رجل خبرة، واستشاري يستعين به معظم أصحاب المبادرات في محيطه، له حضور اجتماعي ودور تدريبي في تعليم أجيال كثيرة مرت على "اللاذقية"،فهو يؤمن بالعطاء المجاني وتأثيره على القلوب.

تقول "رشا الصايغ" لمدونة وطن "eSyria" وهي ناشطة مجتمعية: «لقد انتزع "سمير صدقني" لقب الأخ انتزاعاً، وفرضه على الكبار والصغار، من خلال الصفات التي يمتلكها وأسلوب تعامله مع مختلف الشرائح العمرية والفكرية في مختلف ميادين العمل التي أشرف عليها».

عندما كبرت أدركت صعوبة ما كان يقوم به، حقاً إنها مهمة شاقة

ولد "سمير صدقني" في "اللاذقية" منتصف القرن الماضي، وانتسب صغيراً إلى مدارس الأحد الأرثوذكسية؛ حيث تعلم فيها على أيدي قادة ومرشدين يصفهم بالكبار، ويقول: «لقد آمنوا بالعطاء المجاني وزرعوه في قلوبنا».

سمير صدقني في زي الكشاف

ويضيف "صدقني" خلال حديثه لمدونة وطن eSyria في 27 أيار 2015: «في تلك المرحلة الصغيرة من العمر عرفت أن الأرض خصبة والعمال قليلون، وأن المجتمع غني بالثقافات والمعارف، وأن الظروف والحاجات مختلفة وعلي أن أحدد دوري في هذا المجتمع وأسعى لخدمته، فكانت البداية».

بدأت رحلة "صدقني" لكنها لا تنتهي إلا بقدوم الأجل، فالقائد الكشفي ينظر إلى نفسه على أنه ناقل شعلة، وينظر إلى الحياة حسب تعبيره من منظور المقولة: «كلما كثر الذين يقتدون بك ويعدّونك مثلهم، كان لحياتك بصمة عسى تكون خيراً ونوراً في مسيرة حياة».

في مكتبه

لعب "صدقني" دوراً مهماً على صعيد التدريب، وتسنى له تدريب الآلاف من الشبيبة والكشاف، وقد بقي قريباً من الشباب على الرغم من فوارق السن بينهم، وكان مقرباً منهم حتى إن بعضهم باتوا ينظرون إليه كقائد كشفي وصديق، يقول معلقاً: «تعلمت من القائد الكشفي المؤسس "علي بك الدندشي" أنه "إذا أردت أن تبقى شاباً، عليك أن تبقى بين الشباب"، وبالنسبة لي الروح المتوافرة روح شباب عامرة بالنشاط، وطالما الجسد يتحرك فالرسالة مستمرة، بعدها أتفرغ لتسطير ما خبرته في كتاب».

المدرب مازال ينظر إلى نفسه على أنه متدرب، ويقول إنه ينهل بشغف وحرص واهتمام بالغ على الرغم من السنين والخبرة، ولا يستهين أو يسترخص بأي معلومة أو خبرة صالحة، وفي نفس الوقت يعمل خادماً محباً مطيعاً لكل معلم علّمه حرفاً صالحاً.

خلال التدريب

يسعى "صدقني" إلى ترسيخ القواعد الأخلاقية خلال عمله، ويضيف: «خلال سنوات عملي الماضية حرصت دوماً على معرفة احتياجات الجيل (بالتعاون مع أقراني عمال الخدمة العامة)، وتطوير المهارات الخاصة في فنون التعامل وفنون استخدام هذه الوسائل حتى يربط القول بالفعل، فإيماني مطلق بأن الفتى يتعلم مما يراك تفعله، وليس مما يسمعك تقوله».

أصعب محطة مرّ بها "صدقني" كانت عقب وفاة زوجته تاركة له ولدين، وهو ما دفعه ليؤدي دور الأب والأم في نفس الوقت، وقد اكتشف حسب تعبيره وجود رجل وامرأة بداخل كل إنسان، وأضاف: «عشر سنوات وأنا ألعب دور الأب والأم، كان علي في لحظة حساسة جداً أن أتقن فنون الأمومة، وأستيقظ في الصباح الباكر لأحضر الأولاد للمدرسة وأغسل ثيابهم وأكويها وأجعلهم مرتبين لا يشعرون بأي نقص أمام زملائهم، هنا يتجلى دور القائد في التعلم والاكتساب والتعليم».

"سليم" وهو الابن الأكبر للأخ "سمير" يرى أن والده استطاع أن يكون أباً وأماً ومعلماً في آن معاً، ويضيف: «عندما كبرت أدركت صعوبة ما كان يقوم به، حقاً إنها مهمة شاقة».

يتولى "أبو سليم" إلى الآن قيادة فوج كشفي في محافظة "اللاذقية"، وهو يرى أن الكشاف حياة تعاش ويخدم الكشفي فيها وطنه وذاته والناس، ويضيف: «تعلمت مهارات كثيرة في الكشاف، منها: (التعلم بالممارسة، حياة الخلاء، نظام المجموعات، دعم الراشدين......إلخ)، ومن خلال موقعي كان من مسؤوليتي نقل هذه الروح لإخوتي الكشافة وتعميق أصولها والحرص على نقائها من العابرين العابثين، فالجميل في الكشافة أنها حركة دائمة التطوير للصغير والكبير بتشويق وتنويع وترغيب».

تقول الكشفية "نور مطرجي" وهي من المتدربين على يديه: «أسلوبه التدريبي متميز، يبدع في جذب المتدرب ومنع الملل من التسلل إليه، يمتاز بألعاب التنشيط أثناء الدورات التي يتصدى لها، لديه مخزون معرفي وتجريبي كبير، يمكنني القول إنه مدرب ومنفذ لا يقع في فخ التنظير، شخصياً علمني كيف أكون مدربة، وكيف أكون قوية أيضاً».

خلال الأزمة السورية وظف الكشفي "صدقني" خبرته في خدمة المجتمع المحلي، وهو الآن متطوع يشرف على مبادرات تعليمية ويعمل على بناء قدرات الشباب في المجتمع المحلي؛ وذلك من خلال دائرة العلاقات المسكونية والتنمية التي يعمل كمتطوع فيها، ويقول "صدقني": «وضعت كل معرفتي في خدمة المجتمع الأهلي بكل ألوانه، وأضفت إليها ما تعلمته في دورات متطورة خضتها خصوصاً من أجل تطوير معرفتي للارتقاء بعملي التطوعي (إدارة المخاطر، الإسعاف النفسي، التواصل اللا عنفي، الإسعاف الأولي، مدرب إسفير، التواصل، التوصيف الوظيفي....)».

المفوض الكشفي "نزار هارون" عايش "صدقني" نصف قرن من الزمن، يقول "هارون": «"سمير" هو المواطن الصالح الذي تتمنى الحركة الكشفية أن يصبح كل المواطنين مثله، يساهم في تنمية وخدمة المجتمع من خلال دعمه للأجيال والقيادات الأدنى، خلال سنوات عمله امتلك خبرة كبيرة كمدرب، وبات اليوم من أهم المدربين في محافظة "اللاذقية"، لديه طريقة ناجعة في التدريب بمختلف المناهج سواء الكشفية منها أم غير الكشفية، فهو يمنع الملل من التسلل إلى درسه، وكلما ازداد تقدماً في السن ازداد شباباً، خدمته مرونته في التعلم والتعليم، فهو يؤمن بتغير الأزمان، ومن وجهة نظري إنه شخص لا يشيخ وإنما يبقى شاباً».