"أصارحكم بأنني كلما اقترب هذا المساء كنت أزداد غبطة وقلقاً، إنها الغبطة بهذه المودة وبهذا التقدير وإنه القلق من اشتباه التكريم بالوداع الأخير في ثقافتنا العربية المعاصرة حيث نصيب التكريم أدنى بكثير من نصيب النسيان والنكران",

بعض من كلمة وجهها الكاتب والناقد نبيل سليمان شاكراً مكرميه من حضور وأصدقاء في أمسية ستبقى دائماً في ذاكرته، فقد شهد مدرج دار الأسد للثقافة ندوة تكريمية نقدية لهذا الكاتب الكبير وذلك برعاية السيد رياض نعسان أغا وزير الثقافة ضمن تقاليد التكريم التي ترعاها الوزارة للمبدعين الأحياء والراحلين تقديراً لإبداعاتهم وإضاءة لمواقفهم الفكرية والإجتماعية والسياسية و الحضارية.

الندوة بدأت بكلمة ألقتها الأستاذة الألمانية (ادلير كاشتيلي) التي أعدت دراستها العليا عن روايات نبيل سليمان وهي حالياً أستاذة بجامعة بايروت فأشادت بصداقتها القديمة مع الكاتب التي تمتد لثلاثين عاماً خلت واعتزازها بهذه العلاقة مع مبدع يهتم بكرامة الإنسان وكرامة الشعوب كما عبرت عن استمتاعها الشديد بقراءة رواياته.

كلمة السيد وزير الثقافة

من رواياته الأولى التي تتحدث عن نكسة حزيران فحرب تشرين وصولاً لآخر ما كتب دالة إلى صفاته الشخصية الداعمة للكتاب الناشئين وتشجيعهم على المضي في عالم الأدب والفكر.

الأستاذ زهير جبور عضو اتحاد الكتاب العرب أشار في كلمته إلى قيمة سليمان الفكرية والنقدية والأدبية، ونتاجه الذي وصل إلى سبع وثلاثين عمل ما بين كتب نقدية و أدبية فدخل في تفاصيل المجتمع السوري وعبر عن هموم الناس وتطلعاتهم كما أشار إلى نشاطه الثقافي من خلال حضوره كافة الفعاليات على امتداد الوطن العربي.

كلمة المكرم الأديب نبيل سليمان

السيد وزير الثقافة أشار في كلمته إلى أن الإحتفاء بـ(نبيل سليمان) يأتي ضمن تطلع يهدف إلى تكريم المبدعين على امتداد الوطن موضحاً بأن الاسم يحمل من صفات صاحبه فنبيل سليمان نبيل بتعامله وإنسانيته، زارعاً الإبتسامة على وجه الحضور حين قال: حين قرأت أعمال سليمان النقدية لم أحبها لكنني عشقت رواياته، إنها مفارقة ألا تحب أعمال سليمان النقدية لكنه يملك من الصفات ما تجعلك تحبه شخصياً، إننا نكرم أديباً يستحق كل الإحترام والتقدير.

الكاتب والناقد نبيل سليمان الذي ألمت به في الآونة الأخيرة أزمة صحية عاصفة كما وصفها لم ينسى أن يوجه تحية إخلاص لأصدقاء الدرب حين ذكرهم بكلمات معبرة: تعلمون أن العنت والعسف هو ما جعل أبو حيان التوحيدي يصف الكتابة بحرفة الشؤم التي فيها ذهاب العمر والبصر، وتعلمون أن التوحيدي أحرق كتبه قبل ألف سنة بالتمام والكمال، كما أن أبا عمرو بن العلاء دفن كتبه في باطن الأرض وداود الطائي الملقب بتاج الأمة طرح كتبه في البحر، لن أتابع تعداد هؤلاء الأجداد الذين لم أرث منهم اليأس لكنهم علموني الكثير صغيراً وكبيراً مثلما علمني آخرون ولا يزالون أنحني لهم عرفاناً وإجلالاً، أهدي هذا التكريم إلى من هم أولى مني في هذه المدينة وأخص بالذكر بوعلي ياسين والياس مرقص وهاني الراهب.

بعد تقليد نبيل سليمان بدرع تكريمي من قبل السيد الوزير بدأت الجلسة الأولى لفعاليات الندوة النقدية لأعمال نبيل سليمان، فبدأها الأديب الدكتور سيد البحراوي من مصر قائلاً عن الأديب المكرم:" إن نبيل لا يتورع عن تجريب كل أشكال الكتابة الروائية من حيث الطول مثلاً: فلديه القصة القصيرة (جرماتي مثلاً)، والخماسية التي تتجاوز الألفي صفحة (مدارات الشرق)، ومن حيث التوجه الفني بين الواقعية والسيرة الذاتية وتيار الوعي والحلمية .. الخ، هل أستطيع أن أضيف على نبيل خاصية أخرى من خصائص النحل وهي أنه قادر على أن يقطف من كل بستان زهرة، ثم تلاه الدكتور عبدالله أبو هيف من سوريا الذي استعرض مجموعة من إصدارات متعددة لنقاد وباحثون عرب وأجانب تناولوا إبداعاته منهم محمد حسن عبدالله من مصر الذي تناول في بحثه الريف في روايات سليمان، أيضاً الألماني روبرت .ب.كامبل الذي تناول نبيل سليمان كأحد أعمدة الأدب العربي المعاصر، وفي المحور الثاني من الجلسة أوضح الدكتور سعد الدين كليب من سوريا كيفية توزع الإشتغال النقدي عند سليمان على ثلاثة حقول معرفية نقدية كبرى وهي النقد الأدبي-التنظير الأدبي-نقد النقد الأدبي وبأنه خصص لكل منها عدداً من الكتب والدراسات التي تجعله واحداً من أبرز المشتغلين في تلك الحقول مجتمعة في الربع الأخير من القرن العشرين في سورية.

مجموعة كبيرة من الأدباء والشعراء أصدقاء المكرم حضروا وصفقوا لمن عايشوا إبداعاته بكل أشكالها فخصنا بعض منهم برأيه عن هذا التكريم.

الكاتبة أنيسة عبود قالت لموقع elatakia: نبيل يستحق التكريم فهذا التاريخ الطويل من العمل يدل على روح منفتحة وإرادة تعشق التعب والتفكير وإتحاف القراء أتمنى له الصحة والعافية وبأن يكون تكريمه حافزاً لإنتاج مميز كعادته.

بدوره الكاتب أسامة الفروي قال لنا: لقد كتب نبيل عن الناس وهمومهم فحمل آلامهم ومتاعبهم معه ونثرها مع حبر قلمه لقد تألم معهم فكانت كلماته نابعة من أعماقه ورفعة إنسانيته التي عرف بها.

وجدير بالذكر أن نشاطات الندوات النقدية مستمرة ليوم 28/2 مع نقاد ومثقفين سيناقشون أعمال الكاتب والناقد الذي كرمته مدينته بعد أن كرم الأدب العربي بباقة من روايات تمتع الكثر من محبي الرواية العربية وكتب نقدية ستفيد الباحثين بشكل كبير في المستقبل.