عندما كانت النمور منتشرة في جبال الساحل السوري بكثرة، تفترس قطعان الماعز التي يربيها أهالي "بطموش"، استطاعوا ابتكار وسائل لاصطيادها وحماية مواشيهم، ومنهم من واجهها وجهاً لوجه واستطاع التغلب عليها.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 كانون الثاني 2015، "محمد يوسف" مختار قرية "بطموش"، ويقول: «في مثل هذه الأيام منذ ثلاثة عقود من الزمن، واجه "أحمد عفوف" من أهالي القرية نمراً في البراري بمفرده، وتمكن من القضاء عليه مستخدماً السلاح الأبيض، وواجهه بشجاعة ومنعه من قتل قطيع الماعز الذي كان يرعاه».

في الوقت ذاته كان هناك الكثيرون من الأشخاص الشجعان الذين واجهوه في البراري وتمكنوا من قتله لحماية مواشيهم

ويضيف "يوسف": «خلال خروجه للرعي في أحد الأيام المشمسة، وتحديداً في الغابة الواقعة بين القرية ومنطقة الشيخ "غضبان"، سمع "أحمد عفوف" صوت ماعز تصرخ ألماً، فانتفض باتجاه الصوت ليعرف السبب فهو مؤتمنٌ عليها، وعندما وصل إليها وجدها بين فكي نمرٍ، فما كان منه إلا أن استل "كاسوحته" وضربه بها عدة ضربات فأرداه ميتاً».

الباحث إياد السليم

ويتابع "يوسف": «كان رجلاً شجاعاً، وعرف عنه رجولته وشهامته، وعلى الرغم من أنه كان مريضاً، إلا أنه كان يأبى الجلوس في منزله، ويخرج إلى المراعي كلما سنحت له الفرصة، آخذاً معه قطيعاً من مواشي القرية».

مدير مدرسة "بطموش" "علي صقر" يقول: «هذا الفعل كان محط إعجاب وتقدير أهل القرية الذين لولا شجاعة هذا الرجل في مواجه "النمر" لكانوا خسروا مواشيهم التي تعد مصدر دخلهم الوحيد، خصوصاً أن مواجهة النمر بواسطة السلاح الأبيض ليست بالأمر السهل؛ فهو من الحيوانات المفترسة والقوية جداً».

محمد يوسف مختار بطموش أثناء اللقاء

النمور كانت منتشرة بكثافة في تلك المنطقة ولطالما مارست دورها في اصطياد قطعان الماعز والبقر، هذا ما يؤكده الباحث البيئي "إياد السليم"، ويضيف: «كانت منطقة مستنقعات الغاب القريبة من "بطموش" المكان الذي يتجمع فيه أكبر عدد من النمور، وقد عرف عنهم أيضاً الاعتماد على اصطياد الخنازير وأكلها».

"السليم" بيّن أيضاً أن هذا "النمر" المذكور الذي من المفترض أنه من فصيلة "النمر السوري"، كان مسالماً لدرجة كبيرة مع الإنسان حيث عرف عنه أنه إذا ما صادف شخصاً في البرية ولو كان على مقربة عشرة أمتار منه فإنه لا يهاجمه ويقف جامداً يحدق بعيني الإنسان إلى أن يغير الإنسان نظره أو يغمض عينيه فيغادر المكان من دون ضجيج.

مواجهة النمور في الماضي لم تكن بهذه الطريقة المباشرة، وإنما كانت عن طريق الاحتيال على النمر وإيقاعه في المصيدة التي حدثنا عنها "معلا إبراهيم" قائلاً: «كنا نصطادهم بواسطة "النامورة" وهي مصيدة حجرية ضخمة، نضعها في المكان الذي تبيت فيه مواشينا حتى إذا ما هاجمها أو حاول الاعتداء عليها وقع في الفخ وتمكنّا من اصطياده، ومنعناه عن مواشينا».

إلا أن اللافت هو اصطياد "النمر" حياً بهذه الطريقة، وهذا ما كان يدفعهم لقتله بعد اصطياده مستخدمين البارود آنذاك، ويشير "إبراهيم" إلى أن قلة من كانوا يقتلون النمر بواسطة السلاح الأبيض نظراً لخطورته، ويضيف: «في الوقت ذاته كان هناك الكثيرون من الأشخاص الشجعان الذين واجهوه في البراري وتمكنوا من قتله لحماية مواشيهم».

يذكر أن النمر كان موجوداً في جبال الساحل السوري خلال السنوات السابقة ورصد آخر مرة قبل حوالي 12 سنة بقرب النهر الكبير الشمالي بحسب الباحث "السليم".