هو سفرٌ يضاف الى أسفار الإبداع في العالم، ومثال عن السوريّ الذي طاف البلدان باحثاً عن الحكمة، فوجدها تكمن عنده، إنه العالم والمعلم "فرفيريوس".

مدوّنةُ وطن "eSyria" وفي استكمال مهمتها الوطنية في توثيق الإبداع والمبدعين السوريين، التقت بتاريخ 10 أيار 2020 الباحث "سياب عبد الحميد" المهتم بالشأن التاريخي وخريج كلية المعلومات والمكتبات ليحدثنا عن الفيلسوف "فرفيريوس" فقال: «هو أيقونة من أيقونات الفلسفة في العالم، هو ابن الحضارة الفينيقية التي أسست المعرفة والحكمة ونقلتها إلى العالم، وأحد أسباب تطور الفكر الفلسفي في العالم وعند العرب، بسبب فكره التنويري التطويري للعلوم الفلسفية وهو الذي لم يقف أمام القوالب الجامدة التي سادت الفكر الفلسفي ردحاً من الزمن.

تبقى الأخبار عن حياة الفيلسوف "فرفريوس" الشخصية شحيحة جداً، ولم تذكر سوى أنه تزوج من أرملة كانت تلميذته ولديها سبعة أولاد تدعى "مارسلا"، وقد كانت متحمسة لدراسة فكر "أفلوطين" وساعدت زوجها في أبحاثه، كما اختلف المؤرخون في تاريخ وفاته، فمنهم من ذكر عام 305 م ومنهم من قال 309م، ومنهم من ذكر أنه توفي فبل بلوغ القرن الرابع الميلادي

ولد "فرفيروس" كما تقول الكتب على الساحل السوري، وقيل إنه ولد في مدينة "صور" في الفترة ما بين 233-305 ميلادي، وهناك نهل من معين لا ينضب من المعرفة والحكمة، ثم ما لبث أن شد رحاله إلى"أثينا" وطن الحكمة آنذاك، ورغم انتمائه إلى الحضارة الفينيقية، إلا أن تأثره بالفكر الفلسفي والهلنستي اليوناني كان كبيراً، وبات من معلميه، فقد درس الفلسفة بادئ الأمر على يد الفيلسوف الحمصي الشهير "كاسيوس لونكنس" الذي كان من أشهر المعلمين في "أثينا" ذاك الوقت، ويقال إن "لونكنس" هو من أطلق عليه لقب "فرفريوس" والتي تعني (الرداء الأرجواني) نظراً لسحنته الأرجوانية»..

من التاريخ

ويتابع: «تلقى "فرفريوس" من الأستاذ "لونكنس" دروساً في قواعد اللغة وفي الخطابة، وهذه الدروس ستلعب لاحقاً دوراً فاعلاً في تطوير أدواته النقدية وأساليبه، خصوصاً في نقد الفكر الديني، ثم قرر "فرفريوس" الرحيل إلى "روما"، متطلعاً إلى لقاء الفيلسوف "أفلوطين" (204- 270 م) الذي ذاعت سمعته في دوائر الفكر الفلسفي في عالم الثقافة الهيلينستية يومذاك.

لقد رهن "فرفريوس" حياته بعد لقائه "أفلوطين"، على دراسة الأسس الفلسفية للمشروع الأفلاطوني المحدث، وخصص ست سنوات لدارسة هذا المشروع، على يد "أفلوطين" والمحاضرات الشفهية للمؤسس الروحي للمشروع الأفلاطوني المحدث "أمنيوس ساكس"، ثم رحل إلى "صقلية" للاستشفاء نظراً للجهد الذي بذله في الدراسة، وعاش فيها عدة سنوات، لكنه عاد إلى "روما" بعد وفاة معلمه "أفلوطين" وأخذ يدرّس الفلسفة ويجمع رسائل ومحاضرات معلمه "أفلوطين"، ومن ثم كتب "فرفريوس" مؤلفه المهم والمتفرد في تاريخ علم المنطق، والمعنون "الإيساغوجي" والذي يعد من أفضل مساهماته في مضمار الفلسفة.

سياب عبد الحميد

ترك كتاب "فرفريوس" "الإيساغوجي" آثاراً عميقة على صفحات تطور الفكر المنطقي في غرب "أوروبا" وشرق العالم الإسلامي على حد سواء، والذي مزج بين منطق "أرسطو" والتعاليم الأفلاطونية المحدثة، ويعود الفضل في ترجمة كتاب "الإيساغوجي" إلى اللغة العربية للعالم "ابن المقفع" صاحب كتاب "دليلة ودمنة" الذي نقله من اللغة الفارسية وليس من اللغة اليونانية، وقد ساهم هذا الكتاب في تطور الفكر الفلسفي عند العرب، وقد كتب "فرفريوس" مجموعة كتب في تاريخ الفلسفة، وفي حياة بعض الفلاسفة، فمثلاً كتب عن حياة أستاذه "أفلوطين"، وله كتاب بعنوان "أخبار الفلاسفة" والذي توقف فيه عند "أفلاطون" (429- 347 ق.م)، ثم ألف كتاباً عنوانه "حياة فيثاغورس"، قدم فيه تعريفاً عن "فيثاغورس" وشروحاً عن الفلسفة الفيثاغورسية، كما ألف كتباً في نقد الخطاب الديني للديانات اليهودية والمسيحية والزرادشتية.

ويبقى "فرفيريوس" عالماً جليلاً أثرى الفكر والحياة الفلسفية في العالم والذي ينتمي إلى "سورية" الكبرى أرض الحضارة والعلم».

أما الباحث والصحفي "سائد الخالد " فيقول: «تبقى الأخبار عن حياة الفيلسوف "فرفريوس" الشخصية شحيحة جداً، ولم تذكر سوى أنه تزوج من أرملة كانت تلميذته ولديها سبعة أولاد تدعى "مارسلا"، وقد كانت متحمسة لدراسة فكر "أفلوطين" وساعدت زوجها في أبحاثه، كما اختلف المؤرخون في تاريخ وفاته، فمنهم من ذكر عام 305 م ومنهم من قال 309م، ومنهم من ذكر أنه توفي فبل بلوغ القرن الرابع الميلادي».