من النادر أن تجد حيواناً في البيئة ليس له دور في صيانتها وحمايتها، والقنفذ واحد من أهم هذه الحيوانات الصغيرة التي يجب رعايتها، أو على الأقل عدم قتلها أو تسميمها.

إن الاعتقاد الشائع أن القنفذ حيوان يؤذي المزروعات والأشجار خاطئ تماماً، كما أنه صديق للإنسان على العموم ما لم يتعرض للخطر، حيث يوجد في الثقافة الشعبية الريفية معلومات خاطئة حول هذا الحيوان تحتاج إلى التصحيح.

يطلق المزارعون اسم "القنفذ" على حيوان "النيص" بينما يطلقون اسم "كبابة الشوك" على القنفذ، والفرق بين الحيوانين كبير وواضح في الشكل والسلوك والغذاء؛ على الرغم من أنهما من فصيلة القوارض، وكلاهما ليلي النشاط وتغطي الأشواك معظم جسميهما

إذا زار جوار بيتك أو حقلك قنفذ فاعلم أنه قضى على كثير من العناكب السامة والعقارب والجراد والثعابين الصغيرة، يقول في حديث مع مدونة وطن "eSyria" الدكتور البيطري "نزار سليمان" الاختصاصي في صحة الحيوان من قرية "جيبول"، بتاريخ 22 تموز 2015: «إن القنفذ حيوان من فصيلة الثدييات، يتغذى على العناكب السامة والعقارب والجراد والثعابين الصغيرة والحشرات بمختلف أنواعها، كما أنه حيوان قمامة ينبش الفضلات العضوية ويتغذى على معظمها؛ وهو بهذا السلوك ينظف جوار المنزل من الأوساخ والحشرات الضارة، إضافة إلى أنه كائن غير عدواني أبداً».

مأوى بسيط للقنفذ من جزع شجرة مجوف

يشير الدكتور "نزار" إلى وجود خطأ شائع في التفريق بين "القنفذ والنيص"، حيث يقول: «يطلق المزارعون اسم "القنفذ" على حيوان "النيص" بينما يطلقون اسم "كبابة الشوك" على القنفذ، والفرق بين الحيوانين كبير وواضح في الشكل والسلوك والغذاء؛ على الرغم من أنهما من فصيلة القوارض، وكلاهما ليلي النشاط وتغطي الأشواك معظم جسميهما».

ففي الشكل فـ"القنفذ" حيوان صغير طوله 30سم وسطياً، وزنه بحدود 1كغ، ورأسه صغير، أنفه طويل، أطرافه قصيرة، يغطي الشوك جسمه ما عدا الوجه والسطح السفلي للبطن وتتجه الأشواك عشوائياً؛ طول الشوكة 1سم. أما "النيص" فهو أكبر حجماً طوله 75سم، ووزنه 15كغ، رأسه كبير، أطرافه قوية مجهزة بمخالب لحفر التربة، تتجه الأشواك إلى الخلف وأشواك الذيل طويلة تصل إلى 20سم.

يعتمد القنفذ في غذائه على أغذية حيوانية المصدر

تتغذى القنافذ على الحيوانات كالحشرات أساساً لكنها أيضاً تأكل الزواحف والثعابين الصغيرة والثدييات الصغيرة والرخويات والديدان، تغطي الأشواك القصيرة جسم القنفذ ما عدا منطقة البطن، ويشير الدكتور "نزار" إلى أن "القنفذ" بطيء الحركة ولا يحفر في التربة، بينما "النيص" سريع ويحفر في التربة، وهي من النقاط التي يجب الانتباه إليها عند مواجهة أحد هذين الحيوانين.

أما "النيص" فيتغذى على النباتات بمختلف أنواعها، وقد يحفر الأرض بحثاً عن الدرنات والأبصال. كما يتغذى على ثمار البطيخ، ومختلف أنواع القرعيات، البطاطا، ثمار الطماطم، سوق الذرة، والأجزاء الطرية من نباتات الأشجار المختلفة.

د.نزار سليمان

أما الفرق سلوكياً بين الحيوانين، فهو كما يشير "سليمان": «أن "القنفذ" بطيء الحركة ولا يحفر في التربة، بينما "النيص" سريع الحركة ويحفر في التربة، ومن النقاط التي يجب الانتباه إليها عند مواجهة أحد هذين الحيوانين أنه عندما يتعرض القنفذ للخطورة يتكور على نفسه ليصبح كرة مشوكة، أما عندما يتعرض "النيص" للخطر يهرب عادةً، لكن إذا تمت محاصرته من قبل العدو تنتصب أشواكه ويصدر صوتاً شبيهاً بصوت الأفعى، وقد يستدير ويرجع إلى الوراء ليضرب العدو بأشواكه. أما الاعتقاد الشائع أن "النيص" يقذف الأشواك فهو خاطئ، لكن ارتباط الأشواك بجسمه ضعيف؛ وبالتالي عند الاحتكاك المباشر بينه وبين أعدائه تُنْتَزع الأشواك وتعلق بجسم العدو».

وينوه "سليمان": «إلى أنه من الممكن تربية القنفذ كحيوان أليف بجوار المنزل الريفي، وهو حيوان صامت لا يحتاج إلى أطعمة خاصة كالكلاب والقطط؛ إذ تكفيه فضلات المطبخ، ويمكن تجهيز مسكن بسيط له في مكان ظليل في زاوية الحديقة أو السور؛ وهو عبارة عن جزع شجرة مجوف يغطى بغطاء معدني مع ترك فتحة جانبية كي يدخل وينام نهاراً».

ويختتم الدكتور "سليمان": «إن وضع السموم بطريقة عشوائية في الحقول بقصد مكافحة بعض الكائنات تملك كثيراً من جوانب الخطورة؛ لكونها قد تقتل الكائنات بطريقة عشوائية.

حيث تبقى طريقة السياج بالشبك المعدني للمزروعات واستخدام الأعداء الحيوية أكثر الطرائق فعالية لوقاية المزروعات من الحيوانات الضارة».

يذكر "علي عيسى" من مزارعي قرية "السفرقية": «إن وجود القنفذ في المناطق الجبلية معروف للأغلبية ويتعرض أحياناً للصيد لمجرد الصيد، مع أنه كائن يهرب من الإنسان في أغلب الأوقات، ويضع أعشاشه في مناطق حجرية، إضافة إلى أن الأنثى تضع من ثلاثة إلى أربعة فراخ عادة ما بين شهري تموز وأيلول، ويحتفظ الخطاطون عادة ببعض الأشواك الطويلة من القنفذ؛ لأنها مناسبة جداً للكتابة بالحبر أكثر من القصب، وتحافظ على انسيابية الخط».