في غرفةٍ حوّلها إلى معملٍ قضى "فؤاد عدره" ستون عاماً في صناعة شمع الشعانين والعمادة والتبريك يدوياً، فأبدع أشكالاً وتصاميم بدقة عالية انعكست في أعماله.

في حديثه مع مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 نيسان 2016، يقول "فؤاد عدره": «صناعة الشمع مهنة توارثتها العائلة، وأنا كنت أساعد والدي لأنني أحببت هذا العمل منذ التاسعة من عمري، حتى غدا شغفي بها عاملاً لإبداع تصاميم فنية جميلة وأصبحت أشبه بهواية، مستخدماً في بعض الأحيان قوالب جاهزة مثل: (السفينة، تمثال السيدة، الأرزة، الفانوس)، أو بعض الأشكال التي تصنع باليد ولا تحتاج إلى قوالب كمجسم الزنبقة، حيث أشكّل أوراقها باليد ثم أقوم بإدخال قضيب الشمع ذي اللون الأخضر والخيط الأصفر في قلب الزنبقة».

شموع "فؤاد" مميزة بأشكالها المختلفة ودقة صنعها ومتانتها، إضافة إلى أنه صنع شموعاً طولانية يصل طول بعضها إلى متر حسب الطلب، ويزداد الطلب عليها بوجه خاص في أيام الشعنينة، أما شموع العمادة فكان الطلب عليها دائماً

يستورد الشمع الخام (البارافين) من "الصين" و"العراق" وينتج في "مصر" و"ألمانيا" و"إيران"، أمّا الشمع الذي يدخل في صناعته شمع العسل (الشمع الديكاري) فقد خُصص للمطران يستخدمه عندما يبارك الشعب، ويتم استيراده حالياً من "اليونان" بعد توقف "عدره" عن صناعته.

فؤاد عدره بالأبيض والأسود

أمّا عن طريقة التصنيع، فهي كما يقول: «تقوم على إذابة الشمع الخام في الحلّة النحاسية على النار، وإضافة الألوان وتحديداً شمع العمادة الذي يتميز بألوان مختلفة، وهي صباغ (بودرة) خاص بالشمع مستورد نحصل عليه من "سوق البزورية" في "دمشق"، ثم نضع الخيوط في القوالب ونسكب عليها الشمع، عندما يعطي القليل من الثخانة سيتجمد فنسكب ما بقي منه ونضع القالب المعدني الذي يحوي الشمع في الماء، وبالنسبة إلى مجسم السفينة أشكّل الشراع عبر وضع خشبة مثلثة الشكل على صفيحة معدنية وأسكب الشمع وأتركه حتى يتجمد، ثم أقوم بتثبيته في جسم السفينة».

أمّا القوالب الطولانية فيقوم "عدره" بتثبيت الخيط بواسطة قطعة معجون وقضيب معدني، ثم يسكب الشمع في القوالب بعد أن تتجمد القوالب يرتبها على الأرض كي تجف ويتركها لمدة تتفاوت من نوع إلى آخر بحسب ثخانة الشمع من ربع حتى نصف ساعة، لكن استخدام الماء البارد يسرع تجميد الشمع، كما يساعد وضع الزيت (أي زيت نباتي) بواسطة فرشاة على سهولة نزع الشمع من القالب، كما يستعين بعصا حديدية كي يغمس القوالب الطولانية في الماء؛ وهذه القوالب فيها 6 قضبان حديدية.

جرجي نعوس

ترك "فؤاد عدره" معمله الصغير المكون من غرفة واحدة إلى جانب سينما الأهرام عام 1984، وسافر إلى "اليونان" و"أميركا"، وعن بداية عمله هناك يضيف: «كنت في "أميركا" في الكنيسة، وبعد أن انتهت الصلاة جمعت ما تبقى من شمع ذائب من باب التسلية وملء وقتي فلم أكن أعمل في حينها، وقمت بقص الفتائل المحترقة وطلبت من قريبة لي وعاء معدني وأعطتني صنارة صوف ثم أذبت الشمع وبدأت سكبه رويداً رويداً، فصنعت شمعتين كل واحدة بطول 30سم، ووضعت عليهما "جدلتين"؛ و"الجدلة" لينة أقوم بلفها على قالب الشمعة، ثم أنقش عليها بواسطة ملقط معدني، وقدمتهما إلى قريبتي فقامت ببيعهما بمبلغ 12 دولاراً لصديقة أميركية، وبعد ذلك أعطتني الكنيسة غرفة وبدأت صنع الشمع هناك وتهافت الناس في "المكسيك" لشراء هذه الشموع، وحقق عملي نجاحاً هناك، لكنني لم أستطع البقاء كثيراً فأعادتني عاطفتي إلى "سورية"».

منتجات "عدره" الشمعية بقيت توزّع في أسواق "اللاذقية" على متجر "حبيب طويل" وأخيه "حنا" ومتجر "نعوس" و"نصور"، وعن هذه الشموع يقول "جرجي نعوس": «شموع "فؤاد" مميزة بأشكالها المختلفة ودقة صنعها ومتانتها، إضافة إلى أنه صنع شموعاً طولانية يصل طول بعضها إلى متر حسب الطلب، ويزداد الطلب عليها بوجه خاص في أيام الشعنينة، أما شموع العمادة فكان الطلب عليها دائماً».

من نماذج العمل

يذكر أن "فؤاد عدره" من مواليد "اللاذقية" عام 1944، وقد توقف عن العمل منذ عام فقط؛ بسبب التقدم في العمر وصعوبة التجوال في الأسواق والوصول إلى التجار.