لكل شيء في هذه الحياة روح تحيا بها قد تكون معذبة أو هانئة، طيبة أو شريرة تتلون بألوان متعددة فنراها بالأبيض لون العرس والكفن، والأحمر لون الحب والموت، نراها في السماء راسمة قوس قزح لتعبر عن فرح الحرية المشبع بالطفولة، لكن أن تنتقل بنا الروح بين الدول كما لو كنا نمتطي "بساط الريح" في الأساطير فهذا ما لم يكن الكثير يتوقعه، فرقة "رمال" للفن الشعبي والرقص التعبيري نقلتنا عبر عرضها الراقص "أرواح" إلى بقاع مختلفة من العالم لنتعرف على قصص وحكايات من خلال لوحات رائعة من الرقص التعبيري جسدها "26" شاباً وفتاة على مسرح دار الأسد للثقافة باللاذقية يومي 9 و10آذار.

عن الحفل قالت المخرجة "غيداء محمد" لموقع eLatakia: «أردنا توجيه رسالة للأطفال من خلال الحفل، مضمونها تعليمي تثقيفي حيث يتابع الطفل اللوحات العالمية المقدمة بأسلوب شيق بعيد عن التعقيد ليصل إليه بسهولة ويسر، ولبُّ الموضوع أن "الأرواح" تتجول في العالم وتصور لنا حالات من أفراح الشعوب المختلفة، من خلال تقديم مجموعة من الأغاني والرقصات العالمية المشهورة كعينات عن البلدان التي تعتمدها فكانت روح "السفليانا" التي قدمت من خلال لوحة تراثية إسبانية، والروح الهندية والتي قدمت عبر لوحة شعبية من التراث الهندي، إضافة إلى اثنتي عشرة لوحة لتصل مجموعة اللوحات التعبيرية المقدمة أربع عشرة لوحة هي "الأشباح" وتجسد الصراع بين الأرواح الطيبة والشريرة، و"الفالس" اللوحة المقتبسة من قصة "سندريلا"، و"الشامية" المعبرة عن التراث الشامي، و"الأمل" اللوحة التي تعبر عن ألم انتظار المفقودين دون أمل، و"انتحار الحلم" وهي لوحة تعبر عن اصطدام أحلامنا بصخرة الواقع، ولوحتي "البريك دانس" و"الهيب هوب" وقدمتهما فرقة "ugarettm" التي تضم خمسة فتيان، تلتها روح "التشاتشا" والروح الهندية، وروح "أصدقاء الغابة"، ثم روح "السالسا"، وروح "الروك أند رول"، وروح "السفليانا" وكان مسك الختام بالروح السورية التي أردنا من خلالها توصيل رسالة أن الروح مهما جالت في العالم لا بد لها وأن تعود إلى الأرض السورية الطيبة التي يسكنها أناس طيبون».

سعدت اليوم بتقديم عدد من اللوحات التعبيرية الراقصة وأشعر وأنا أقدم الرقص التعبيري بأنني أصرخ بما يجول في داخلي دون كلام، وسأستمر في التعبير عما في داخلي ما دامت الروح تجري في عروقي وقلبي ينبض بالحياة

وتابعت المخرجة حديثها: «تعود أطفالنا على مشاهدة مسرحيات ومتابعة قصص معينة، واليوم أحببت تقديم شيء مختلف وجديد لهم وبطريقة معينة لإيصال معلومة عبر الحركات والرقص والأغنية وتجسيد "فن المبالغة في إظهار الحركة" لكون الروح ليست بحاجة للغة أو هوية لنتواصل معها أو نفهمها، وأضفت الخلفية المخصصة لكل روح فمثلاً وضعت قصر "تاج محل" خلفية للروح الهندية وسيبقى "تاج محل" راسخاً بذهن الطفل، بل وسيقوم بعملية بحث عما رأى، أي إن تفكيره لن يتوقف أو ينتهي مع نهاية العرض بل سيكون العرض نقطة انطلاقة للأطفال لإغناء فكرهم بما يفيدهم عن البلدان التي تابعوا رقصاتها التراثية».

المخرجة غيداء محمد مع بعض عناصر الفرقة

وطالبت "غيداء محمد" المجتمع ككل بعدم الاستهانة بفكر الطفل السوري القادر على استيعاب اللوحة التعبيرية بشكل جيد لما يمتلك من قدرات مذهلة، وتساءلت: «ألا يتابع طفلنا الرسوم المتحركة الصامتة ويتجاوب معها فرحاً وحزناً واللوحات التعبيرية كذلك يفهمها؟، لكن فقط علينا أن نعطيه الثقة بنفسه وسنرى منه الكثير خاصة في ظل التطور التكنولوجي الذي فتح الحدود بين دول العالم».

وعن الفترة التي استغرقها إنجاز العمل قالت: «بدأنا التحضير للعمل منذ خمسة أشهر بمدرسة "سهيل أبو الشملات" وبالتعاون مع فرع "شبيبة اللاذقية" الذي ساعدنا لإتمام الحفل، وكل ما عرض اليوم هو جهد شخصي يفتقر للدعم ونأمل من الجهات المعنية في "اللاذقية" رسمية وخاصة تبني الحركات الثقافية ودعمها للدور الذي تقدمه في تثقيف الطفل وتنمية موهبته».

الروح الهندية

ومن المشاركين بالحفل التقينا "نيرمين غانم" التي تتدرب مع فرقة "رمال" من عام ونصف وتلقى دعم ومساندة مدرستها "غيداء" وأسرتها، وعن مشاركتها قالت: «سعدت اليوم بتقديم عدد من اللوحات التعبيرية الراقصة وأشعر وأنا أقدم الرقص التعبيري بأنني أصرخ بما يجول في داخلي دون كلام، وسأستمر في التعبير عما في داخلي ما دامت الروح تجري في عروقي وقلبي ينبض بالحياة».

"فارس جاموس" شاب صغير انتسب للفرقة منذ سبعة أشهر، وعرض "أرواح" هو الأول له يقول: «شاركت بلوحتين هما أصدقاء الغابة واللوحة السورية، بصراحة لا أدري ما الذي جذبني إلى الرقص التعبيري ودفعني للمشاركة مع فرقة "رمال"؟، ربما كان الدافع الحاجة للتعبير عن أحاسيسي ومشاعري، أحاول تطوير موهبتي بمتابعة أخبار الرقص التعبيري عبر القنوات الفضائية».

روح الفلامنجو

الطفلة "رنيم حمود" عمرها عشر سنوات ومع ذلك كانت حاضرة في العرض بقوة بتقديمها دور الراوية أو "الحكواتي" ورغم أنها تدربت على الدور منذ شهر واحد فقط إلا أنها نالت إعجاب الجمهور الذي توقع لها أن تكون مذيعة ناجحة وعن مشاركتها قالت: «بالمصادفة قمت بدور الراوية ويعود ذلك لتأخري عن الالتحاق بتدريبات الفرقة وأسندت لي المخرجة الدور، ومواجهة الجمهور لتقديم اللوحات أربع عشرة مرة ليست بالأمر السهل، لا أخفي أنني كنت مضطربة بعض الشيء لكن الآنسة "غيداء" وزملائي في الفرقة شجعوني ونلت رضا الحضور، وشعرت خلال تقديمي بأنني أمثل دور "الحكواتي" في أحد المسلسلات الشعبية أقرب اللوحات لي كانت اللوحة السورية».

"عماد الحايك" المدير الإداري لفرقة "رمال" قال: «عناصر الفرقة هم طلبة مدارس ابتدائية وإعدادية تقوم المخرجة بتدريبهم وإيصال المعلومات إليهم بشكل علمي مدروس رغم اختلاف أعمارهم، والتدريب يتم في مدرسة بالتعاون مع فرع الشبيبة، أهم الصعوبات التي تواجهنا هي الروتين القاتل الذي نواجهه خلال حجز الصالات والمسارح إضافة للصعوبة المادية وللعلم نقوم بالصرف على الفرقة وتجهيزاتها من جيوبنا وبدعم المقربين من الفرقة».

يذكر أن المخرجة "غيداء محمد" أسست فرقة "رمال" قبل عامين وتضم الفرقة "30" طفلاً وطفلة تتراوح أعماهم ما بين "8-14" سنة، المخرجة "غيداء محمد" حاصلة على بكالوريوس تربية رياضية وهي مصممة تشكيلات أرضية لمهرجان "المحبة" و"سوار الشام" وسبق لها المشاركة بعدة ورشات عمل في المسرح القومي للرقص المعاصر ولها مشاركات في المسرح الجامعي والقومي كمصممة للرقصات المسرحية، ومع "رمال" أخرجت عملين هما "صراع الأزل" و"أرواح".