ 5 آذار 2014 والتقتْ مختارها السّيد "هاشم غطروف" الذي تحدّث عنها قائلاً: «ترتفع "بسوطر" عن سطح البحر نحو 200 متر، وتبعدُ عن مركز مدينة "جبلة" نحو 12 كيلومتراً، يحدّها من الشّرق قرية "بتمّانا"، ومن الغرب الطّريق العام القديم الواصل بين "اللاذقية" و"دمشق" وقرية "السّخّابة"، ومن الشّمال "جبل الأجرد" و"ساقية فصعو"، ومن الجنوب "نهر أبو بعرة" الذي يفصلها عن ناحية "القطيلبيّة"، وتمتدّ بشكلٍ طولانيٍّ من الغرب إلى الشّرق».

يحدثُ خلطٌ غالباً بين قرية "بسوطر" وقرية "بسطوير" الواقعتين على نفس الطّريق الجبليّ

وتابع: «هي حديثة العهد، وكانت في البدءِ مزرعةً تابعةً لقرية "السّخابة"، وقد تحوّلت إلى قريةٍ مستقلّة في العام 1999 عن طريق جهود الأستاذ المرحوم "وائل يوسف" والمُزارع "عيسى محمود عيسى"، ويسكنها العديد من العائلات منذ 100 سنة تقريباً، ومنهم: "آل عيد، وآل غطروف، وآل حسن، وآل مفلح، وآل معلا، وآل القبيلي، وآل طيبة، وآل حسن، وآل عبد الحميد، وآل عليا، وآل عيسى". ويبلغ عدد سكانّها نحو 1200 نسمة».

مختار "بسوطر" السيد "هاشم غطروف"

وأضاف: «تتبع إداريّاً إلى بلديّة "بتمّانا"، وتخترقها 6 شوارعَ مضاءةٍ ومعبّدةٍ، تنتشر على جانبيها البيوت الإسمنتيّة الحديثة، والمحلات التجاريّة، وقد وصلتها خدماتُ الهاتف ومياهُ "نهر السّن"، والكهرباء منذ ثمانينيات القرن الماضي».

وأنهى حديثه بالقول: «يحدثُ خلطٌ غالباً بين قرية "بسوطر" وقرية "بسطوير" الواقعتين على نفس الطّريق الجبليّ».

شارع رئيسي في القرية

تشكّل عادات القرية الماضية جزءاً مهمّاً من عادات القرية الآن وعن ذلكَ تحدّث المزارع "رضوان طيبة" قائلاً: «درَجتْ عادةُ جمعُ "الدّوّام" وهي ثمار "السّنديان" عند معظمِ أبناء القرية، ويتمّ شواؤها على مدفأةِ الشّتاء حيث شرب الشاي، وحيث يجتمع الجيرانُ للعب المنقلةِ أو طاولة الزّهر، وحيث أحاديث الذّكريات وغناء المواويل والأغاني الشّعبيّة».

وتابع: «تحتوي القرية على وادٍ صغير يُدعى وادي "عين النّهار"، وميزته أنّه كان تجمّعاً لينابيع القرية "عين الشُريشير، عين المطورزة، ونبع الشّاخ، ونبع الدّلبة" وهي صالحةٌ للشّرب، وكانت متنزّهاً مهمّاً لأهل القرية في الأعياد ومناسبات الفرح حيثُ الغناء العفويّ ومحاولة نيلِ استحسانِ الصّبايا من قبل الشّباب بإظهار القوّة والرّجولةِ عبر نقل المياه في جرارٍ كبيرة أو عبر حملِ "حجرة القبضاي" طمعاً في الزّواج من الصبيّة الجميلة».

وأضاف: «لقد كانت "البواطيس" الثلاثة الموجودة في القرية مجالاً لنفس المناسبات حيث قشر البرغل وكسر الزيتون، وحيث جلسات السّمر والمنافسة التي قد تستمرّ لشهر تقريباً وذلك قبل دخول القشّارة الآليّة إلى القرية».

وأنهى حديثه قائلاً: «انتقل أبناء القرية بشكلٍ تدريجي من عاداتهم العفويّة إلى زمن العلم والتكنولوجيا، ورغم ذلك لا تزال طقوسُ الفرح والحزن مسيطرةً على عادات التّواصل الاجتماعي دونَ تغيّرٍ حيث تنتقل من جيل إلى جيل لتعبّر عن تكاتف وتعاون الأسرِ في السّراء والضّراء».

لا توجد في "بسوطر" مدرسة، حيث يتعلّم أبناؤها في المدارس القريبة، وعن ذلك تحدّث الأستاذ "فؤاد غطروف" قائلاً: «معظم أبناء القرية درسوا المرحلة الابتدائيّة في مدرسة "بتمانّا"، ومدرسة "جسر السّخابة"، ودرسوا المرحلة الإعدادية سابقاً في مدرسة "القطيلبيّة"، وحالياً في إعداديّة "بتمانّا"، وبشكلٍ عام يتابعون دراستهم في ثانوية "البرجان" أو "القطيلبيّة" أو في مدارس "جبلة".

يبلغ عدد المتعلّمين في "بسوطر" أكثر من نصف عددِ سكّانها، ففيها الأطبّاء والمهندسون والمحامون والأساتذة والموظفون، وتحتوي القرية "روضة" تستقطبُ الأطفالَ الصّغار، وتمهّدهم للدّخول إلى المراحل التعليمية الأعلى في المدارس القريبة».

وأنهى حديثه قائلاً: «من الجدير ذكره على مستوى التعلّمِ الفطريّ هو ذكرُ الطّبيب الشّعبيّ الشّهير باسم "حسن القبيلي" الذي عالج معظم كسور عظام أبناء القرية وأبناء القرى المجاورة، والذي لا يزال بيته يشكّل صيدليّةً مهمّةً من صيدليّات الطّبيعة».

المُزارع "عبد الرّحمن مفلح" تحدّث عن الواقع الزراعي فيها قائلاً :«تتبع "بسوطر" إرشاديّاً إلى الوحدةِ الإرشاديّة في قرية "السّخّابة"، وتشتهرُ بزراعة "الزّيتون" بالدّرجة الأولى حيث تمتلك عشرات الآلاف من هذه الشّجرة، وفيها الكثير من مزارع "الليمون"، وقد حوّلَ مُزارعُها النّشيط بعضَ سفوح الجبال إلى مدرّجاتٍ لزراعةِ "الدّخان البلديّ"، وزراعةِ "البصل والخسّ والبقدونس والفجل والرّشاد".

ومن المعروف أنّ ثمار الزّيتون تُجنى ما بين منتصفِ أيلول إلى تشرين الثّاني حيث تتحوّل القرية إلى ورشات عملٍ تبدأ بالقطاف وتنتهي بعصر الزيتون؛ حيث يشكّل "زيت الخريج" داعماً اقتصاديّاً مهمّاً لأهلها».

تذكر المراجع التاريخية ومنها قاموس المطران "متّى روهم" الكلدانيّ أنّ معنى "بسوطر" هو "البيت ذو الطّير" حيث حرف الباء من كلمة "بيت" الآرامية، و"سو" تعني "ذو"، وكلمة "طير" هي نفسها كلمة الطّير العربيّة.