من المعروف في علم الآثار أنه حين يتم العثور على مدافن أثرية فإن هذا الإكتشاف يأخذ إهتمام كبير جداً من قبل المنقبين والباحثين والسبب هو إمكانية التعرف على الكثير من عادات وتقاليد الحضارات القديمة التي كانت تمارسها بدفن موتاها،

ومن أهم المدافن التي تم إكتشافها في المنطقة مدافن الجبيبات في مدينة جبلة، للتعرف على أشكالها وما تم العثورعليه بداخلها قدم الباحث والأستاذ مسعود بدوي رئيس شعبة التنقيب في دائرة آثار جبلة محاضرة عنها في مقر جمعية عاديات جبلة، الأستاذ بدوي أشار في محاضرته إلى أنه تم إكتشاف المدافن عام 2005 على بعد (150م) شمال مدرسة سعد بن أبي وقاص أثناء حفر أساسات بناء سكني فقامت دائرة الأثار بالتنقيب حيث بدأت المدافن تظهر الواحد تلو الآخر من خلال تنظيف طبقة السطح الطبيعي في الأرض المخصصة للبناء، ثم تم الكشف عن فتحة ضمن مدفن جماعي يؤدي إلى مدفن آخر ليتبين وجود (42) قبر فردي وسبعة قبور جماعية تمتد على كامل شاطئ مدينة جبلة، عن شكل واتجاهات المدافن أوضح الأستاذ بدوي بأنها متوضعة بشكل منتظم وتأخذ إتجاه شرق غرب أما القبور الفردية فإن مسقطها يأخذ شكل مستطيل باتجاه شرق غرب وكانت بعض القبور مغطاة بشطائح من الحجر الرملي المقطوع بشكل جيد، أما المدافن الجماعية فكانت محفورة بالصخر ولا تحمل أية عناصر زخرفية، لها مداخل مستطيلة الشكل لكن المدخل الرئيسي يأخذ شكل بئر له درج يؤدي إلى بهو مربع الشكل ينفتح على عدد من المعازب (المكان المخصص للدفن) أو قبور محفورة ضمن طبقة الصخر، وبالنسبة للقى الأثرية التي وجدت بالمدافن قال الأستاذ بدوي: "إن المدافن تعرضت في عصور ماضية للتخريب والنهب لكنها أمدتنا بعدد لا بأس به من الأثاث الجنائزي مثل السرج الفخارية المصنوعة بالقالب تعود للعصرين الهلينستي والروماني بعض منها مزين بمشاهد ميثيولوجية ومشاهد من الحياة اليومية، بالإضافة لصور بعض الحيوانات، أيضاً تم العثور على قوارير فخارية كانت تستخدم للعطور، مجموعة من رؤوس المغازل، بعض النقود والمشابك المصنوعة من العظم، وعقد مؤلف من بعض الخرزات المصنوعة من الزجاج والفضة والعقيق،إضافة إلى ختم من العقيق ودمية فخارية للربة عشتار، وختمين أحدهما من الزجاج والآخر من حجر الستياتيت، وإناء من الفخار الأجوف على شكل حصان.

بنهاية المحاضرة التقى موقع elatakia بالباحث مسعود بدوي فسألناه عن أهمية المدافن و العصور التي تعود إليها هذه اللقى الأثرية فأجاب: بأن هذا الإكتشاف مهم فهذه المدافن تعود للعصر الهلينستي لكن أعيد أستخدام بعض المدافن الجماعية في العصر الروماني لذلك فاللقى متنوعة المصدر فالسرج مثلاً مصدرها اليونان- قبرص- إنسوس في إيطاليا وبعضها يحمل النموذج السوري والفلسطيني، بينما القوارير والبكايات تعود للعصر الروماني، أما ختم العقيق وجد عليه كتابة مؤابية ويعود لنهاية القرن الثامن قبل الميلاد، بينما دمية الربة عشتار تعود للقرن الخامس قبل الميلاد لذلك فهذا التنوع الكبير في اللقى الأثرية المكتشفة يدل على الغنى الجنائزي الذي تتميز به وما زالت الدراسة مستمرة بالنسبة للقى الأخرى.

جانب من الحضور
مدافن الجبيبات الأثرية
مدخل المدافن