مسألة الوطن كانت دائماً معادلةً صعبة بالنسبة له، هي خرق للأشياء المعهودة، فكيف ينتمي لأحدهما دون أن يتخلى عن الآخر؟.

لقاء الدكتور "قاسو" كان لقاء ذا خصوصية مميزة، لرجل سوري برع بأحدث ما يشغل العصر اليوم، التكنلوجيا والتقانة والبرمجيات والأنظمة الحاسوبية وسواها، عمل في أهم الشركات العالمية، ومازال إلى اليوم يتمنى أن يعود إلى الوطن سورية ويفيد وطنه بعلمه ومعرفته التي اكتسبها من أهم الجامعات والخبرات العالمية.

موقع eLatakia التقى الدكتور "قاسو" في حوار مطول وموسع، وكان التالي:

الدكتور أحمد مع والده في معرض في ألمانيا

  • حدثنا عن اختصاصك الذي تعمل فيه اليوم، ومدى تقبل هذا الاختصاص في بلاد الاغتراب حيث أنت؟
  • ** بدأت تخصصي بأمن المعلومات في شبكات الكمبيوتر، الذي تحول مع طبيعة العمل إلى الاهتمام بالاختراعات ودراسة منهجيات التطوير التقني لتضم عدا المعلوماتية مجالات العلوم التطبيقية والهندسات، عملت في خدمة شركات ذات اسم عالمي ببراءات اختراع ودراسات استشارية، حتى وصلت مؤخرا إلى اختصاص مراقبة الجودة في مشاريع التحديث.

    مع ولده الصغير ماجد

    طبيعة أيامنا هذه، أن البلدان المتقدمة علميا واقتصاديا تعتمد على دراسة المعلومة المعقدة (هندسة الكمبيوتر) وتطبيقات الفكرة النوعية (التطوير المنهجي) وسمات العولمة (على شكل مشاريع)، وبلاد كلها شباب كسورية بأمس الحاجة للدخول إلى هذا العالم الذي ما يزال جديدا، حتى لا تسمح للآخرين بالتلاعب بمستقبلها بسهولة هذا الأمر متاح إن وجدت الرغبة بعد أن لمسنا الحاجة.

  • ما الرسالة التي تحب ان توجهها الآن إلى بلدك وأهل بلدك؟
  • الدكتور أحمد رمزي قاسو

    ** أنا أؤمن بالإنسان، بفطرته على حبه للخير، وأدرك أن تجربة ومعرفة كل منا بالحياة هي سبب تنوع غاياتنا ووسائلنا، لذا أحترمها وأتفهمها مهما حملت من تناقضات أتمنى لنا جميعا القدرة على الإيمان بسورية، بتراثها وأناسها.

  • حدثني عن يومك في بلاد الاغتراب، كيف تقضيه، وهل لديك اسرة، كيف تعيش معها، كيف تتعاملوا فيما بينكم؟
  • ** عملي يومي في الشركة، حيث أقوم بتقديم دراسات استشارية وابتداع أفكار وحلول، ما يتطلب مناخا خاصا يختلف عن الآخرين تقدمه لي الشركة هذا المناخ يمنحني القدرة على تنوع الأعمال والتخطيط الذاتي للوقت والواجبات.

    أنا متزوج وعندي ولد عمره 7 سنوات. زوجتي من روسيا ولها اختصاص تقني وهي تساعدني أحيانا في أشغالي ونتشارك معا نعمة التنقل بين البلدان، التي لا أتمنى أن تدوم إلى الأبد، فالسفر والتأقلم يرهق النفس كثيرا، عدا ذلك فتربية الأولاد تحتاج لاستقرار كما أريد لهم ثقافة مزدوجة شبيهة لما حصل معي، لأني أجدها أكثر مرونة في الحياة، على الرغم من أن توفيرها ورعايتها يتطلب جهدا أكبر.

  • حدثني عن اجمل ذكرياتك التي عشتها في سورية؟
  • ** أجمل ذكرياتي ترتبط بأصدقاء المدرسة والأقرباء والهوايات، اليوم أنا متأثر بما تلقفته من أناس علموني رؤية الحياة والإيمان، ذكرياتي الجميلة تختلط فيها أحداث كثيرة أستذكرها وكأنها حصلت البارحة، فالماضي بالنسبة لي له أهمية الحاضر والمستقبل، لا أنساه ولا أخشاه ان شاء الله، أفتقد سورية لأن بها ناس غالين على القلب، بعيدين عن العين، أحببت جوها وشمسها وحرارتها، فواكهها وخضارها، بيوت الله فيها أجمل البيوت وأقرب إلى نفسي عفوية الناس فريدة من نوعها، ما يؤثر بي اليوم هو وضوح الرؤية بعد طول غياب، عندما يصطدم أحدنا بواقع مجتمعات مختلفة، فإنه يرى ما لا يقدر أهلها على رؤيته وهم من بأمس الحاجة لرؤية كهذه، لهذا السبب على الأقل أجد أن دور البعيدين عن أوطانهم عظيم ويجب عدم الاستخفاف به، وهناك الملايين ممن رحلوا أو ينوون الهجرة مبتغين حياة أفضل.