أبدع النحات "نضال الشيخ علي" في نحت الحديد منذ خمس سنوات، توجت بعشرين مجسّماً ثلاثي الأبعاد بأشكال وأفكار مختلفة، فاتسمت أعماله بالتميز والإبداع؛ ليخطو في عمل منفرد ليفتح آفاقاً جديدة في نحت الحديد يضاهي باقي الفنون الحديثة.

مدونة وطن "eSyria" التقت النحات "نضال الشيخ علي" بتاريخ 30 أيلول 2014، ليحدثنا عن بداياته بالقول: «تخرّجت في كلية الآداب في جامعة تشرين، ثم اتجهت إلى ميدان العمل في الديكور، من تصميم أثاث المكاتب، والمنازل والفيلات، وعلى أثر هذه الأعمال ابتكرت فكرة النحت على الحديد، الذي قدم لي التسهيلات في توفير الأدوات والوسائل اللازمة من ورشات عمل وملحمة حديد، فابتدأتها كهواية، إلا أن الإبداع والتشجيع حملاني إلى آفاق الشهرة والنجاح طامحاً في سماء المتميزين.

ما يميز "الشيخ علي" أنه يمتلك نظرة مختلفة عن باقي النحاتين بمادة الحديد، لأن من الشائع عن نحت الحديد هو الصب والقوالب، بينما النحات "نضال" يقوم بتكوينات من الجزء للكل وهي عملية صعبة وجديدة؛ فقد حقق نجاحاً بنسبة 70% كرؤية فنية بمادة المعدن

أستقي أفكاري من مواقف أو حركة معينة، مثلاً لوجه حيوان ما من مشهد واقعي أو فيلم، فأنقل هذه الحركة بطريقة مميزة لأجعلها من مرحلة الصورة إلى مجسّم ثلاثي الأبعاد، وهذا العمل يحتاج إلى قوة ومهارة وإبداع فني، ولا تقف صلابة مادة الحديد عائقاً أمامي في تشكيل الأعمال التي تأخذ الطابع العاطفي».

أثناء العمل

وعن طبيعة الحديد الفنية وأسلوب تعامله معه يكمل "الشيخ علي": «إن نحت الحديد فيه صعوبة بالغة سواء من ناحية الوقت، أو من ناحية مادة الحديد نفسها باعتبارها مادة صلبة يصعب التعامل معها بسهولة، فعمليات معالجة هذه المادة تمكن من صناعة قضبان حديد سميكة وصغيرة تتراوح ما بين 2 و4سم، ولأنها مادة صلبة تستخدم معها عملية الإحماء أو عملية يدوية (الحراق) لإعطائها الشكل والحجم المطلوبين، فأسلوب العمل الحديدي يحتاج إلى مهارة لإعطاء تفاصيل العمل من حيث حجم تضاريسه أي أبعاده الثلاثية، ومن أولى المراحل للعمل أن يكون الفنان على معرفة بالعملية التشريحية حتى يظهر المجسم بالشكل المطلوب، وهذا العمل يحتاج أحياناً إلى إضافة قطع حديدية زائدة أي زرع قطع الحديد في المجسم، أما في المرحلة الثانية فيوضع أساس أو هيكل كبداية للعمل الفني ثم تأتي مرحلة بناء العمل، وهذا البناء يتكون بشكل عام من الحديد دون إدخال أي خامة أخرى، وتليها المرحلة الثالثة وهي مرحلة التفاصيل أو عملية الإكساء، أما المرحلة الأخيرة فهي عملية صقل العمل كاملاً لتعطي الرونق الأخير للمجسم».

ويضيف "الشيخ علي": «بدأت العمل باستخدام القطع المعدنية الصغيرة، حيث أقمت معرضي الأول في العاصمة "دمشق" ونال رواجاً كبيراً من الناحية الفنية كفكرة جديدة، ولأن المعدن شيء جديد على الساحة الفنية أحسست بدافع أكبر للمتابعة في نحته، وقد تلا هذا المعرض أربعة معارض أخرى في ناديي الأوركسترا و"هيشون" في محافظة "اللاذقية"، وكانت جميعها معارض مشتركة».

من أعماله

كما أبدى الفنان التشكيلي "عامر ديوب" رأيه بأعمال النحات "الشيخ علي"؛ إذ قال: «ما يميز "الشيخ علي" أنه يمتلك نظرة مختلفة عن باقي النحاتين بمادة الحديد، لأن من الشائع عن نحت الحديد هو الصب والقوالب، بينما النحات "نضال" يقوم بتكوينات من الجزء للكل وهي عملية صعبة وجديدة؛ فقد حقق نجاحاً بنسبة 70% كرؤية فنية بمادة المعدن».

بينما كان للفنان التشكيلي "عنتر حبيب" رأي مختلف عن أعمال "الشيخ علي"، يقول: «استطاع أن ينقل الحالة التي تمر بها مادة الحديد من الصلابة والصدأ والجمود إلى حالة خلق روح لهذه المادة، لكنه لم يستطع أن ينطلق بحرية أكثر ليصل مع هذا الكائن المعدني إلى علاقة قوية تحطم قيود صلابة هذا المعدن كما لو أنه يتعامل مع مادة الصلصال، فأنا أعلم أن هذا ما يطمح إليه النحات "نضال"، وأتمنى أن يصل إلى هذه المرحلة، بينما عندما أقف أمام أعماله أغوص بماهية العمل فأشعر بمادة الحديد تتنفس أمامي، ما يجعلني أقرأ الكثير عن هذا العمل عندما أطوف حوله، وهذا يحرضني لأحتضنه بصرياً لأراه دفعة واحدة، وأرى أن أعماله شبيهة بشخصيته من الصلابة والرجولة والروح العائمة الواضحة المسيطرة على الشكل العام».

الرقص الحديدي

طور النحات "نضال الشيخ علي" عمله من الديكور إلى تطوير مادة الحديد بطريقة فنية تشكل مجسمات ثلاثية الأبعاد من قطع حديدية صغيرة، لتكون مجسمات نحتية ضخمة معقدة، فضلاً عن استخدام أي مادة بسيطة مثل الصلصال أو الخشب.

يذكر أن النحات "نضال شيخ علي" من مواليد "اللاذقية"، عام 1971.