في سجل المثابرين المجتهدين يبرز الدكتور "صفوان سلوم" شاعراً وجدانياً في قلوب قرّائه، ومدرّساً جامعياً في قسم اللغة العربية، جامعاً رقّة الشاعر وجبروت المعلّم، وموفقاً بين الرسالتين.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الدكتور "صفوان سلوم" بتاريخ 15 أيلول 2020 ليخبرنا عن بداياته فقال: «بدأ حبي للشعر مع الشاعر "سليمان العيسى" في المرحلة الابتدائية، إنّ أناشيده عزفٌ على أوتار القلب، كان الحب طفولياً جوهره الإعجاب ببساطة الكلمات وسحر موسيقاها، لم أكن أسعى لأكون شاعراً، الشعر ليس مهنة لكي تسعى إليه إنه يسعى إليك وحده.

لا مجال للمقارنة بينهما، فنظم الشعر حالة نفسية وحضور عقلي ينتج إبداعاً، أما تحضير المحاضرات فعملٌ أخلاقيٌّ وواجبٌ مهنّيٌّ

في المرحلتين الإعدادية والثانوية، كان حبي للشعر عادياً، ولكن دراستي في قسم اللغة العربية، جعلت الحب ينمو، والموهبة تتفتح، سنواتٌ أربع ثم سنواتٌ عشر في مرحلة الدراسات العليا، جعلت الشعر رفيقي الذي أخذ حقه ومستحقّه، وها أنا ذا اليوم أجد نفسي أضع خطواتي الأولى في ميدان الشعر، وأجتهد كي يكون لي اسمٌ في يوم من الأيام».

الدكتور صفوان من إحدى المحاضرات

وفي الحديث عن كون مهنة التدريس حلماً أو فرضاً، قال: «حصلت على الشهادة الثانوية بفرعها العلميّ، وقد وضعني معدّلي في قسم اللغة العربية، لم أكن راضياً في بداية الأمر، لكنّ مرور السنوات أكّد لي أنّ الخيرة فيما اختاره الله، ولو عادت عقارب الزمان إلى الوراء وخيرت بين الطب البشري والأدب العربي، لاخترت الأدب العربي بلا تردد، والآن أجدني مستمتعاً مع طلابي، أحبّهم وأبذل جهدي لتقديم الفائدة لهم».

وعمّن تأثّر بهم شعرياً، قال: «في البداية كان للشاعر "نزار قباني" الأثر الكبير في كتاباتي، وفي مرحلة الدراسة الجامعية أحببت الشاعر "محمود درويش" كثيراً، لكنّي طوّرت أدواتي الفنّية، وخرجت من جلباب الشعراء الكبار، وحاولت أن أخطّ طريقاً لي، له ماله وعليه ما عليه، المهمّ أنّه طريقي».

الشاعر والدكتور زكوان العبدو

وعن أعماله الشعرية، قال: «لديّ أربع مجموعات شعرية هي: "ما زال هواك يلاحقني، لأنك أنت أحبك أنت، سأبقى أحبك حتى احتراقي، أنسام"، ولديّ روايتان: "صرخات تبحر في المدى، وراقصون على أوتار الحياة".

وحصلت على شهادتي إيداع لمسلسلين دراميين الأوّل بعنوان "عين الزيتونة"، والثاني بعنوان "شكيب"، آمل أن يصوّرا في يومٍ من الأيام القريبة القادمة.

الطالب أحمد هولا

أما الجوائز فمعظمها شهادات تكريم من هنا وهناك، لا أحب المشاركة في الجوائز المحكّمة، لأن لكلٍّ منها شروطاً قد لا تكون مستساغة، مع احترامي لكثير من المحافل الأدبية، والجوائز التي تمنح من قبل بعض المؤسسات التي تحترم نفسها».

وعن سبب إكثار نظمه الشعر على البحرين (البسيط والكامل)، قال: «البحر مبنى ومعنى، وليس موسيقا فقط، فالبحر الكامل مثلاً يصلح لكلّ نوع من أنواع الشعر والبحر البسيط يصلح للرثاء والفخر والوصف، فهما بحران تختزن موسيقاهما كثيراً من المعاني، ولو عدنا إلى أجمل قصائد الشعر العربي عبر تاريخه لوجدناهما يتسيّدان المشهد الشعري، وأخص البحر البسيط الذي اقترن بروائع الشعر العربي، فمرثية "الخنساء" ورائعة "المتنبي" في بلاط "سيف الدولة"، وبائية "أبي تمام" وغيرها، كلّها قصائد مكتوبة على البحر البسيط».

وعند السؤال عن الأكثر قرباً لقلبه بين نظم الشعر وتحضير المحاضرات، قال: «لا مجال للمقارنة بينهما، فنظم الشعر حالة نفسية وحضور عقلي ينتج إبداعاً، أما تحضير المحاضرات فعملٌ أخلاقيٌّ وواجبٌ مهنّيٌّ».

وعن مسؤولية الدكتور المحاضر "صفوان سلوم" في جامعة "تشرين" ومسؤولية الدكتور الشاعر "صفوان سلوم"، أخبرنا: «المسؤولية واحدة وهي جعل الطلاب يستمتعون بدراسة اللغة العربية وآدابها، ويفيدون من اختصاصهم، ويدركون أن مجال عملهم لا يقل أهمية عن غيره من الاختصاصات، فهو اختصاص يجمع المتعة والفائدة معاً، أحاول أن أكون أكاديمياً ناجحاً، وما زلت أسعى إلى تحقيق هذا الهدف، أما الشعر فميدانه واسع وطريقه وعرةٌ وغاياته بعيدةٌ، آمل أن أكون شاعراً يُدرَّس، وتبقى قصائدي مدّة طويلة تتناقلها الألسن، إنّه حلم بعيد وقد يكون بعيداً جداً، لكنّه حلمي وسأقاتل حتى أرتقي صهوته».

ويقول الدكتور "زكوان العبدو" عن زميله الدكتور "صفوان سلوم": «الدكتور "صفوان" شاعرٌ وجدانيٌّ بامتياز، فصورته الشعرية تتنامى في عوالم الشعور مؤججةً روح الحب والوجد والاشتياق، لتعكس قوةَ لغته، قوةَ عاطفته المحترقة بنار الشعر، مضيئةً "أنسام" الهوى بين حبيبةٍ تعد معشوقها بأنها ستبقى تحبه حتى احتراقها، وعاشقٍ يتعلق بمنازل القلوب.

إلى جانب شعريته الفذة، نجده حاضراً في عالم الرواية عبر روايتيه: "صرخات تعبر المدى"، و"راقصون على أوتار الحياة"، اللتان يكشف فيهما هشاشة العالم، مركزاً على أزمة الإنسان العربي في المجتمع الغربي، راصداً بثقافته الواسعة تفاصيل هذا المجتمع المكتظ بالعلاقات المضطربة.

من الطبيعي ألا يتسع المقام، هنا، لسرد جماليات عالميه الشعري والروائي، إنما حسبنا أن نسلط الضوء على تجربة الدكتور "صفوان سلوم" المتدفقة العطاء في رحلته الإبداعية الجديرة بالاهتمام والدراسة».

ويقول الطالب "أحمد هولا": «الدكتور "صفوان" يكرس رقة شعره في أثناء إعطاء محاضراته، فشخصية المدرس لديه متأثرة بشخصية الشاعر، فتغدو المحاضرة التي يلقيها غاية في المتعة، وتصل المادة العلمية إلينا بسلاسة، عصية على النسيان، نحب محاضراته وننتظرها أسبوعياً، لما فيها من غنى ثقافي وشعري فهو يلقي على أسماعنا بعض أشعاره في نهاية كل محاضرة».

الجدير ذكره أنّ الدكتور "صفوان سلوم" من مواليد مدينة "اللاذقية" عام 1977.