استطاع مسرح الغرفة "الاستوديو" الجديد والناشئ حديثاً في جامعة "تشرين" أن يصل إلى قطاع واسع من المتلقين بجدارة؛ محققاً تواصلاً كبيراً عبر خشبة صغيرة وقريبة.

التجربة المسرحية الجديدة تمثلت بقيام مجموعة من شباب جامعة "تشرين" -على الرغم من الظروف الراهنة في عالم المسرح- بتأسيس مهرجان مسرحي لهذا النوع من المسرح غير المعروف في بلادنا، يتحدث المخرج المسرحي ومؤسس الفكرة "هاشم غزال" عن المسرح وتاريخه في حديث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 أيار 2016، فيقول: «ظهر مسرح الغرفة (وهو ما يسمى مسرح الاستوديو) أواخر القرن الماضي في الغرب، وكالعادة ما لبث أن انتقل إلينا عبر الدارسين في الخارج أو عبر المهرجانات والمشاركات العربية في تلك المهرجانات، أما عن عملي في المسرح، فكان بداية عام 1999، وعلاقتي الفنية مرتبطة بالشباب، والمشروع من البداية شخصي كبر ليصبح جماعياً، فروح الشباب هي الأهم في تطوير أي مشروع يراد له الاستمرار إلى أمد بعيد، وهنا يأتي دورنا لاستقطاب هذه الطاقات الشابة الملأى بالنشاط والمثابرة وتطوير ملكاتها الفنية، ووضع أقدام هؤلاء الشباب على بداية طريق إبداع يكفل وصولوهم إلى مرحلة يجدون أنفسهم نقطة مهمة على خارطة المسرح السوري».

بالنسبة إلى مسرح الشباب والمتمثل بالمسرح الجامعي، مسرح الشبيبة -كنت أقطن في "حمص" آنذاك- بدأت التجربة مع الممثل "حسين عباس" والمخرج "هاشم غزال"، و"فادي سلقو"، و"رجب سعيد" من عام 1985 وما بعد عام 1994، تبعتها فترة انقطاع لعدة سنوات ليعيد بعدها "هاشم غزال" الحياة إلى التجربة بإخراج عرض أول "من صنع الخمر"، وتوالت الأعمال بعدها وبدت تظهر الحاجة إلى ورشات عمل لإعداد الممثلين؛ وخاصة بعد زيادة عدد الشباب المقبلين بمحبة على الانخراط في المسرح الجامعي

ويتابع عن المسرح في البلاد العربية: «عرفت الشعوب العربية أنواعاً عدة للمسرح والنشاط المسرحي لقرون طويلة قبل منتصف القرن التاسع عشر، وكانت انعكاسات للحياة الاجتماعية والدينية لكنها لم تتطور لتصبح فناً مسرحياً، وكان هناك إشارات واضحة إلى أن العرب في العصر العباسي عرفوا نوعاً واحداً على الأقل من الأنواع المسرحية المعترف بها؛ وهو مسرح خيال الظل، وتوالت الأنواع المسرحية المتطورة على مرّ السنين والأفكار الجديدة، ومن أحدثها مسرح الغرفة؛ فقد لاقى قبولاً في جميع مسارح العالم من خلال حميمية طرحه وقربه من الجمهور».

هاشم غزال

أما فكرة مهرجان مسرح الاستوديو، فقد جاءت بعد مجموعة الورشات العملية التي أقامها المسرح الجامعي في جامعة "تشرين"، يذكر المخرج "قيس زريقة": «بالنسبة إلى مسرح الشباب والمتمثل بالمسرح الجامعي، مسرح الشبيبة -كنت أقطن في "حمص" آنذاك- بدأت التجربة مع الممثل "حسين عباس" والمخرج "هاشم غزال"، و"فادي سلقو"، و"رجب سعيد" من عام 1985 وما بعد عام 1994، تبعتها فترة انقطاع لعدة سنوات ليعيد بعدها "هاشم غزال" الحياة إلى التجربة بإخراج عرض أول "من صنع الخمر"، وتوالت الأعمال بعدها وبدت تظهر الحاجة إلى ورشات عمل لإعداد الممثلين؛ وخاصة بعد زيادة عدد الشباب المقبلين بمحبة على الانخراط في المسرح الجامعي».

توالت الورشات على مرّ الوقت واستقطاب الفنانين المهمين بالعمل على التمثيل والإخراج المسرحي والسينوغرافيا، فكانت البداية مع الراحل "نضال سيجري"؛ الذي استمر مع المسرح الجامعي حتى بعد نهاية ورشته؛ فتمثل وجوده بإخراج عروض للمسرح الجامعي الذي رأى فيه بنية أساسية من ممثلين ومخرجين وسينوغراف وفنيين.

قيس زريقة مع الراحل نضال سيجري

يضيف "قيس زريقة": «استمرت الورشات المسرحية لمسرح الاستوديو ولغيره من الأنواع مع "أمل عمران" والمخرج العراقي "قاسم مؤنس"، والتونسية "زهيرة بن عمار"، والمبدع "جهاد سعد"، ومخرجين من المغرب العربي، فكانت تجربة المسرح الجامعي غنية بتجارب محلية عربية، وكانت مشاركاتنا خارج "سورية" بمهرجانات عالمية وعربية في تونس والأردن والمغرب والجزائر ومصر، ونلنا أهم الجوائز عالمياً وعربياً، ومن هنا كان تميز مسرح الشباب، وبدأنا تجربتنا الخاصة بالعمل على مسرح الاستوديو؛ حيث تتاح الفرصة لكل الشباب ليقولوا كلمتهم، وبعد عدة تجارب بورشات خاصة بالنصوص أو الموسيقا والمونولوج والارتجال والرقص المسرحي؛ أسّسنا بنية متينة لمسرح الاستوديو تجلت في المهرجان المسرحي الأول عام 2016».

على مرّ عشرات الأعوام كان هناك تجارب كثيرة لشباب أتوا بملء شغفهم إلى مسرح الشباب؛ وهم من فئات عمرية صغيرة، وبتجارب أولى وبسيطة في المسرح استطاعوا خلق نمط مسرحي جميل من خلال هذا المسرح الصغير، وكانت الثناءات تهلّ على المبدعين منهم بجوائز وعروض إضافية.

من عرض للمسرح

فالشاب الجامعي والممثل المسرحي "عمار حسن"؛ وهو من المشاركين في تجربة عرض مسرح الغرفة الاستوديو، يتحدث عن مشاركته الأولى في عمل حمل اسم "سايكو"، وتجربته الجديدة في المسرح الجامعي: «الصعود إلى خشبة المسرح يضاهي صعود الروح إلى السماء وعودتها متى أردت. تجربتي كانت ملأى بالفائدة، وهي بحدّ ذاتها تجريب لشيء أحببته منذ زمن بعيد وتمنيت أن أكون فيه منذ الطفولة، لكن لم تسنح لي الفرصة من قبل، الإفادة التي حصلت عليها هي عملية أكثر منها أكاديمية؛ على الرغم من وجود أساتذة كبار أعطونا خبرتهم الأكاديمية بطريقة عملية بعيداً عن النظرية؛ فقد حاولوا أن يظهروا مكنونات أرواحنا وأنفسنا بكل عرض من العروض؛ سواء كان مونودراما أم عرضاً تشاركياً كبيراً، وأنا بعرض "سايكو" لم أتوقع أن أظهر أمام الجمهور؛ فهذا العمل لن ينسى بالنسبة لي؛ ليس لأنه أول عرض، بل لأنني قدّمته من روح "عمار" وتجربته؛ لذلك كان الأميز، هذا غير الخبرة المتبادلة التي نلتها من أصدقائي في الورشة؛ فهم وكما أقول: مونولوجي الدائم».

شباب كثيرون انطلقوا من خشبة المسرح الجامعي في "اللاذقية"، أصبح الإبداع مشروعهم المسرحي؛ توالت عروضهم ونشاطاتهم حتى تمثلت مؤخراً في مهرجان مسرح الاستوديو، هذا المسرح الذي أصبح غرفة تطل على عروض قادمة ستتوج هذا المسرح الصغير بأفكار الشباب وما تعلموه من تقنيات وخبرة مسرحية عملية.