يعاند الإنسان في أغلب شخصيات رواياته الظروف الموضوعية التي تحدد أفكاره وطباعه.. وهذا العناد لا يحمل قوة الشخصية دائماً بل ينطوي على الضعف أيضاً، الذي لا يلبث الواجب العام أن يبث فيه ريح القوة والتصميم.

استمرت الندوة التكريمية للروائي نبيل سليمان في يومها الثاني، وتصدت الجلستان النقديتان إلى نبيل سليمان قاصاً وروائياً. شارك في الجلسة الأولى د.سعد البازعي من السعودية وتناول /ارتباك العيش في درج الليل – درج النهار/ فهذه الرواية تطرح جملة من القضايا على مستوى الثيمات والشكل وتقترح التوظيف الشكلي للدخول في المستوى الآخر.فالإقتباس في أول الرواية تضيء دلالات العنوان مثلما تعين على تبين بعض جوانب الثيمات التي يتناولها العمل. وفي المجمل فإن ما تطرحه الرواية هو صورة من مجتمع نخبوي تكنوقراطي يعيش حالة من الإرتباك الوجودي، أي المتصل بقيمة سلوكه مثلما هو متصل بالظروف التي تحيط به على المستويات كافة، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

بدوره قدم د.محمد صابر عبيد من العراق مجموعة من الإضاءات التي كشفت عن مفاصل القراءة لرواية " دلعون" بوصفها الرواية الأخيرة للمحتفى به وعرج فيها على التشكيل الإيروسي وحساسية التعبير السردي. "فدلعون" أتت بعد تجربة ثرة امتدت على مساحة زمنية اشتغل بها الروائي على عدة كتابات وتفنن بالتقانات الروائية الحرة والتي أعطته فرصة للكتابة كما يشاء. فتجربة سليمان أسهمت إسهاما فاعلاً في إنتاج الرواية المعاصرة ورواية "دلعون" مغامرة روائية شكلت موقعاً متميزاً في المدونة السردية العربية الحديثة.

مبيناً أن الفضاء العام والمهيمن على الرواية فضاء مقهور ومتوتر ينطوي على ضياع مأساوي عميق، ويحظى التشكل الإيروسي فيه بحضور طاغٍ وجوهري ومقصود، وهو في مضمونه الدفين تشكّل هارب يسعى إلى الانتصار على اللحظة السردية المشبعة بالقهر والتوتر وفقدان الأمل.

وتصدت د.زبيدة القاضي إلى رواية "مجاز العشق" ملتقى النصوص والفنون واعتبرت الرواية نص كرنفالي مشيرة إلى أن المواد غير الأدبية فيها انفتحت على جملة من الخطابات والنصوص غير الأدبية استعارها الكاتب من فضاءات مختلفة، واختزلتها في ثلاثة حقول( إعلامي، ثقافي،اجتماعي).. واستمدت الرواية حداثة كتابتها من التفجير المتعمد من قبل الروائي لأبنية اللغة وأنساق الأسلوب بغية اشتقاق لغة جديدة من اللغة ذاتها. ونحت أسلوب متميز من خلال تدميره أنساق الأسلوب التقليدي بتحويل التناسق إلى تفكك يصبح هو الآخر تناسقاً يطبع كلية النص، لا تجزئة ولا تفصيل وتأتي الكتابة وكأنها جملة واحدة متواصلة.

واتخذ د.وفيق سليطين رواية سليمان الأخيرة " دلعون" مادة لبناء "الذرى السردية في التأويل والتنازع الدلالي" فبدأ بتعريف مقترح للذروة السردية، يفرق فيه بينها وبين الحبكة ويميز بين أنواع الذرى السردية، المركزية منها والفرعية، على قاعدة الربط بالبنية والوظيفة من جهة وبإنتاج الدلالة الكلية من جهة أخرى.